Monday 11th October, 1999 G No. 9874جريدة الجزيرة الأثنين 2 ,رجب 1420 العدد 9874


في ندوة الجزيرة
المملكة بين المائة الأولى,, والألفية الثالثة: تطلعات وتحديات
العالم يتحرك من حولنا بسرعة كبيرة,, وعلينا ألا نتأخر!

المشاركون في الندوة:
* د, تركي الحمد
* د, سعد البازعي
* أ, فوزية أبوخالد
* د, طلال ضاحي
* د, عبدالواحد الحميد
* د, فوزية البكر
* د, سعود المصيبيح
تفلت بلادنا العام الماضي بمئويتها الاولى، التي حققت فيها إنجازات حضارية مختلفة وقفزات تنموية هائلة جعلت من المملكة العربية السعودية دولة ذات ثقل وتأثير في النظام العالمي.
ونحن نقف على اعستاب الألفية الثالثة تظل تلاحقنا الاسئلة في كيفية المحافظة على هويتنا الاسلامية ومكتسباتنا وإنجازاتنا ومن ثم كيفية اللحاق بركب الدول المتقدمة.
(الجزيرة) في هذا التحقيق تسعى الى طرح التساؤلات من خلال فتح الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في محاولة هي الاولى من نوعها في الصحافة المحلية لصياغة مستقبلنا القادم المحمل بكثير من التساؤلات ,, ونحن نحاول من خلال استضافتنا لعدد من الشخصيات (بمختلف تخصصاتها) أن نتلمس أولى الاجابات التي تعيننا على فهم دورنا في مجتمعنا اولاً ثم في العالم المحيط بنا ثانيا.
الملف السياسي
* (الجزيرة): هل تتوقعون للمملكة دوراً أكبر على الساحتين الاقتصادية والسياسية خلال المرحلة المقبلة أم أن هناك معوقات تحول دون ذلك,, وفي حال وجود معوقاته، كيف برأيكم يمكن التغلب عليها؟
- (د, تركي الحمد):
الحديث عن دور سياسي أو اقتصادي أكبر لأي كيان سواء كان المملكة او غيرها يعتمد على معرفة المتغيرات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية المحيطة من ناحية، وكيفية التعامل مع هذه المتغيرات من ناحية أخرى، ووجود استراتيجية أو خطة عمل بعيدة المدى لمثل هذا التعامل تكون الأهداف والغايات فيها واضحة ومحددة بدقة,, ولعل أهم التحديات التي تواجه وسوف تواجه المملكة وغيرها من دول في المرحلة القادمة هو تحدي العولمة الاقتصادية في المقام الأول وما تفرزه هذه الظاهرة من تغيرات وتحولات في اسلوب تكوين الثروة الوطنية من ناحية، وفي العلاقات بين الدول والمجتمعات والمؤسسات سواء من الجانب الاقتصادي أو الجانب السياسي، وعلى ذلك فإن قدرة أي دولة في المستقبل القريب على المحافظة على مكانتها أوتنمية هذه المكانة إن صح التعبير تكمن في كلمة واحدة في رأيي الا وهي المرونة ففي المرونة تكمن القدرة على الاستيعاب، والقدرة على التكيف، والقدرة على التعامل الأمثل مع كل ماهو جديد، سواء كان الحديث عن متغيرات الداخل او متغيرات الخارج، وبالنسبة للمملكة فإنني اعتقد ان هناك وعياً كاملاً لدى متخذ القرار السعودي بطبيعة العصر الذي نعيشه، وطبيعة التحولات المرافقة,, مثل هذا الوعي هو الخطوة الأولى الصحيحة نحو التعامل الأمثل مع تحولات العصر والتحكم في نتائجها بأكبر قدر ممكن، ولكن مثل هذا الوعي يحتاج إلى خطوات اخرى لترجمته عملياً، ولعل إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى هو خطوة في هذا الاتجاه، لا ريب ان خطوات أخرى سوف تتبعه في المجالات الاخرى، من سياسية واجتماعية,, بمثل هذا الاسلوب، اعتقد ان المملكة قد امسكت بطرف الخيط نحو محاولة الاندماج في تحولات العصر، والمشاركة فيها, ولكن الطريق مازال طويلاً, والوقت لايرحم في مثل هذه الأيام، ولكني من المتفائلين.
- (د, عبدالواحد الحميد):
- أنت تعلم ان الساحة السياسية والاقتصادية العالمية في حالة تشكل وتبلور منذ مطلع التسعينيات الميلادية، فعلى الصعيد السياسي، أصبحت الولايات المتحدة الامريكية مهيمنة بشكل تام بعد انهيار الاتحاد السوفيتي,, وعلى الصعيد الاقتصادي تم الانتهاء من توقيع اتفاقية الجات التي افسحت المجال لمنظمة التجارة العالمية ومن ثم العولمة وتحرير التجارة والأسواق, هذه التطورات هي بمثابة تحديات لكل دولة من دول العالم كيما تجد لنفسها دورا في هذا العالم الجديد الذي تغيرت قواعد اللعبة فيه، والمملكة مثل بقية دول العالم، لابد ان تحذق قواعد اللعبة لكي تنافس الدول الاخرى وتحقق موقعاً متقدماً, ويساعد المملكة في هذا السباق امور عديدة، فهي تملك ثقلا روحياً باعتبارها مركز العالم الإسلامي، وتملك علاقات جيدة مع دول العالم,, كما انها تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم مما يعطيها مركزا اقتصاديا كبيرا,, وبالنسبة للعولمة وتحرير الأسواق كانت المملكة سباقة الى اعتناق فلسفة الاقتصاد الحر قبل ان يصبح هذا الامر موضة عالمية.
إذن، المملكة مهيأة لتسلم موقع أكبر على الساحتين الاقتصادية والسياسية خلال المرحلة المقبلة,, ولكي يتحقق ذلك نحتاج الى مراجعة وتحديث وتطوير واستحداث الكثير من الأنظمة، وهذا مايعكف عليه مجلس الشورى وبعض الأجهزة الرسمية الأخرى مثل المجلس الاقتصادي الأعلى,, لكننا في سباق مع الزمن، ولابد من مضاعفة الجهود في هذا المجال فالعالم يتحرك من حولنا بسرعة كبيرة، وعلينا الا نتأخر.
