Monday 4th October, 1999 G No. 9867جريدة الجزيرة الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9867


في زمن أصبح أبسط الأشياء فيه مشفراً
عودة الطيور,, لله درك كيف أتيت بالمعنى وبالنجوم ,, ؟

* نجران - علي الاحمد الظيريان
بالفعل فلله درها تلك الطيور المهاجرة كيف عادت بعد ان هاجرت من عشها الصغير الجميل حاملة في مخيلاتها احلاما كثيرة في الواحة الكبيرة لتكمل المسيرة البريئة التي بدأتها بعشها الصغير في القرية, وقبل ان اخوض في الكلمات عن المسلسل المحلي (عودة الطيور) الذي قام ببطولته نخبة كبيرة من الاسماء المحلية اللامعة والمواهب الشابة الطموحة التي وضعت لنفسها مكاناً محجوزاً بالأوكيه في الدراما واثبتت مدى قوة القاعدة لدينا من المواهب ليكملوا المسيرة الفنية التي بدأها عمالقة الفن السعودي ليتواصل العطاء الدرامي دون توقف, وعندما اشرنا في كتابات سابقة لحاجتنا الى التكثيف في تلك الاعمال المحلية وعدم الاكتفاء بتقديمها في شهر رمضان او انحصارها في المناسبات فقط.
فمن خلال هذا المسلسل الرائع (عودة الطيور) قدم لنا المخرج المتألق مجدي القاضي عملاً يفترض ان يخلد في قلب كل مواطن سعودي اقترن قلبه بعطاء شباب هذا البلد وكان قائداً لذلك السرب من الطيور المهاجرة اثناء هجرتها وعودتها واقامتها من جديد في ذلك العش الدافىء الكبير فشكراً ايها القاضي وشكراً للحكم الذي اصدرته لنا.
البداية وصورة أولى:
بدأ المسلسل من القرية تلك الارض الطيبة بأهلها وترابها والتي غيبتنا حياة المدينة عن صدقها وجمالها وطيبة واصالة اهلها.
وبدأت احداث المسلسل تعكس لنا صورة جميلة لحياة القرية تلك الحياة الجميلة التي رغم بساطتها ولكنها ملأت قلوبنا بطيبة اهلها والكفاح الذي يناضله ابناؤها من اجل حياة بسيطه فقدم لنا حمدان وهو الدور الذي قام به ممثلنا الرائع عبدالرحمن الخريجي صورة رائعة للاب المكافح الطيب الذي يعشق ارضه ولم تغره حياة المدينة وبالتالي هجرة تلك المزرعة التي يراها ويرعاها بايد حانية يصاحبه ابناؤه الاربعة الذين قدموا لنا صورة جميلة لكفاح الابناء مع والدهم تحت مظلة واحدة يظللهم رجال القرية الطيبون ببساطتهم وعفويتهم ومن خلفهم الام الحنونة ام محروس (مريم الغامدي) التي مازالت تقدم لنا المزيد من المشاركات المحلية الناجحة وقدمت لنا دور الام الصابرة المكافحة مع زوجها في الحفاظ على هذا الصرح من التئام الاسرة بتواصل يشير الى معان كبيرة جداً اختفت معالمها في هذا الزمن الرديء.
منعطف آخر وصورة ثانية
ولان الحضارة التي تعيشها المدينة لابد لها من التأثير ولان المغامرة احيانا قد تصطحب بالطموح والنظرة المستقبلية الحادة فقد اثر ذلك المهاجر من فترة طويلة من القرية والعودة لها بطموح ابن القرية ونظراً للتغيير الخارجي الذي قامت حضارة المدينة عليه وعلى مظهره الخارجي وتحسين معيشته مما ادى ذلك بالتفكير للابن (منصور) وهو الدور الكبير الذي قام به الممثل الرائع الحساوي والذي هاجر من القرية في ظروف صعبة ولكن كان الطموح والرغبة في بناء مستقبل واعد يعم خيرة عليه وعلى اهل القرية صمم في ليلة ظلماء دامسة مغادرة تلك المعشوقة (القرية) مهاجراً الى المدينة الى حلمه الكبير الذي حلم به طويلاً وماهي إلا ساعات ويجد نفسه في تلك المدينة الكبيرة التي تشهد بالتقدم الحضاري الذي نعيشه تاركاً من خلفه عائلته وقريته البسيطة مغيرا مساره الى عالم آخر جديد وغريب بالنسبة له متوكلاً على الله ثم ماحبي به من طموح وتفاؤل يغرس بهما خطواته الطويلة المتباعدة ليواجه الكثير من المصاعب والمتاعب حتى وجد غايته وضالته.
حياة المدينة- وصورة ثالثة
عندما هم ذلك المكافح بتثبيت اقدامه بتلك المدينة الحالمة بالنسبة له ولان العطاء والخير والمساعدة لكل محتاج ولانها صفة مثبتة في جذور هذه الارض الطيبة مهما اتسع عمرانها او وصل رجالها ولان اساسهم الطيب باق فيهم فما كان منه ذلك البسيط الذي يبحث عن ضالته إلا ويجد من يمد له يد العون ويعرفه على أعز اصدقائه (حسين) الذي قدم لنا صورته فناننا المميز والخبير علي ابراهيم حيث قدم لنا صورة من ابن البلد المكافح والذي كانت حياته في الاساس شبيهة بحياة منصور مما ادى بذلك الى الوقوف معه حتى وصل الى تحقيق اكثر من مما تمنى وحلم به لم تكن هناك صفة الانانية والاحتفاظ بالمنصب بقدر ماهو واجب عليه الوقوف الى جانب من اعتمد عليه بعد الله في حياته بالمدينة حتى وصل منصور الى العلو خطوة خطوة نحو مجد كان قد سبقه غيره من المكافحين لرفع رأس والده واثبات جدارته حيث قدم لنا صورة مشرفة ونصيحة في نفس الوقت لكل شاب تتوفر في بلاده كل المعطيات لتوفير كل طموحاته.
(الكفاح يستمر,, وصورة رابعة)
ولان الطموح صفة من صفات ابن القرية البسيط عزم الاخ الاصغر لمنصور محمد والذي قدم شخصيته الممثل المفاجأة (علي الزهراني) حيث ثبت اسمه بحروف من ذهب من خلال ماقدمه لنا كمشاهدين من اداء رائع ومميز فبروزه كابن قرية قدم فيه العفوية البسيطة لابن القرية والشاب المكافح مع ابيه واخوانه من خلال عطائهم في ذلك المنجم الذهب لهم (المزرعة) ذلك الكنز العظيم والذي كان يجمع اسرة متلاحمة للكسب الحلال رغم بساطته وما صاحب ذلك من صور عظيمة جميلة اتسمت بالاحترام المتبادل والحياة البسيطة التي كانت تجمعهم.
صلة الرحم وصورة خامسة
ولأن العبر مستمرة طيلة حلقات هذا المسلسل الرائع فقد قدم لنا الممثل محمد المنصور (محروس) اجمل الصور في بر الوالدين حيث اثر فينا جميعاً بادائه الرائع بالتمسك بالارض وتقديم كل الصور الرائعة لاحترام وحب الوالدين فشاهدنا محروس بطيبة ابن القرية ذلك المزارع البسيط وهو يضحي بزوجته من اجل عيون والديه وظل طيلة الحلقات يقدم لنا دروسا مجانية لاحترام وتقدير الاب والام وكيف يجب ان يكون فيه الابن بجانبهما طيلة العمر فهما الاساس وبدونهما تختفي معالم كثيرة في حياتنا فشكراً من القلب ايها المحروس على هذه العبر الرائعة والدروس المجانية في زمن اصبح ابسط اشيائه مشفرا,, !!!
المدينة مرة أخرى,,وصورة سادسة
واعود الى الخطوة التي عزم بها (محمد) على السفر الى المدينة وهو الدور الذي اجاد فيه كما اسلفنا الممثل المبدع والمفاجأة من خلال عودته الى التمثيل وهو الفنان المتجدد علي الزهراني حيث قدم لنا شخصية ابن القرية خاصة وابن البلد بصورة ومنهج ومسار مختلف عن اخيه (منصور) ابراهيم الحساوي حيث احتضنه صاحب السوبر ماركت ذلك الرجل الطيب الذي قدم دوره بكل تلقائية وعفوية دون اي اضافات خارجية وقد ابدع ممثلنا الكبير (علي المدفع) من خلال ادائه لهذه الشخصية بطيبته الزائدة ولانه وحيد ولم يخرج من هذه الدنيا الا بنته فقد استقبل ابنه الجديد محمد واحتضنه بكل عطف ابناء هذا البلد وماكان من ابن القرية الطموح الا تثبيت تلك الثقة الغالية وتقديم كل جهده ووقته لخدمة هذا الرجل الذي ساعده ووقف بجانبه في صورة رائعة لتماسك ابناء هذا الوطن وتحقق الامل وتحققت كل الطموحات لابن القرية الطيب ووسع من تجارة من وقف بجانبه وحول تلك البقالة الى سوبرماركت معتمداً بذلك على الله ثم على امانته وجهده وفكره الناضج مما جعل من اصحاب النفوس الضعيفة ان ترصد تحركاته للاطاحة به ولكن لان الحقيقة كان لابد لها ان تظهر حتى تثبت معدن ذلك الابن الطيب وتثبت صورة للعبرة من الاعتماد على بعض الوافدين والاعتماد عليهم في كل صغيرة وكبيرة وشاهدناه في اكثر من موقف يجسد روح ومصداقية ابن البلد عندما تعطى له الفرصة لينتج ويصبح له دور فعال في هذا المجتمع.
الأخ الثالث يكمل مثلث النجاح وصورة سابعة
ونظراً للتأثير من تلك النجاحات الى الابن الاصغر والذي جسد دوره الممثل مرزوق الغامدي والذي فاجأنا كمشاهدين بادائه الرائع وقد يعتقد البعض بأن الدور الذي قام به مرزوق دور بسيط وسهل ولكن الحقيقة انه من اصعب الادوار اجاد فيه الغامدي بصورة رائعة جعلت منه بطلاً ينتظر مستقبلا مشرقا مشرفا وسيقول كلمته في التجارب القادمة فانتظروه.
فقد قدم لنا دور الابن البريء وبحكم انه آخر العنقود فقد جسد تلك الشخصية بصورة مذهلة حتى عند ذهابه الى المدينة ودخوله مجال العسكرية من خلال معهد الجوازات كبرت تجربته ونضج تفكيره وقدم رسالة الى كل شاب في هذا البلد يحكي مضمونه ان خدمة هذه الارض متسعة المجال والابواب مفتوحة لكافة المواهب والابتكارات وكل تلك الطموحات تصب في ارض واحدة هي ارضنا الغالية.
عودة إلى القرية -وصورة ثامنة
لان القرية بطيبة اهلها وسماحة خاطرهم واجتماعاتهم المتواصلة كان لا لهذه الملامح الطيبة من اضافة رائعة ونوادر فكاهية تدل على عفوية ابن القرية الذي يحمل كل الحب لابناء قريته من خلال بعض النوادر والقفشات الطريفة في صورة مثالية تدل على التواصل بين ابناء القرية واحداً مع الاخر وقد قدم لنا شخصيتها ممثلنا القدير وخفيف الظل (بشير غنيم) وقد قدم صورة جديدة وجسد دورا مهما اثبت من خلاله تجسيده لاغلب الادوار معتمداً على خبرته وموهبته وخفة دمه في الاساس.
دعوة إلى صلة الرحم وصورة تاسعة
ولان الحياة بالمدينة رغم ايجابياتها إلا ان السلبية المتعارف عليها بقلة التواصل بها لانشغال الاغلبية في مجالات متعددة بالحياة وكان لابد من تلك السلبية ان تأخذ طريقها الى نفوس الابناء الثلاثة والذين حققوا طموحاتهم بسنين محمولة بالتعب والجهد والسهر والمثابرة حيث بدءوا من نقطة البداية ودفعوا بغيرهم الى ذلك الطريق كما دفعوا في البداية,.
فما كان من الام والاب الا ان قاما بحركة بحجة ان الوالدة تعبانة فقدم الابناء في هذه اللحظة رغم انشغالهم تاركين كل مصالحهم في المدينة ليطمئنوا على الوالدة.
وهنا كانت المفاجأة عندما علموا انها لم تكن تعبانة جسدياً بل انها محبطة نفسياً هي وزوجها ابو محروس من جراء ذلك الانقطاع من الاولاد وعدم السؤال عنهما طيلة هذه المدة الطويلة,فكانت رسالة من الاب والام لابنائهما بان صلة الرحم بالوالدين والاقارب من الصفات الحميدة التي حثنا عليها ديننا الاسلامي وان اي نجاح للفرد دون تأدية هذه الصفة يعتبر لاوجود له فكانت عبرة لكثير من المشاهدين الذين وقفوا حائرين امام هذه العبر وكانت الدموع هي الوسيلة الوحيدة لاغلبهم للتعبير عن هذه الصورة.
نقاط من المسلسل
* اظهر لنا المسلسل مدى الدور الكبير الذي تنقصه حياتنا وانشغال البعض في حياته العملية مما جعله ينسى السؤال حتى عن والديه واقاربه وقد تأثر جميع من شاهد هذه الاحداث وبالتحديد من تنطبق عليه هذه الصفة واعتقد اننا جميعاً نعيش في تلك الدوامة وقد افاقنا هذا العمل من الغيبوبة التي كنا عايشين فيها.
* حياة القرية كم هي رائعة وجميلة ببساطة اهلها وطيبتهم الزائدة وكم كنا محتاجين لهذه الاجواء ان نعيشها ولو لفترة بسيطة حتى يعيد كل منا حساباته.
* شاهدنا ان خير المدينة وصل الى القرية عن طريق ابنائها الابرار بها وقاموا بمشروعات بسيطة لبنات القرية واطفال القرية كانت بمثابة الانجازات الضخمة التي تقام في المدينة واعتقد ان سعادة اهل القرية بها فاقت فرحة ابناء المدينة والذين يغطون في سبات عميق وقد لايصحون من نومهم إلا اذا عاد الواحد منهم الى اقرب قرية وعرف الفرق بالتطور الذي نعيشه.
* قدم لنا العمل صورة رائعة عن تشجيع المواطن السعودي واعطائه الفرصة ومن ثم الحكم عليه وتمنى ان يكون القطاع الخاص قد انتبه لهذه الرسالة للتقصير الواضح في اداء رسالته تجاه ابن البلد.
ولكن في السياج نفسه على ابن البلد ان يبعد من تفكيره بانه لايوجد عمل الا بادارته على مكتب ومحافظته على قيافته طيلة الدوام وما أكثرهم.
* مازال البعض من المواطنين الطيبين يضع ثقته في عامله الاجنبي بصورة تدعو للغرابة فقد وصل الامر بالبعض ان يأتمنه حتى على بيته ونتمنى ممن شاهدوا احداث هذا المسلسل الذي امتلأ بالعبر والحكم ان يفيقوا لأنفسهم قليلاً وينظروا حولهم حتى لاتصير الكارثة.
* شهد المسلسل العديد من الوجوه الرائعة والمواهب الجيدة من الفنانين والفنانات وقد تفاعلوا مع احداثه بصورة رائعة اكسبتهم تجربة جيدة سوف تظهر في اعمالهم القادمة ان شاء الله.
* الممثل ابراهيم الحساوي والشاعر ايضاً كان مفاجأة من النوع الثقيل واتمنى ان يواصل ابداعاته في سبيل دعم الدراما المحلية.
* تحية الى الطاقم التمثيلي الذي كافح طيلة الفترة السابقة ليلاً ونهاراً ليقدموا لنا هذا العمل الرائع الذي اضاف رونقا خاصا لجمال الدراما المحلية فشكراً للجميع ونظراً لضيق المساحة فارجو العذر ممن لم نطرح اسماءهم مقدرين ان رسالتهم في العمل ابلغ من اي شيء آخر.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved