Monday 27th September, 1999 G No. 9860جريدة الجزيرة الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9860


الرئة الثالثة
همُّنا الثقافي: إلى أين؟!
2-2

رابعاً: اجد في نفسي ميلاً صوب الرأي القائل بضرورة توحيد الجهود الثقافية المبعثرة تحت مظلة واحدة، ولتكن هذه المظلة مجلسا اعلى للثقافة يجمع في تشكيله بين صولجان السلطة، واريحية الاختصاص، ليُخرج الثقافة من حالة العقم الذي تعيشه، وليكون لها أباً وراعياً ومرشداً ذا مفهوم عقلاني وفؤاد متسامح ورؤية بصيرة، وتكون مهمة هذا المجلس الاشراف والتنسيق والمتابعة لكل الجهود المتعلقة بالهم الثقافي، نثراً وشعراً وصحافة واذاعة وتلفازاً ومسرحاً وفنوناً تشكيلية وشعبية، ومواسم ثقافية.
***
غير انني اتمنى، في الوقت ذاته، الا يكون هذا المجلس شرطي مرور لا يتجاوز دوره اضاءة الاشارات الحمراء والخضراء امام حركة العبور الثقافي، أو أن يكون حكماً متزمتاً يخضع الهم الثقافي لحكم مسبق يستند الى فرضية تقول ان كل عمل ثقافي مشكوك فيه حتى يثبت العكس، او ان يكون جلّاداً قاسياً لا يفرق بين الردع والجزاء، ولا بين الشفقة والثواب!
خامساً: اذا قبلنا جدلا بالفرضيات والاماني المشار اليها في اولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً اعلاه، فانه يمكن ان نشير الى نقاط اكثر تحديدا في منظومة العمل الثقافي، ازعم انها ستسهم في دفع الركب الثقافي الى آفاق اكثر وعداً، واغدق عطاءً، وأندى نتيجة، وفي الوقت نفسه، ستوفر حدّاً أدنى من الابداع الذي ارى جازما بان اقترانه بالثقافة ضرورة لا ترف.
وأقترح في هذا السياق ما يلي:
اولاً: اعادة النظر في النظام الحالي للمطبوعات، بما يمنح مدخلات الثقافة ومخرجاتها، مرونة اكثر في الحركة والتعبير.
ثانياً: اعادة النظر في نظام المؤسسات الصحفية على نحو يخفف من غَلَبة التجارة على ادائها، ويحررها تدريجيا من هيمنة الاعلان ، ويجعل القائمين عليها اكثر تمثيلا لموارد الثقافة، لا لرؤوس الاموال واصحابها!
ثالثاً: ان يقترن تطوير المؤسسات الصحفية بفكرة مَهنَنَة العمل الصحفي تقوم على ثلاثة محاور:
أ - ان يكون الاحتراف للعمل الصحفي قائما على باع من التأهيل والقدرة، وليس على ملَكَة فك الحرف ، كما هو المشاهد في بعض الحالات.
ب - ان يكون لهذا العمل مردود مادي يضمن لمحترفه حداً ادنى من الاستقرار والرضا، فينصرف اليه، لا عنه، ويخلص له الجهد والظن والولاء.
ج - ان يؤطّر العمل الصحفي بقواعد من الضوابط والحوافز بما يحفظ للمهنة كرامتها، ويحميها من ادعياء الحرف والمتطفلين عليه.
***
رابعاً: اتمنى من الاعماق وجود مجلة متخصصة رصينة للآداب والفنون تُنشأ بمبادرة خاصة، وتمنح ازراً ودعماً مادياً معنوياً من الدولة، تعنى بنشر انتاجنا الثقافي شعراً ونثراً ونقداً، وقصة ومسرحاً، ويقترن ذلك بعائد مادي سخي على المشاركين.
خامساً: اتمنى ان نستثمر مهرجان الجنادرية السنوي على نحوٍ يقوّي مردوده الثقافي ويضاعف رصيدنا من مخرجات الثقافات الاخرى، واعني بذلك ما يتصل برموز الثقافة العالمية الذين يستضيفهم المهرجان سنوياً، ليكون للمثقفين من اهل هذه البلاد مجال ارحب للالتقاء بهم,, والاستفادة من تجاربهم، على ان تشارك في ذلك اجهزة الاعلام، مسموعةً ومقروءةً في محاولة لتجسير الفجوة بين مثقفي هذه البلاد والقادمين اليها ضيوفاً على المهرجان.
***
سادساً: اتمنى ان نعمق فكرة الخروج بثقافتنا، مسموعةً، مقروءةً ومرئية الى خارج الحدود، كي يتعرف الآخرون على هُويّتنا وادائنا الثقافي، وان نستفيد من تجارب اولئك الآخرين، وان تقترن هذه الخطوة بتوجه عكسي الاتجاه يمنحنا فرصة الاحتكاك بموارد الثقافة لدى الآخرين، أدباً ومسرحاً وفناً تشكيلياً وغير ذلك.
واختم هذا الحديث بالتأكيد على ما يلي:
حتمية الحاجة لضخ الدماء الجديدة في شرايين الثقافة، وهذا امر تفرضه ضرورة التنمية الثقافية، وتؤكده الحاجة الراهنة لاكتشاف المواهب الواعدة وتشجيعها، بمنحها فرص التعبير، بدلاً من ان تبقى اوعية الثقافة ومخرجاتها حكراً على فئات او افراد معدودين، فليس الابداع وقفا على احد دون آخر، وليس للثقافة منتهىً يصهر الابداع ويئد المبدعين!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved