حتى الآن لا أجد اي قصة أو حادثة سعودية تتصل بباصات النقل الجماعي,, وحتى عندما تطالع الصحف المحلية لا تجد أي أحداث او مشاكل او اخبار تتصل بهذه الباصات التي تجوب المدينة,, فهي موجودة وغير موجودة، لأنها تقل غير السعوديين من العمال ومن في حكمهم, واذا كان هناك باصات نقل جماعي تثير اهتمامنا فهي تلك الباصات المنتهية الصلاحية التي يقودها سعوديون بصورة فردية، وهذه لها صلة قوية بنا لأن سائقيها يقودونها بطريقة تفرض على الجميع الإذعان التام لهم، اما ما يدور في داخلها فلا علاقة للسعوديين به, فمشاكلها تنحصر بين سائقيها وبين المرور, ومن الواضح ان النقل الجماعي عجز عن ان يكون ضمن امتدادات المجتمع, بينما لو قرأنا أدبيات شعوب كثيرة فإننا سنجد ان الباص مكان تفاعل اجتماعي ضمن الأمكنة المهمة الأخرى ورفض ركوب الباص يمكن رده بسهولة الى ان السعوديين في معظمهم يملكون سيارات خاصة وبذلك لا يحتاجون الى التزاحم مع الغير, كما ان الباصات غير مكيفة وهناك سبب أراه من أهم الأسباب وراء العزوف عن ركوب النقل الجماعي وهو قيم العزلة التي تفشت في المجتمع في العشرين سنة الماضية.
في البداية صممت الباصات على أساس ان جزءا منها سيكون للنساء (أي أنها صممت للسعوديين فعلا) وبالفعل بدأنا نشاهد نساءً في اقسامهن الخاصة مثل زنوج امريكا في الثلاثينات من هذا القرن ولكن يبدو ان اتجاه حركة المرأة الاجتماعي ألغى فكرة قسم النساء لتتعزز بالمقابل فكرة السائق الأجنبي للمرأة السعودية، فلو قارنّا بين ركوب النقل الجماعي بالنسبة للمرأة وبين السائق الأجنبي فسنلاحظ غلبة فوائد السائق الأجنبي.
فالسائق الأجنبي لا يقوم بعملية التوصيل والنقل فقط كما يفعل الباص ولكنه يقوم بأعمال كثيرة لا يمكن ان تقوم بها المرأة بنفسها في المملكة.
فالسائق الأجنبي ينفذ عمليات الشراء والبيع ويتفاوض نيابة عنها ويسبغ على حركتها هيبة الرجل التي تحتاجها المرأة في المملكة.
لذا فلا يعرف احد حتى الآن ما الذي يدور في داخل الباصات وما طبيعة الحياة التي شكّلها مجتمعها الذي يستفيد منها, أظن اننا امام عالم مجهول ومثير,, وقد فكرت عدة مرات ان أركب النقل الجماعي لأستمتع بشيء إنساني لا يعرف عنه احد اطلاقا, والذي يغريني هو العزلة التامة التي يعيشها مجتمع ركاب هذه الباصات، فهؤلاء حتما شكلوا مجتمعا متفاعلا يستحق الاطلاع عليه والاستمتاع به, فالليموزين على سبيل المثال وهو ابن عم باصات النقل الجماعي يوفر لنا قصصا كثيرة وإشاعات، لأن هناك ثقبا نطل منه على حركته,.
واذا قُدّر ونفذت رغبتي فإنني أعد القارىء بأن اشاركه فيها بقدر ما تسمح به حدود النشر.
لمراسلة الكاتب.
YARA2222*HOTMAIL.COM
|