Monday 27th September, 1999 G No. 9860جريدة الجزيرة الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9860


وجهة نظر
قراءة المستقبل
د, محمد بن يحيى اليماني

تتسم الخطط والاستراتيجيات والبرامج الاقتصادية الجيدة باحتوائها على آلية تمكنها من التنبؤ والتعامل مع المستقبل بناء على المعطيات الراهنة والحوادث السابقة, ولاشك ان وجود هذه الالية ضروري لتحقيق الاستفادة من هذه الامور ولتجنب الاقتصاد الصدمات عندما يكون عرضة لهزات غير متوقعة, وهذه الالية تمكن من وضع عدة تصورات لما يمكن ان يكون عليه المستقبل وفقاً لمعطيات وافتراضات معينة ومن ثم وضع الخيارات الممكنة للقرارات ذات العلاقة الامر الذي يجعل المجتمع يسير بهدوء وبسلاسة معقولة حتى في ظل وجود المطبات والعقبات المختلفة, على ان ذلك لايعني بحال من الاحوال امكانية التنبؤ بالمستقبل بشكل كامل ودقيق فاحتمال الخطأ وارد والحوادث والمتغيرات والظروف ليست متماثلة تماماً بل هي تتغير تبعاً لتغير المكان والزمان، والحوادث التي لايمكن توقعها او التنبؤ بها واردة جدا في ظل عالم اقتصادي شديد الحساسية للكثير من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها, ولذا فإن الحكم على مصداقية ودقة هذه التوقعات لايتم من خلال حوادث محدودة لم تتمكن من التعامل معها بشكل مناسب, كما ان الحكم على مصداقية التوقعات ودقتها من عدمها يتم من خلال اخذ الحالة بشكل كامل بجميع ظروفها وملابساتها وفرضياتها, فلايمكن تخطئة من يقول بان اسعار النفط ستظل مرتفعة خلال العام القادم اذا التزمت الدول المصدرة للنفط بالاتفاقيات التي وقعتها فيما لو انخفضت اسعار النفط في العام القادم بسبب عدم الالتزام بالاتفاقيات لان التوقع ببقاء الاسعار مرتفعة مشروط بالالتزام.
والرؤية الواضحة للمستقبل تستدعي توافر مجموعة من المعلومات والبيانات التي تعكس الواقع بدقة وان تكون متاحة بسهولة لمن يرغب في الاستفادة منها، كما تستدعي ايضاً وجود اشخاص قادرين على قراءة الكثير من الحوادث والتغيرات الاقتصادية وغير الاقتصادية ذات العلاقة قراءة تتيح استخلاص الاسباب والنتائج وتمكن من تقييم الحلول والسياسات التي اتبعت والمفاضلة بين البدائل والخيارات المتاحة, كما ان المعرفة والاطلاع على تجارب المجتمعات الاخرى امر مهم في هذا الجانب تعين على رسم صورة واضحة للمستقبل، وربما ساعد الخيال المبني على اسس علمية ومنطقية بعيدة عن العاطفة في رسم هذه الصورة.
وتساعد رؤية المستقبل على اتخاذ قرارات بعيدة عن الارتجال وعن ردود الافعال لما يحدث وعلى تجنب مواطن الخلل قدر الامكان واخذ الاحتياطات اللازمة للازمات قبل حدوثها, ومن الامور التي تنشأ عن اهمال القراءة الصحيحة لمايمكن ان يحدث مستقبلاً ان الشخص قد يستغرب حدوث اشياء معينة ولو دقق النظر لوجد انها نتائج طبيعية لممارسات سابقة فالامر لايعدو ان يكون أسباباً ونتائج فما عملناه في الماضي نحصده اليوم ونحصد مستقبلاً مانغرس في حاضرنا.
*قسم الاقتصاد الإسلامي - جامعة الإمام محمد بن سعود

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved