عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
بدءاً اسمحوا لي بأن أمارس ثرثرة - أحسبها جميلة - فوق بساط المحبة لأبحر في أعماقك أيها المعلم قارئا مشاعرك المتوهجة تجاه مهنتك وطلابك ومتهجياً ملامح آمالك، وأنت لم تزل تقف بشموخ وتكتب إمضاءات نجاحك في ميدانك الاصيل تحت مظلة الكفاح المشرف، وتبحث لك عن لغة بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقك,, فلك مع النجاح قصة ومع العطاء حكاية,, مضيتُ اقرأ تفاصيل شكواك من انصراف الطلاب عنك ومللهم من درسك فاعذرني إن امعنتُ في وعظك وأوغلت في نصحك كوني أحلّق في أجوائك وأحمل بطاقة معلم ,.
عذراً ايها المعلم الكريم:
فلم تعد معلماً يرفع العصا ويزجر التلاميذ ويلاحق الدرجات,, لم تعد معلماً يحشد المعارف ويرصد المعلومات ويشرح فواصل الدرس,, لم تعد معلماً يصحح الواجبات ويحمل دفتر التربية ويلم بأساليبها ويحقق عناصرها عبر مهنة يتجلّى فيها التدريس عملاً نبيلا,, أجل اصبحت مربياً يقف امام هذا الزخم المعرفي الهائل الذي يفيض به عقل الطالب الذي سرقت عقله منجزات العصر ومعطيات الحضارة ومشاريع الترويح في سباق مثير يصبح العلم فيه في ذيل القائمة,,!
لم يبق إلا انت ايها المعلم موجهاً ومربياً في ظل غياب دور الأسرة، لتقف مع طلابك الذين تتقاذفهم موجات اللهو والعبث وتملّ منهم دروب الفراغ والركض المهدر,,.
وربما وجدت فئة منهم انهكها السهر واجهدها الإبحار في قنوات الفضاء الخجولة وبهرها مواقع الانترنت واستهوتها الرحلات وركوب السيارات,,! ليجيء دورك ايها المربي الفاضل ورغم صعوبة المهمة وثقل الرسالة وعظم الأمانة إلا انك أهل لها,.
عفواً ايها المربي المخلص:
فأنت لم تزل الرمز الجميل الذي يفتش عنه جلّ الطلاب والأنموذج المشرف والقدوة الصالحة، ألم ترهم يتأثرون بشخصيتك ويتحرون ثقافتك ويفخرون بالتزامك ويعجبون بحماسك، فأنت صانع القيم ومرشد السلوك ومشكل الشخصية وزارع المبادىء.
إنك خير من يقرأ نفسيات طلابك ويؤثر في سلوكهم ويلامس عواطفهم ويحرك مشاعرهم ويوقظ في عقولهم الإحساس بالمسؤولية والشعور بقيمة الذات ليكونوا لبنات صالحة تسهم في بناء حضارة هذا الوطن المعطاء.
قف ايها المعلم الكريم والتفت يمينا ويسارا لترى في طلابك نماذج مضيئة تبوأت مكانة سامقة في خريطة المجتمع وستزهو بهم فخراً.
عذراً معلمنا اعرف ان جو التدريس مثخن ومجهد لكنك امتطيت صهوة الصبر والاحتساب فأنت لم تزل لغة مثمرة طلابك هم مفرداتها لتشكل منظومة فريدة تتألق فيها ألوان المعارف.
وأنت مطالب اليوم بأن تترجم تلك المعارف والمعلومات الى مواقف مشرفة يرسمها طلابك على ارض الواقع,, ألست حلماً جميلاً يغفو في عقولهم؟
ألم تكن انت من يضع الحلوى في حقائبهم الجميلة ويصفف الأسطر في كراساتهم ويلوّن عقولهم بريشة المعرفة,.
واصل السفر في أذهان طلابك وافخر برسالتك السامية، وإذا شئت فاستحضر: قم للمعلم وفه التبجيلا فستجد صداها طيباً في نفوس تلاميذك,.
لاتيأس ولاتكن سلبياً وثق بطلابك وعندما يكتبون لك شيكاً من المشاعر فلن تجده بدون رصيد في بنك علاقتهم بك,نعم تغلّب على نغمة الشكوى وأسرج قناديل العطاء في رحاب التدريس وستجدهم يحتفون بك فأنت من وجّه شخصياتهم ووظّف قدراتهم وحافظ على طاقاتهم,, وأنت من أشرع لهم أبواب النجاح وفتح آفاق الإبداع فهنيئاً لك بهم.
محمد بن عبد العزيز الموسى
بريدة