Monday 27th September, 1999 G No. 9860جريدة الجزيرة الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9860


قرار مجلس الوزراء رقم 50 بين التنظير والتفعيل
الدكتور / مفرح بن سعد الحقباني

وافق مجلس الوزراء بقراره رقم 50 وتاريخ 21/4/1415ه على التوصيات الواردة في محضر مجلس القوى العاملة الذي ناقش موضوع احلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية في منشآت القطاع الخاص, ولقد استبشر المواطنون خيرا بقرب انفراج الأزمة العمالية التي بدأت تؤرق الشباب السعودي الذي بات يلهث دون جدوى وراء سراب فرص العمل في القطاعين العام والخاص, إلا ان المتابع يلاحظ ان قرار مجلس الوزراء الموقر لم يجد له قاعدة تطبيقية حتى الآن، حيث لا زالت فرص العمل حكرا على العمالة الاجنبية ولازالت اعداد العمالة الاجنبية تتضاعف وتتزايد عاما بعد آخر، مما زاد من معاناة الشباب السعودي وافقدهم الأمل خاصة وهو يرى القرار الذي صدر عن أعلى سلطة تشريعية في البلد يراوح مكانه نظريا وتطبيقيا, السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الخصوص هو لماذا لم يتم الالتزام بما جاء في القرار المذكور؟ وهل كان القرار سابقا لأوانه حتى يظل حبيس الاطار النظري البحت؟ للإجابة على هذه التساؤلات نجد ان من المفيد ان نستعرض التوصيات الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 50 لنتعرف على الأسباب الظاهرة وراء التباطؤ في التطبيق وذلك على النحو التالي:
أولا: التوصيات الواردة في القرار رقم 50 :
تضمن القرار المذكور العديد من التوصيات التي تستهدف التسريع بعملية السعودة في اطار اقتصادي واجتماعي مناسب ومن أهم هذه التوصيات الآتي:
1- ان تقوم جميع المنشآت، أيا كان عدد العاملين بها، بالعمل على استقطاب المواطنين وتوظيفهم وتوفير وسائل استمرارهم في العمل لديها.
2- إلزام كل منشأة تستخدم عشرين شخصا فأكثر بزيادة العمالة السعودية لديها بما لا يقل عن 5% من مجموع عمالتها سنويا.
3- يتم تعديل النسبة المشار اليها أعلاه وفقا لما يتوفر من أيد عاملة وطنية حسب طبيعة وظروف العمل ونسبة العمالة السعودية وذلك بالنسبة لأي منشأة أو نشاط أو منطقة.
4- على المنشآت في تحقيقها لتلك النسبة توظيف القوى العاملة الوطنية من مختلف الفئات المهنية.
5- إلزام المنشآت بعدم استخدام غير السعوديين للعمل في وحدات التوظيف وفي وظائف مسؤولي التوظيف ووظائف الاستقبال والمعقبين ومراجعي الادارات وأمناء الصناديق ووظائف الحراسة الأمنية المدنية.
6- ان تجازى كل منشأة تخالف الأحكام المتقدمة بكل أو بعض الجزاءات التالية:
أ- وقف الموافقة على طلبات الاستقدام التي تقدم منها.
ب- وقف طلبات نقل الكفالة أو تجديد الاقامة للعاملين لديها.
ت- الحرمان من الدخول في المناقصات الحكومية.
ث- الحرمان من القروض.
ج- الحرمان من الاعانات التي تقدمها الحكومة للقطاع الخاص.
7- تشكل لجنة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية برئاسة وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لشؤون العمل أو من يفوضه ومندوبين من وزارات: الداخلية، التجارة، والصناعة والكهرباء، وذلك للنظر في كل ما يتعلق بتنفيذ هذا القرار, وعلى الأخص ما يلي:
أ- اقتراح الجزاء أو الجزاءات التي توقع على المخالف.
ب- بحث تعديل نسبة العمالة السعودية التي تزداد سنويا والتوصية بالنسبة التي تقترحها ويصدر التعديل بقرار من وزير العمل.
ت- بحث اضافة الوظائف والمهن الجديدة التي يحظر على غير السعوديين شغلها والتوصية بما تراه، ويتم تحديد هذه المهن والوظائف بقرار من وزير العمل.
ث- وضع خطة اعلامية لمواكبة تنفيذ هذا القرار بالتنسيق مع وزارة الاعلام.
ج- تقويم نتائج تنفيذ هذا القرار كل سنتين على ان يشارك في هذا التقويم مندوب من وزارة التخطيط والامانة العامة لمجلس القوى العاملة ويقوم وزير العمل برفع ما تتوصل اليه اللجنة الى صاحب السمو الملكي رئيس مجلس القوى العاملة.
- أي اختصاصات اخرى يرى وزير العمل اضافتها.
ثانيا: الخصائص الأساسية للقرار:
يلاحظ من خلال النظر الى الفقرات الواردة في قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 50 الآتي:
1- انه يكتسب قوة الزامية عالية نتيجة لصدوره عن أعلى سلطة في البلد.
2- انه يتسم بالديناميكية اللازمة لمعالجة ومواكبة التغيرات الهيكلية في سوق العمل حيث أتاح الفرصة لتعديل النسبة وفقا لما تقتضيه الحاحة وتمليه الضرورة.
3- انه قد تناول مشكلة احلال العمالة السعودية محل العمالة الاجنبية في الآجال الثلاثة حيث نص على ان النسبة 5% تنطبق فقط على الفرص التي لا يمكن احلالها في الأجل القصير مشيرا الى ضرورة تحقيق الاحلال الكامل لجميع الفرص الواردة في التوصية رقم 5 وما يضاف اليها من فرص جديدة حسبما تتوصل اليه اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ القرار كما ورد في الفقرة ج من التوصية رقم 7 .
4- ان القرار قد القى بالمسؤولية على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بشكل عام وعلى وزير العمل بشكل خاص بمتابعة تنفيذ القرار واعطى تبعا لذلك الصلاحيات الكاملة في التعديل على القرار وفقا لما يستجد على الواقع العمالي في سوق العمل السعودي.
5- ان القرار قد اشتمل على آلية مناسبة للتطبيق بما اشتمل عليه من مرونة مناسبة ومسؤولية محددة وجزاءات صارمة.
6- ان القرار بتحديده للنسبة 5% قد جاء بأقل ما يمكن ان يكون حتى يكتسب قوة تطبيقية مناسبة لتحقيق المصلحة العامة دون الاضرار بالمصالح الخاصة للمستثمرين.
ثالثا: لماذا لم يتم التقيد بما جاء في القرار؟
على الرغم من صغر حجم النسبة المطلوبة للسعودة إلا اننا نلاحظ ان القرار المذكور لم يجد له مجالا تطبيقيا على أرض الواقع, وهنا يمكن طرح بعض الاسباب التي ساهمت وبشكل فاعل في تدني النسبة وابتعادها عما نص عليه قرار مجلس الوزراء وذلك على النحو التالي:
1- سياسة الاستقدام المفتوحة التي ساهمت في زيادة العمالة الاجنبية مما أدى الى ارتفاع حدة المنافسة على الفرص العمل المتاحة.
2- عدم قيام الجهات المعنية بمتابعة تنفيذ القرار بواجبها في هذا الخصوص خاصة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حيث يتضح من خلال التساؤلات التالية ان متطلبات التنفيذ لا تزال معطلة: فهل تم حصر الوظائف الواردة في التوصية رقم 5 على العمالة السعودية أم أنها لا تزال مشغولة بالعمالة الاجنبية؟ هل تم تفعيل الجزاءات الواردة في التوصية رقم 6 أم أنها لا تزال معطلة؟ هل تم تكوين قاعدة معلومات مركزية عن فرص العمل في سوق العمل السعودي حتى يتم التعرف على الفرص المتاحة والمشغولة بالعمالة الاجنبية مما يسهل من عملية المتابعة والمراقبة اللازمة لتنفيذ القرار أم ان الموجود في سوق العمل السعودي لا يزال مجهولا؟ هل تم تكوين قاعدة معلومات مركزية عن طالبي العمل وأرباب العمل حتى يسهل التنسيق بين عناصر الطلب وعناصر العرض؟ هل تم تعديل المهن والوظائف التي يحظر على غير السعوديين شغلها أم أنها لا تزال كما هي في التوصية رقم 5 التي لا تزال هي الأخرى معطلة؟ هل تم تقويم نتائج تنفيذ القرار بعد مرور سنتين وهل تم اتخاذ التدابير اللازمة لازالة العوائق الادارية والتطبيقية التي حالت دون تحقيق التنفيذ الكامل للقرار؟.
3- عدم تفعيل الفقرةرقم د من التوصية رقم 7 حيث لا يزال الاعلام بوسائله المختلفة بعيدا كل البعد عن كشف أهمية هذا القرار لمستقبل الوطن الاقتصادي والاجتماعي والفكري والأمني والسياسي ولا يزال الاعلام بعيدا كل البعد عن كشف مخاطر الواقع العمالي على أمننا الاقتصادي والأمني.
4- ما تولد لدى الجميع من عدم وجود الجدية في التطبيق مما زاد من تعقيد المشكلة وقوى من نفوذ المستفيدين.
رابعا: ما هو المطلوب ,, ؟
إذا كان القرار قد صدر قبل حوالي خمسة أعوام بدواعي الحاجة الماسة لعمل ما يمكن لتصحيح الأوضاع في سوق العمل السعودي، فإن الحاجة قد اصبحت في هذا الوقت أكثر إلحاحا خاصة مع تزايد اعداد من هم في سن العمل وطالبي العمل من الشباب السعودي, وبالتالي فإن الجهات المعنية سواء في مجلس الوزراء أم في الوزارات المعنية بمتابعة التنفيذ مطالبة بتفويت الفرصة على المستفيدين وبخلق بيئة جادة وجديدة لتطبيق ما جاء في القرار, كما اننا مطالبون باعادة النظر في سياسة استقدام العمالة الاجنبية التي اعتقد انها في الوقت الحاضر لا تخضع لضوابط مقنعة ومنطقية حيث يجب تقنين هذه السياسة وتوحيد مصادرها حتى يمكن التحكم فيها بالشكل الذي يخدم متطلباتنا التنموية ولا يؤثر سلبا على ركائزنا الأساسية.
الجميع على يقين بأنه لم يعد في الوقت متسع لمجاملة المقصرين خاصة عندما يكون ذلك في مجال السعودة الذي اضحى أحد أهم المحاور المحلية التي تشغل بال الجميع مما يعني ضرورة العمل على تفعيل الرقابة ومبدأ العقاب الذي ربما يكون مطلبا ضروريا ووحيدا لردع المخالفين.
اشارة:
هنالك العديد من المهتمين الذين يلقون بالمسؤولية على القطاع الخاص لعدم مبادرته لسعودة فرص العمل المتاحة لديه ولهؤلاء نقول بأن القطاع الخاص الرشيد الذي يسعى الى تعظيم ربحه سوف يختار عناصر الانتاج ذات التكلفة الأقل والانتاجية الأعلى بغض النظر عن جنسية العنصر, وبالتالي فإنه يجب علينا إذا اردنا ان نسرع بعملية السعودة ألا نتيح الفرصة للقطاع الخاص ليختار بين عنصر العمل المحلي وعنصر العمل الاجنبي مما سيدفعه الى دراسة الجدوى الاقتصادية لمشاريعه الاستثمارية آخذا في الاعتبار عنصر العمل السعودي فقط.
*أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved