عزيزتي الجزيرة
في مساء احد الايام سمعت جرس الهاتف ومن رناته توقعت ان المكالمة من بلدي العزيز فرفعت السماعة على عجل واذا به صاحبي ذيب فعاجلته بالتحية بأسرع ما يكن حتى اكون ذيبا في سلوكي وتعاملي مع الرجال وحتى لا يعتبرني صديقي ذيب غير ذلك!!,, فبادلني التحية بمثلها او احسن منها وهو يتأفف وكأن في الامر شيئاً يضايقه لدرجة كبيرة,, فقلت له: ماهذا يا اخ ذيب ولماذا هذا التضايق وانت في بداية حياتك العملية فيجب ان تكون اكثر تفاؤلاً وماهي آخر اخبارك وما نتيجة بحثك عن العمل؟
فقال: يا اخي الم اقل لك بأنني لا ارغب في سماع هذا الاسم القديم فلم تردده في كل مرة اتود تعكير دمي ومزاجي اكثر مما هو قائم؟!!
فقلت له: اسف يا اخي ولكنني تعودت على اسمك ولن استطيع نسيانه بهذه البساطة وياليتك تعذرني وتسمح لي بان استمر في استخدام اسمكم ذيب، كما ان هذا الاسم يعطي انطباعا بالفطنة والرجولة وحسن التصرف اليس كذلك؟! فضحك ذيب كعلامة للرضاء والقناعة وهو يقول حقا انك قديم ومن بين القدماء ولن يناسبك الا القديم فسوف اتركك على وضعك العتيق.
فقلت له: اشكرك يا اخ ذيب على ذلك وعلى احترامك لعتاقتي وقدمي ولكنك قد انسيتنا موضوعك الرئيسي فهل وجدت عملا ان شاء الله؟
فقال: لا ليس بهذه السرعة ولا تستعجل الامور لهذه الدرجة ولكنني قد اكتشفت انني اجهل الكثير من الامور لدرجة مخجلة، فهل تصدق ان جهة من الجهات الحكومية قد عرضت عليّ ان يتم تعييني بوظيفة يسمونها مستخدم ففرحت فرحا غير طبيعي لدرجة انني قد قفزت من على طاولة المدير العام الفاخرة ولكنه قد قابل فرحتي المتعثرة ببرود وبضحكات وغمزات مع من كان حوله لدرجة ان الشك قد ساورني فيما قلته لهم وفي قدراتي وامكاناتي العقلية.
فقلت للمدير العام: ما هذا يا سعادة المدير العام فهل وقع مني خطأ في امر ولم انتبه له؟ وعلى كل حال آسف لما حدث وامل ايضاحه حتى لا يتكرر مني في مواقف اخرى.
فقال المدير العام: يظهر انك طيب وعلى نياتك وطبيعتك الى درجة انك لم تتعرف على الفرق بين مستخدم وموظف الى يومنا هذا.
فقلت له: وما الفرق بين المستخدم والموظف؟ فأصدقك القول بأنني لا اهتم بالمسميات مادام انني سوف اعمل في مجال تخصصي واستلم الراتب الملائم لمؤهلي.
فضحك المدير مرة اخرى ثم قال: يا اخي لا لن يتحقق لك من هذه الوظيفة لا هذا ولا ذاك فوظيفة مستخدم يتم التعيين عليها- في الغالب- ممن لا يحمل مؤهلاً وسوف يعمل كسائق او مراسل او قهوجي او غيرها من اعمال الخدمات المساندة، كما ان هناك ثلاثة مراتب للمستخدمين هي 31 ومن ثم اعلى منها 32 ومن ثم 33 اما الموظف فوضعه مختلف وهو ما ينطبق عليك يا اخي بل انك تستحق مرتبة جيدة في السلم الوظيفي.
فقلت له: مع انني ارى ان كل الاعمال تكمل بعضها البعض وليس هناك اي فروقات بينها ولكنني متخرج بالماجستير في الحاسب الآلي فكيف يتم تعييني بوظيفة مستخدم؟!!فقال المدير العام: آسف يا اخي,, هذه هي الوظيفة الشاغرة حاليا وسوف يكون ذلك مؤقتاً ولكن ان قبلت بوظيفة مستخدم فعليك التوقيع والتعهد بانك توافق على تعيينك بوظيفة مستخدم وان تستلم مرتبها ولا تطالب بأي تعويض مستقبلي وسوف يتم تثبيتك على الوظيفة الملائمة لوضعك عندما تتوفر الوظيفة في التشكيلات الوظيفية القادمة!!
فقال ذيب: مادام ان الامر كذلك فدعني افكر لبعض الوقت واعود لك يوم غد بالنتيجة وودعته وبعد وصولي للمنزل اتصلت بك يا صديقي مباشرة.
فضحكت ثم قلت له: لا يا صاحبي لا انصحك بالموافقة على هذا الوضع فسوف تخسر الكثير فهناك فرق كبير بين الراتب الذي تستحقه وراتب مستخدم ولانك متخصص في مجال هام ويفترض ان يتم تعيينك بوظيفة مبرمج او معالج نظم او مدخل معلومات او غيرها من الوظائف المناسبة لك وان قبلت بالعمل في غير مجالك فسوف تعود جاهلا في تخصصك مع الوقت لأن تعديل وضعك لن يتم بهذه البساطة وسوف تستمر على امل لوقت سوف يطول!!!,, ولكني لم أفهم الى الآن سر تمسك الجهة المختصة بهذه التسمية غير المناسبة لهذه الوظيفة التي يطلقون عليها وظيفة مستخدم حيث لا اعتقد بمناسبة هذا المسمى من المنظور اللغوي او الاصطلاحي، وارى ضرورة حذفها من قواميس ونظام الخدمة المدنية بأسرع وقت ممكن وارى ان يطلق على هذه الوظائف وظيفة 31 او وظيفة 32 او وظيفة 33 كغيرها من الوظائف الاخرى من المرتبة الاولى الى الخامسة عشرة وما الداعي لان تقرن هذه الوظائف بمسمى مستخدم؟!
فقال صديقي ذيب: لقد ذكرتني ببعض التسميات غير المناسبة ومنها ما اتذكره الآن كأسماء كبارى عبور الماشية واهل البادية في طريق الرياض القصيم السريع فقد تم تسمية هذه الكباري معبر جمال والى الآن لم افهم سر هذه التسمية فهل غير مسموح لبقية الماشية بعبور هذه الكباري؟!! مع ان مثيلات هذه الكباري في طريق الرياض الدمام السريع يطلق عليها طريق صحراوي وهذه التسمية افضل من سابقتها من وجهة نظري.
فقلت له: يظهر ان المكالمة قد طالت اكثر من اللازم.
قال صاحبي ذيب: هذا صحيح فسعر الاتصال غال جداً مقارنة بسعر المكالمة من واشنطن الى الرياض وآمل الا تفهم ان في هذا اشارة بضرورة تحمل بعضها او ان عليك ان تتصل انت في المرة القادمة ولكنها مجرد خواطر واشكرك وآسف لازعاجك بهذا الاتصال واعذرني فانا احتاج لمساعدتك فانت عتيق وقديم قدم نظامي الخدمة المدنية والتقاعد.
فقلت له: اشكرك على هذا الاطراء المبطن بشيء من الحش!!,, وامل لك وللجميع كل توفيق وان تخبرنا في المرة القادمة عن العمل الذي وجدته ولابد ان يبقى الامل لنبقى معه,, والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل.
عبدالله بن إبراهيم المطرودي
واشنطن