- (د,طلال ضاحي):
بداية لابد من القول ان دور المملكة لم يغب عن الساحة العالمية منذ بداية التأسيس وحتى الآن وان تفاوتت حدة هذا التأثير من مرحلة لأخرى علما بأن النمط العام لهذا التأثير هو في تصاعد مستمر.
ففي المجال الاقتصادي تعتبر المملكة من أكبر المصدرين لأهم سلعة استراتيجية عالمية، واكبر خازن لاحتياطياتها, من هنا فان المملكة لعبت دورا لايمكن انكاره في محاولة الاحتفاظ على استقرار اسعار هذا المنتج سواء من خلال دورها الفعال في منظمتي أوبك وأوابك او من خلال الاتفاقيات المتعددة الأطراف مع الدول المنتجة, ان هذا الدور من المتوقع له ان يزداد وبالذات في ظل دخول بعض الدول الجديدة كمنتجة وبالذات المطلة منها على بحر قزوين، والمنافسة العالمية الواضحة جدا على حقوق استخراجه وتسويقه وكذلك في ظل عدم وجود بدائل للبترول على المدى القريب على الاقل.
وفي المجال السياسي فدور المملكة العربية السعودية على الأصعدة الخليجية والعربية والإسلامية لايحتاج في رأيي الشخصي الى بيان , فلقد استطاعت الدبلوماسية السعودية ان تحتوي اكثر من خلاف عربي / عربي كاد ان يشعل فتيل الحرب كالخلاف القطري - البحريني والخلاف المغربي - الجزائري والحروب الاهلية في الصومال ولبنان، اضافة الى ذلك فقد دعت المملكة لأكبر تجمع عالمي انتهى بتحرير الكويت وغير ذلك كثير.
اما بالنسبة للقضية العربية الكبرى فقد كان للمملكة موقفها الذي كان ولايزال يقوم على مجموعة من الثوابت التي ارسى اسسها الموحد الراحل - يرحمه الله - والتي كان أهمها السلام القائم على الحق والعدل وعودة القدس عربية - إسلامية, من هنا فقد سجل التاريخ للمملكة أنها اول دولة عربية ادانت اتفاقية كامب ديفيد، كما يسجل لها الآن موقفها الداعي والداعم لمفاوضات السلام على جميع المسارات بشرط ان يكون سلاما عادلا يراعي الحقوق المشروعة لكل طرف عربي وغير ذلك كثير.
اما على الصعيد العالمي فلقد حققت الدبلوماسية السعودية اكثر من انتصار لعل من ابرزها نجاح مساعيها المشتركة مع دولة جنوب افريقيا في حل مشكلة لوكربي الذي ابتهج له العالم اجمع وان كان شعب ليبيا العربي هو أكثرهم ابتهاجا بكل تأكيد.
* (الجزيرة):
المملكة لها مكانتها الدينية المؤثرة كقلب للعالم الاسلامي ولها كذلك بصماتها المؤثرة كداعم شبه وحيد للحقوق المشروعة والقضايا المصيرية، فكيف ترون العمل الاغاثي والدعوي السعودي وفي أي منحى ينبغي تركيز الدور الاسلامي السعودي بشكل أكثر فاعلية؟!
- (د, تركي الحمد):
يمكن إجابة هذا السؤال باختصار بالقول ان مهمة المملكة في هذا المجال تكمن في إبراز الوجه الحقيقي للإسلام، قولاً وعملا، وبذلك نعني إبراز الوجه الحضاري والمتسامح لهذا الدين، في مقابل من يتصور الإسلام ويمارسه على انه عنف وبغض مطلق للآخر، أي آخر وكل آخر فالله خلق الذكر والأنثى، والشعوب والقبائل، لتتعارف لا لتتصارع وتقتل بضعها بعضاً، هذا هو جوهر الإسلام في هذا المجال، ولكن ليس كل مسلم مدركا له.
- (د, طلال ضاحي):
والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ذلكم هو المبدأ الذي ينطلق منه الجهد الاغاثي للمملكة العربية السعودية والذي تجلى بأرق واعمق صوره ان في الصومال او في افغانستان, تركيا، بنجلاديش، او الباكستان، تماما كما سجل حضوره الرائع في البوسنة والهرسك، كوسوفا، الشيشان وغير ذلك.
يبقى بعد ذلك قضية الإبرار الإعلامي للدور السعودي خارجيا وهي القضية التي اثيرت مؤخرا وبالذات من قبل بعض الموتورين في الصحافة التركية مثلهم في هذا مثل الموتورين في كل زمان ومكان وهم لشديد الاسف - كثر على اي حال هنا لابد من التأكيد مرة اخرى على قضية المنطلق واخلاقية المسلم، ومن خلالها فقط سندرك ان ما قامت به المملكة العربية السعودية نحسبه ان شاء الله خالصا لوجهه الكريم، وبالتالي فهي لاترمي من ورائه جزاء ولا شكورا سوى مرضاة الله هذا من ناحية، اما من الناحية الاخرى فقد قالت الشعوب الإسلامية كلمتها الصريحة في هذا الصدد وهو الرأي الذي يعول عليه,.
اما بالنسبة للجهد الدعوي للمملكة العربية السعودية فلهذا تاريخه المشرف بدءا من الجهود المخلصة لافراد الشعب السعودي وانتهاء بأعلى هرم في السلطة السياسية فلقد قام خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله باقامة الكثير من المراكز الإسلامية على نفقته الخاصة, كما ان حرص سمو ولي العهد على زيارة الاقليات المسلمة وتفقد احوالها شخصيا وفي كل البلدان التي شملتها زيارات سموه الاخيرة حول العالم لتأكيد آخر، واخيرا وليس آخر فإن لسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز جهوده ذات الدلالات الواضحة في دعمه السخي لكل مناشط العمل الإسلامي في العالم أجمع.
اما بالنسبة لقضية الأولوية فالعملان متلازمان الى حد كبير على انني استدرك هنا فأقول ان العمل الدعوي يحتاج جهدا على مستوى العالم الاسلامي ككل حتى لايكون مجرد رد فعل لمحاولات التبشيرية، وانما عملا يأخذ بزمام المبادرة من خلال استراتيجية واضحة المعالم والخطوط تشارك فيه جميع الدول الإسلامية كل حسب قدرته ومعطياته.
* (الجزيرة):
ألا تعتقدون بأن الوقت مناسب الآن لتكوين تحالف عسكري بين الدول الاسلامية على غرار حلف شمال الاطلسي حتى نقلل من احتمالية تضرر الدول الاسلامية الضعيفة عسكرياً ونستبعد كابوس الضرر المتوقع ضد أمن الخليج ونحد كذلك من اللجوء للشرطي الامريكي كلما حلت أزمة فعندها ستصبح إمكانية الاستفادة من القوى الموجودة بالدول الاسلامية متاحة لجميع الدول المسلمة بما فيها القوى النووية في مواجهة التحديات أياً كانت؟!
- (د, تركي الحمد):
من باب الأماني والأحلام، فإن ما تقوله جائز ومشروع, اما من باب الواقع المعاش فإن ذلك صعب جداً ان لم يكن مستحيلاً في مثل هذا الوقت على الأقل، فحلف الأطلسي الذي ضربت به المثل إنما قام بين حلفاء حرب عالمية، جمعتهم مصلحة واحدة،واهداف عامة واحدة، وهم يشكلون منفردين اقوى دول هذه الارض، سواء بقدراتهم العسكرية، اوالتقنية والاقتصادية, فهل تجد مثل هذا الوضع متحققاً في حالة بين الدول الإسلامية؟ لا اعتقد ذلك، بل لا أجزم بذلك, كون ان الدين الإسلامي يمثل عاملا مشتركاً بين هذه الدول، لايعني أنه عامل كاف لقيام تحالف، او حتى حد ادنى من التجمع السياسي او الاقتصادي او العسكري الفاعل, فلو نظرت إلى الخريطة الإسلامية لوجدت من التناقضات والصراعات بين الدول الاسلامية أكثر مما هومشترك، أومشكلاً لأرضية مشتركة بينها، العلاقة مثلاً بين ايران وباكستان ، أو ايران وافغانستان، أوتركيا وإيران، اوتركيا ودول جوارها من العرب خاصة، او إيران والعراق, ولماذا نبعد كثيراً؟ انظر الى العلاقات بين معظم الدول العربية، وهي التي يجمعها الدين والقومية معاً، وستعرف الصورة على حقيقتها: مصالح متضاربة، وتصورات مختلفة،وصراعات تشكل قاعدة التعامل في أكثر الأحيان، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى، فلو ضربنا صفحاً من النسيان، او قل التجاهل لمثل التحليل السابق، فكيف يمكن ان يقوم تحالف مضاد لتحالفات اخرى، طالما ان هذا التحالف الإسلامي المفترض سيكون معتمداً في تسليح نفسه على تلك المشاركة في التحالف الذي من المفترض ان يكون هو المستهدف من قيام الحلف الأمني؟ اما بالنسبة للقوة النووية الإسلامية المتحدث عنها، فهي قوة ردع لصاحبها (باكستان)، وليس سلاحاً هجومياً للجميع، ودعك من رومانسيات القنبلة الإسلامية إذ ان العلاقات بين الدول تستلزم التقاء المصالح، وليس مجرد الاشتراك في الدين او القومية، أو فيهما معاً، ونقطة أخيرة في هذا المجال، هي ان المراد من قيام الحلف المفترض، هو الحلول محل الشرطي الامريكي فهل هذا ممكن في ظل الظروف الراهنة؟ فغالب الدول الإسلامية إنما تستعين بالشرطي الامريكي، كما وصفته، لدرء خطر دول تشاركها الدين والقومية في احيان كثيرة، فكيف تريدها ان تكون جميعاً في حلف واحد؟ انظر الى كل العوامل السابقة، وستعرف لماذا أن مثل سؤالك يشكل امنية رومانسية في افضل الاحوال، وليس له من صلابة الواقع المعيش اي نصيب,, في المرحلة الراهنة على الأقل.
-(د, طلال ضاحي):
لاشك ان حديثنا عن تحالف عسكري اسلامي هو في حقيقة الامر حديث عن حلم يبدو لشديد الاسف بعيد المنال فلقد تعرضت الكثير من الدول الاسلامية وبالذات الضعيفة عسكريا منها الى حملة تحديات كانت كفيلة بترجمة هذا الحلم الى واقع نعيشه لاسيما أن تلك التحديات كانت تهدد هويتها الاسلامية، ومع ذلك فقد اقتصر دور الدول الإسلامية على دور الشاجب تارة والمستنكر تارة اخرى،
اننا ندعو على الاقل الى تنسيق عسكري اسلامي يسجل وجوداً ملموسا على ارض الواقع ومن خلاله سنستطيع بمشيئة الله وقدرته ترجمة حلم التحالف العسكري الإسلامي الى واقع.
* (الجزيرة):
تجربة مجلس الشورى,, وإسهاماته المتعددة في قراءة ومعالجة كثير من القضايا التي احيلت اليه من مجلس الوزراء الموقر,, كيف تقيمون هذه التجربة,!
- (د, تركي الحمد):
تجربة مجلس الشورى في المملكة تجربة طيبة وتستحق كل تقدير، ولها من الإيجابيات الشيء الكثير، ولكنها تبقى خطوة اولى نحو خطوات أكثر تقدماً في المستقبل إن شاء الله لصالح الدولة والمجتمع معاً.
* (الجزيرة):
سياسة الباب المفتوح التي ارسى دعائمها الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه - وحافظ عليها من بعده ابناؤه البررة,, كيف نستطيع ان نجعلها شعاراً لجميع المسؤولين صغاراً وكباراً؟!
- (د, سعود المصيبيح):
سياسة الباب المفتوح منهج واسلوب متميز في الحكم والاندماج مع الشعب وكانت ومازالت طريقة من طرق تعزيز الولاء بين الحاكم والشعب وفي نفس الوقت الانطلاق للاهداف التي قامت عليها الدولة السعودية واهمها رفاهية المواطن وعيشه بأمن وأمان وسلام,, ولهذا فإن الباب المفتوح طريقة لاحتواء اي مشاكل قد تعترض المواطن فيكون هذا المجال وسيلة للاستماع ومواجهة الامر والعمل على حله,, ولاشك ان الواقع الحالي وتزايد اعداد السكان وارتفاع حاجات الشباب كنسبة كبيرة من اعداد السكان اضافة الى تعدد وتنوع المشكلات - اقول - هذا الواقع يتطلب الاستمرار في سياسة الباب المفتوح ومتابعة طلبات المواطنين وضمان معالجة صريحة ودراسة واقعية وشاملة لاي مشكلة اما المسئولون التنفيذيون كوكلاء الامارات وامناء المدن والمديرين المعايشين للمواطن وحاجته فعليهم الا يبقوا فقط في مكاتبهم وانتظار المراجع لقضاء حاجاته بل عليهم التجوال والذهاب للمواطن والاستماع لملاحظاته ومرئياته ووجهة نظره من باب خدمة المصلحة العامة فهم لم يوجدوا الا لخدمة المواطن, والملاحظ وجود بعض الصعوبات للمواطن عند مراجعته للجهات الحكومية لانهاء طلباته واحتياجاته مما يتطلب قيام المسئولين التنفيذيين بدور اكبر لانه من المطلوب ان تكون سياسة الباب المفتوح التي ارسى دعائمها الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وحافظ عليها ابناؤه البررة من بعده هي الطريقة المثلى لكي ينتهجها المسئولون من بعدهم صغارا وكباراً وهذا يطلب دراسة تقويمية لمدى قيام المسئولين بذلك من عدمه - وقد مررت بتجارب اضافة الى تجارب الآخرين وجد فيها ان بعض المسئولين يغلق عليه الباب طوال اليوم وهذا مخالف لسياسة الباب المفتوح العظيمة.
(الملف الاقتصادي)
* (الجزيرة):
القطاع الخاص يقع عليه عبء كبير في المرحلة القادمة,, ماهي استعداداته وهل هو قادر على القيام بهذا الدور؟
- (د, عبدالواحد الحميد):
القطاع الخاص يحرك بشكل جيد، لكنه يحتاج الى انظمة تسهل حركته والدولة هي التي تسن الأنظمة، وكلما كانت حركة الأجهزة الحكومية المعنية اسرع ساعد ذلك على وضوح الرؤية بالنسبة للقطاع الخاص وبالتالي على القيام بدوره بكفاءة أكبر، والقطاع الخاص يستطيع ان يقوم بالعبء المطلوب منه، بل ان هذا هو مايريده القطاع الخاص لأنه يتيح له مساحات أوسع للحركة، وفي تقديري ان القطاع الخاص هو املنا في تطوير بلادنا خلال المرحلة القادمة لأنه هو الذي سيستوعب الايدي العاملة، وينتج، ويصدر، ويحقق لنا التنوع في مصادر الدخل، ولكن مرة اخرى، لابد ان تسارع الأجهزة الرسمية إلى تطوير الأنظمة والقضاء على الروتين,, باختصار: على الحكومة ان تمضي في توفير البيئة الاقتصادية السليمة التي يستطيع القطاع الخاص ان يمارس في إطارها عمله بكفاءة، وهذا لايعني بالضرورة حقن القطاع الخاص بالمساعدات والدعم المادي، كما انه لايعني إلغاء الدور الإشرافي والرقابي للحكومة وتهميش المستهلك.
* (الجزيرة):
قضية السعودة مطلب وطني قبل ان تكون شعاراً,, كيف نفعِّل السعودة لتغدو ذات فاعلية أكبر وذات منجزات ملموسة؟!
- (د, سعود المصيبيح):
تفعيل السعودة ومن خلال مناقشات قمت بها في حلقات تلفزيونية من برنامج دعوة للحوار,, أرى أن يكون بالآتي:
1 - تطوير مخرجات التعليم في التعليم العام والجامعي,, وتخفيف مناهج الحشو والاطالة على الطلبة وإدخال الحاسب الآلي واللغة الانجليزية من الصفوف الاولى لاهميتهما في خدمات القطاع الخاص,, اضافة الى تقوية الانشطة التي تقوم على التعليم التعاوني وزيادة فعالية الاعتماد على النفس وحب العمل ومعرفة هموم ومتطلبات الحياة بالكفاح والمثابرة والصبر مع تطوير مخرجات التعليم الجامعي ليكون في مستوى مخرجات جامعة الملك فهد والتي يتم توظيف خريجيها وهم على مقاعد الدراسة.
2 - الانتهاء من تطوير نظام العمل والعمال ونظام التأمينات الاجتماعية لتطوير انظمة التقاعد وشروط العمل بين العامل ورب العمل لان هذه الانظمة قديمة وتعيق عملية السعودة.
3 - وضع حد أدنى للاجور.
4 - الحزم في توظيف السعوديين وتحميلهم المسئولية في العمل والاداء.
5 - ايقاف التوظيف في القطاع الحكومي ومحاربة الارتخاء والبلادة والإهمال في أداء بعض الموظفين في القطاع الحكومي بالحزم, والانضباط وتطبيق مبدأ الثواب مع العقاب مثل ماهو معمول به في القطاع الخاص حتى تخف الرغبة الشديدة في الدخول في المجال الحكومي,
- (د, عبد الواحد الحميد):
هناك ندوات ومؤتمرات ودراسات ومقالات كثيرة تصدت لهذا الموضوع,, فالتوصيات موجودة، ويبقى التطبيق الجاد,, باختصار: تتحقق السعودة عندما ترتفع انتاجية العامل السعودي كي تعادل أجره على الاقل، والعلاج يأتي من التعامل مع حانبي المعادلة وهما الإنتاجية والأجر، انا ضد العلاج المفتعل فهو لن يحل المشكلة بشكل نهائي، لهذا أتمنى تفعيل اقتراح قديم بإنشاء صندوق للسعودة يهتم بتدريب العامل السعودي لكي ترتفع انتاجيته وفي الوقت نفسه يقدم له دعماً مالياً عندما يدخل سوق العمل لأول مرة الى ان ترتفع انتاجيته ويزداد أجره بشكل طبيعي، وبالنسبة لتحديد نسبة سنوية للسعودة، فهذا جيد ولكن ينبغي تطبيقه بشكل انتقائي إذ لايمكن تحقيق النسبة في كل القطاعات بدرجة متساوية لأن هناك قطاعات يمكنها تحقيق نسبة أكبر وقطاعات اخرى لن تتمكن من تحقيق النسبة المطلوبة وذلك بحكم نوعية الأنشطة التي تمارسها.
* (الجزيرة):
جامعات ومعاهد محدودة القبول، وتخرج طلابا لايجدون وظائف شاغرة ماهي السبل والوسائل المقترحة لاستيعاب الطلبة في الجامعات ومن ثم استيعابهم في سوق العمل؟
- (د, عبد الواحد الحميد):
ببساطة يتعين إنشاء المزيد من كليات المجتمع والجامعات بشرط ان تدرس فيها التخصصات التي يطلبها سوق العمل والابتعاد عن التخصصت النظرية,, وفي الوقت نفسه يتعين اعادة النظر في المناهج الدراسية، وتكثيف التدريب باعتباره عملية مستمرة، خطط التنمية الخمسية السابقة ناقشت هذه الامور ووضعت لها الحلول، لكن الحلول لم تطبق ، هذا مؤسف.
* (الجزيرة):
بماذا تقيمون الفرص المتاحة حالياً لعمل المرأة السعودية في القطاعين العام والخاص؟
- (أ, فوزية ابوخالد):
من المقاييس التي يمكن بها تقييم الفرص المتاحة حاليا لعمل المرأة سواء في القطاع العام او الخاص هي المقاييس الثلاثة التالية:
1 - مدى استيعاب هذه الفرص لقوة العمل النسائية المعروضة في السوق.
2 - مدى تعبير الفرص المتاحة عن حاجات المجتمع الحقيقية واستجابتها لهذه الحاجات.
3 - مدى اتاحة فرص العمل المحتاجة للنساء دوراً اجتماعياً على المستويين المدني والمهني للمشاركة في بناء المجتمع اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.
وفي ضوء هذه المقاييس وهي ليست مقاييس صارمة، فاننا نرى ان فرص العمل المتاحة حالياً لعمل المرأة السعودية لاتزال فرصا ضيقة مع الاسف, رغم ما يثار حول المسألة من ضجيج اعلامي يضخم المنجز فمع اعتزازما بالمنجز التعليمي الذي هو هدف بحد ذاته في الانتقال بموقع المرأة من موقع ظلمات الجهل الى موقع انوار العلم، فان هذا المنجز لم تواكبه جهود عملية كافية تستفيد من تعليم المرأة وتوظفه لاعطاء المرأة حقوقا وواجبات مدنية ومهنية تمكن من الانخراط في شتى قطاعات تطوير المجتمع, فبإستثناء مجالي التعليم والصحة وهما مجالان لانقلل من اهميتهما، فإن فرص العمل الاخرى لم تحظ بعد بالاعتراف الذي يتقبل ويقنن وجود المرأة في قطاعات العمل الأخرى ويؤمنه, فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر وجود المرأة في قطاع العمل الاعلامي والصحفي والثقافي فاننا سنجد انه على الرغم من ان عمر مشاركة المرأة في القطاع قد تمتد ببعض النساء اللواتي احترفن هذا العمل باكراً بمبادرتهن الشخصية الى مايقارب ربع قرن، فلايزال وجود المرأة في هذا القطاع الحيوي من قطاعات العمل وجوداً طارئاً ومتقطعاً ولم تستطع فيه المرأة رغم جهادها وجهاد ابناء الوطن المستنيرين ان تنال الحقوق المهنية والمدنية التي تعطيها وجودا مشروعاً في هذا القطاع وتعطي وجودها فيه الضمانات والحقوق المستحقة.
وهذا ينسحب على عمل المرأة في مجالات اخرى قد يتاح لها العمل بها فلازالت على سبيل المثال ايضا وليس الحصر اموال النساء ونشاطات النساء الاستثمارية تحتل موقعا هامشيا في حركة السوق ونجد من معوقات الحركة على الصعيدين الاجتماعي والاداري مايحجم مساهمتها في هذا المجال, هذا بالاضافة الى ان الجهاز الحكومي لايزال هو الوحيد صاحب المبادرة والفصل في موضوع عمل المرأة بينما يتخذ القطاع الخاص موقفاً متحفظاً ، اذا لم نقل موقف جبان من عملية اتاحته مزيدا من فرص العمل للمرأة وهذا الموقف السلبي من القطاع الخاص تجاه عمل المرأة اليوم هو عكس موقف الأمس الايجابي الذي جعل بعضا من مبادرة تعليم المرأة في مدارس نظامية يبدأ بمبادرات اهلية وخاصة في منطقة الحجاز.
هذا كما ان مجالات عمل المرأة المهني والتقني والصناعي بامس الحاجة الى اتاحة فرص عمل جديدة للمرأة فيها, ولا ننسى مجالات العمل الجديدة المحلية والعالمية الممكن اتاحتها للمرأة من خلال المنظومة المعلوماتية التقنية بما يجعل مشاركة المرأة مشاركة حقيقية في تطوير نفسها كجزء من القوى الاجتماعية وفي تطوير مجتمعها، وليس مجرد فرص ضيقة لذر الرماد في عيون الاعلام والعامة.
- (د, سعود المصيبيح):
فرص العمل للمرأة السعودية لازالت محدودة قياساً لحجم الخريجات في كافة المستويات وكذلك قياسا لعدد الاناث في المملكة لعدد السكان,, والموضوع يحتاج لدراسة شاملة حتى لانجد انفسنا في وضع اقتصادي لاتستطيع الاسرة من الاستفادة من بناتها في تحسين دخل الاسرة,, وبالتالي قد يؤثر على اخلاقيات الجيل الجديد بنين وبنات.
- (د, فوزية البكر):
يعاني سوق العمل بشكل عام سواء للمرأة او الرجل من ظاهرتين مرضيتين تزدادان وضوحا عاما بعد عام وهي:
أ - عمالة فائضة متعلمة ولكنها غير ماهرة,, اي لاتمتلك المهارات الفنية ولاسمات الشخصية المهنية التي يتطلبها العمل.
ب - محدودية خلق فرص وظيفية جديدة لاستيعاب الأعداد الشابة القادمة.
وبالنسبة للمرأة فالمشكلة تزداد صعوبة نظراً لطبيعة ومحدودية سوق العمل المتاح لها سواء في القطاع العام او الخاص بسبب طبيعة الشروط التي تفرض علي هذا السوق حتى يمكن استيعاب المرأة فيه وهو ماجعل سوق عملها محدوداً بمهن محددة اصبحت الآن عاجزة عن استيعاب أية اعداد جديدة إلا في حدود الاستبدال لما هو موجود, هذا في القطاع العام,, اما فرص المرأة في القطاع الخاص فهي محدودة جداً وفي الحق ربما لايمكن اعتبارها مجالات عمل حقيقية نظراً لضآلة الاعداد التي يمكن لهذا السوق استيعابها.
الملف الاجتماعي
* (الجزيرة):
كيف نستطيع ان نحقق تكاملا بين المؤسسات التعليمية ومناهجها مع المؤسسات الصحفية من أجل نقلة نوعية في المفاهيم الاجتماعية تجاه ظروف العالم المحيط بها؟
- (د, عبدالواحد الحميد):
علينا اولا اصلاح التعليم بما يحقق لنا التكيف مع الظروف الجديدة في العالم هذه مسألة استراتيجية وتتطلب ان نحدد غاية الإصاح والهدف منه, عندما نتفق على ذلك نكون قد قطعنا مسافة كبيرة في الاتجاه الصحيح، اما المؤسسات الصحفية، فهي نفسها بحاجة الى من يأخذ يدها ويصلح من شأنها فضلا عن انها - في الواقع - تعكس الوضع الاجتماعي الهام بايجابياته وسلبياته ومع ذلك من المفيد ايجاد قنوات للتعاون والتكامل ليس بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الصحفية فقط، وانما بينها وبين المؤسسات الإعلامية بشكل عام, كبداية يمكن ان تكون مادة التربية الوطنية خطوة اولى لهذا التعاون والتكامل وفيما أعلم فإن المؤسسات التعليمية ترحب بذلك.
- (د, سعد البازعي): المؤسسة التعليمية سواء أكانت جامعية او مادون الجامعية تعيش في عزلة ملحوظة عن وسائل الاعلام بدون تحديد من المسؤول عن هذا لكنني ألاحظ ان هناك فجوة ينبغي ان نجسرها قدر الامكان بين مايحدث في المدارس والجامعات من ناحية ومايحدث في وسائل التعليم في ناحية اخرى، واعتقد ان هذا التجسير هو الذي سيؤدي الى نقل هذه المفاهيم التي تنمو وتتطور في مؤسسات التعليم الى الحياة الاجتماعية عن طريق وسائل الاعلام، المدارس مثلا انا اذكر عندما كنت في المرحلة الثانوية كنا كل اسبوع تقريباً نسمع الى محاضرة لأحد العلماء والمفكرين في البلد يأتي ويلقي محاضرة في المدرسة الثانوية فكنا نتصل بشكل أو بآخر نعرف فلانا وفلانا ونستمع الى وجهات نظر مختلفة الآن لم اعد اسمع عن شيء من هذا القبيل ليس هناك كما يبدو لي اهتمام من وزارة المعارف في بناء صلات بين قطاع التعليم العام والجامعات ماعدا قطاع التدريس المباشر بحيث ان طلاب كليات التربية وغيرها يذهبون للتدريس، فهذه الصلة الوحيدة الآن لكن طلاب المدارس قلما نراهم في الجامعات واساتذة الجامعات قلما نراهم في المدارس هذه من ناحية,, ووسائل الاتصال اعتقد انها يمكن ان تلعب دورا في ردم هذه الفجوة بان تنشط في إقامة الندوات المشتركة ومناسبات يجتمع فيها ممثلو قطاع التعليم العام والجامعي على نحو يؤدي فيما لدى هؤلاء وأولئك إلى الوصول لعامة القراء والمتلقين من ناحية اخرى, يبدو لي ان هذه احدى الرسائل التي يمكن من خلالها ان نتجاوز الإشكالية التي يشير إليها السؤال ولا اعتقد انها مهمة صعبة على أية حال.
* (الجزيرة) ترشيد استهلاك المياه,, قضايا المرور حماية البيئة,, الخ، ترتبط ارتباطا وثيقا بوعي المواطن,, فكيف نصنع هذا الوعي؟!
- د, سعود المصيبيح: ترشيد استهلاك المياه بوضع حدود لاستخداماته ووضع تسعيرة مناسبة حسب اهمية الماء واتخاذ الوسائل المناسبة في الترشيد والاستخدام والسباكة الجيدة والتقطير وخلافه وايقاف الزراعة التي اضرت بالماء.
اما المرور فحلها بالحزم وتطبيق النظام، وحماية البيئة كذلك يطبق عليها ما يمكن تطبيقه على المرور.
نحن نعيش هذه الازمة ولابد من التوعية الشاملة لكي يدرك المواطن حجم منجزات موطنه بشرط ان تكون توعية غير مباشرة وبعيدة عن الاسلوب المباشر المنفر بل تقوم على الحوار والاقناع لاننا وللاسف نلمس الاتكالية والتسيب وعدم المحافظة على مكتسبات الوطن انها ازمة تربية وسلوك مع اهمية زيادة دور خطيب الجامع في هذه النواحي لحث الناس على الالتزام بالمرور وحماية البيئة ونظافة المدينة وعدم الكتابة على الجدران والحث على الالتزام بالعمل والدوام والانتاجية والاخلاص في ذلك كله.
* الجزيرة: كيف يمكن نسج خيوط تقدم اجتماعي تعليمي وثقافي منتظم نواجه به تحديات القرن المقبل دون ان ننظر الى فوائده الآنية ولكن الى مايمكن ان يحققه مستقبلا,, على اعتبار انه اذا كان هناك تطور وتقدم منتظم فهناك تقهقر خفي يمكن ان يكون منتظما ايضا؟!
- أ, فوزية ابوخالد:
لا اظن ان التقدم الاجتماعي المنتظم يمكن التوصل اليه بوصفة سحرية لا من قبل الساسة ولا من قبل المثقفين, فهذا التقدم المنشود لا يأتي الا بالتخطيط والعمل وهو بدون اطالة لا يقوم كفرض كفاية اذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر, وهنا ارى انه لابد اولا من تحرير الطاقات الاجتماعية بمختلف قواها لتساهم في الحوار والبحث عن السبل الكفيلة بتحقيق هذا التقدم وللمشاركة في اتخاذ قراراته وتنفيذه واحدى الوسائل كذلك اعطاء المجتمع المدني برجاله ونسائه بمثقفيه وعامته بحكامه ومحكوميه من خلال مؤسساته المختلفة ومن خلال بناء مؤسسات مدنية عاملة في هذا المجال ليشارك الدولة والجهاز الحكومي في صياغة هذه الخطة وتطبيقها والعمل على انجازها, وهذا لن يكون بدون تحاور الآراء على ارضية متسامحة تضمن حق الرأي للجميع بما فيها حق الابتكار والاجتهاد كما لن يكون الا بالقبول بمسئولية التكليف لجميع المساهمين في البحث عن الخروج من عنق الزجاجة الاجتماعي والاقتصادي.
- د, سعد البازعي:
تحيرني عبارة انه اذا كان هناك تقدم منتظم فإنه يقابله او يجاريه تأخر منتظم لا ادري مصدر هذه العبارة وعلى اي اساس قامت ومامدى صدقها؟ هي عبارة مثيرة للتفكير والتأمل لكن الى اي حد هي قانون اجتماعي؟!
تحيرني هذه العبارة لكنني اعود منها الى بداية السؤال عن امكانية تحقيق تقدم اجتماعي لا يكون آنيا وانما يكون له ديمومة أفضّل أن اقول رقي اجتماعي في الواقع لان لدي مشكلة مع مفهوم التقدم والتأخر من حيث هو تعبير مجازي يستخدم للاشارة للرقي الحضاري او الى تحسن وضع المجتمع, مشكلة التقدم والتأخر انه يفترض ان كل عودة للماضي سيئة لان التقجم الى الامام افضل وهذا غير صحيح لانه هناك دائما حاجة لمراجعة الماضي - التراث - والاستفادة منه لكن طبعا دون الانغلاق في الماضي فلا مستقبل ولا حاضر بلا ماض, واستعادة التراث موجودة في كل الثقافات، من الثقافة الغربية التي تراجع نفسها باستمرار في كل المجالات وبالتالي انطلق من اشكالية الماضي والمستقبل لنتوصل الى ان الرقي الاجتماعي او تحسين الوضع الحضاري لاي مجتمع يمكن ان يكون آنيا او طويل المدى ما اسميناه هنا في المملكة,, حركة النهوض التي عشناها على مدى الثلاثين سنة الماضية بالطفرة كانت على عكس اسمها الذي يتبادر لاول وهلة وهو على انها طفرة غير طبيعية او انها فترة مؤقتة انا اعتقد ان هذه الطفرة ادت الى بناء اسس اقتصادية او اجتماعية لها آثار بعيدة المدى هي عملية معقدة ولا يظن احد ان نتائجها 100% ولابد ان لكل عملية آثارا سلبية لكن ايجابيتها اكثر بكل تأكيد, التخطيط لبناء مؤسسات التعليم وتطويرها، بناء الجامعات، تطوير المواصلات والاتصالات، هذا يدخل في باب الرقي طويل المدى الذي تنعكس آثاره الآن في انتشار التعليم وانحسار الامية، في ارتفاع عدد المتعلمين تعليما عاليا وفي تعدد التخصصات ولكن مجموعة النتائج الباهرة لم يخلُ من بعض المشكلات التي لايمكن ان يخلو منها مجتمع من المجتمعات, فحققنا تقدما بعيد المدى ولكننا ربما نسينا بعض الاشياء التي لم نستطع ان نملأ بعض فجواتها التي كان يمكن ان نملأها مثل تطوير الطاقات الفنية - الطاقات المهنية البحتة فقد حصل عندنا انتشار وارتفاع في مستوى التعليم وهناك نقص نعيشه الآن في الخدمات مما اضطرنا للاعتماد على عناصر اجنبية كثيرة في الهندسة والطب ومجالات حساسة ومهمة نستطيع ان نقول اننا حققنا تقدما طويل المدى في بعض المجالات وبعضها كان قصير المدى وبالتالي ليس كافيا فكان يمكن ان نتلافى ذلك منذ البداية بالتوسع مثلا في انشاء كليات الطب وتشجيع التعليم المهني, لان كليات التعليم المهني لا تستطيع استيعاب كل من يتقدم اليها فكان يمكن ان تكون هذه الكليات قد أُنشئت منذ فترة بعيدة وربما قد تلافينا الاعداد الكثيرة في العلوم الانسانية ممن لا يجدون اعمالا, اذن التقدم البعيد المدى قد يترافق مع تقدم قصير المدى الذي قد يؤدي الى التقليل او الى نتائج سلبية تؤثر فيما نسميه رقيا بعيد المدى, فإمكانية عمل ذلك هو بالتخطيط السليم المستوعب لكافة الاحتياجات.
والمجتمع الآن تغير والذي غيره الآن عاملان:
1- الحاجة للعمل 2- الوعي وتضاؤل النظرة السلبية.
الذي حدث في ذلك الوقت واعتقد انه كان يمكن ان يحد من بعض انواع التعليم غير المرغوبة ويدعم هذه الجوانب من التعليم الحوافز المشجعة في ذلك الوقت من ناحية وكان هناك تحجيم للكليات النظرية الكثيرة في الجامعات لما وجد هؤلاء مكانا يذهبون اليه الا هذه المجالات، فهناك اغراء من ناحية وهناك قلة فرص من جانب آخر في ادارة التعليم النظري على كل حال قد تكون هذه الحلول خاطئة وقد يكون غيرها اصوب لكن الطريق الوحيد لاكتشاف صواب او خطأ الرأي هو طرحها للمناقشة وبالتالي تقدم وجهات نظر مختلفة بمعنى ان تطرح في الصحف ووسائل الاعلام وتناقش لا أن يكون عملا يخطط له الافراد القادرون بلاشك، لكن الانسان قوي بإخوانه ومجتمعه والفرد بمن حوله، فالحديث ليس عن الماضي لانه انتهى وانما عن المستقبل بمعنى اننا بحاجة لان نفتح الباب لمزيد من الحوار حول احتياجاتنا وحول توجهاتنا التنموية لنحقق التقدم البعيد المدى ان يكون خاليا من القصور في المجالات التي الآن نعاني منها.
- د, فوزية البكر:
اعتقد ان التعليم هو العمود الفقري لأي تقدم اجتماعي اوثقافي منظم انه يساعد على بناء قاعدة بشرية قادرة على مقابلة تحديات القرن المقبل ولهذا فان ما يتطلبه التعليم لا يكفيه مبادرات فردية او احاديث صحفية قدر ما يحتاج الى توجه حكومي مدرك لحجم هذه التحديات بحيث يخلخل قواعد هذه المعلبات المدرسية لينقل وظيفتها من مجرد تحويل عقول الطلاب الى حسابات بنكية لحفظ المعلومات الى قواعد للمعلومات تعمل على انتاجها وتحليلها وتنظيمها ومن ثم فمحاولة الحفاظ على هويتهم هو المردود الوحيد الذي يبقى في مقابل تحويل هذه الجذوة من الذكاء والتوقد الى كراريس رسمية لعلك واسترجاع معارف بائتة غادرتها الانسانية,, اذن هو التعليم,, فالتعليم,, فالتعليم.
الملف الثقافي
* (الجزيرة) نواجه مداً ثقافيا جارفا باسم العولمة في كل شيء فماذا نملك كتحصين لنا في مواجهة هذا التيار المهلك والذي قد تحلل معه الشخصية المحلية المحافظة والملتزمة؟!
- د, سعد البازعي:
اعتقد انه ينصرف عند التأمل في هذه المسألة الى بعض الثوابت الثقافية التي تتشكل منها الشخصية الثقافية للأمة أي المجتمع الذي نشير اليه وهذه الثوابت هي بشكل عام ثوابت عقيدة وثوابت تراث ومصالح كبرى نسعى لتحقيقها ونحاول جادين ألا نتأثر بالمؤثرات الخارجية، الحفاظ على هذه هو الاهم لكن كيف نفعل ذلك؟
اولا: لا يمكن الاعتقاد بأن من الممكن ان ننعزل ثقافيا عن العالم بل اننا لا نريد ولا افهم من السؤال انه يطرح امكانية عزل هذه الشخصية عن المؤثرات فنحن الآن في خضم هذه المؤثرات ومطالبون بالتفاعل معها لكن التفاعل الذي ننشده هو التفاعل الايجابي يحاول ان يستشيد بقدر الامكان بكل ما هو بناء ويحتاط من كل ما هو غير بناء لذلك ينبغي منذ البداية ان نرفض فكرة العزل الصارم ضد مؤثرات العولمة فنحن الآن في تصوري نعيش وضعا عالميا ان جاز التعبير فالشركات الكبرى تستثمر في البلاد والمؤثرات الثقافية تأتينا من كل مكان سواء عن طريق الفضائيات او الانترنت او الكتب او المطبوعات الاخرى لكنني اعتقد ان هناك ضوابط كثيرة تقلل من التأثير السلبي لهذه العوامل وبالتالي نحن بحاجة الى شيئين رئيسيين:
الاول: الفهم الصحيح لهذه الضوابط والتعامل معها بشكل ايجابي عن طريق تفهمها تفهما غير منغلق.
ثانيا: تفهم الآخر ودراسته وطبيعة التكوين لهذه الثقافة التي تفد الينا ما يزيد على القرن.
في الواقع ليس شيئا جديدا ما نسميه بالعولمة لكنها اكتسبت مرحلة اطول مما كانت فنحن اذن بحاجة لدعم هذين الجانبين في حياتنا الثقافية والاجتماعية بشكل عام وفهم ادواتنا فهما صحيحا وفهم الآخر وعلى هذا الاساس نبني سلوكا اكثر فاعلية لمواجهة المؤثرات الخارجية وبالمناسبة اذكر انه قبل حوالي العقد من الزمن كان هناك قلق شامل من تأثير الفضائيات في هذه البلاد واثيرت في بعض الصحف والمجلات، الذي اتضح الآن هو ان المخاوف لم تكن بالقدر الذي وقع الآن اننا سنتأثر اجتماعيا وسنتحلل ونفقد كل ما لدينا بالتأكيد ما حدث الآن من استمرار على كثير من الثوابت واسسنا ينبغي ألا يجعلنا نتفاءل اكثر من اللازم وان نتخلى عن كل محاولة والتحصن ضد المؤثرات السلبية لو اخذنا المسألة بشكل اكثر تفصيلي لان المسألة شديدة العمومية لو حاولنا ان نخصصها اكثر ونأخذ الانترنت كمثال بوصفها مدخلا ضخما للعولمة لاتضح لنا السبيل الوحيد امامنا وامام العالم غير الغربي بمواجهة مؤثرات العولمة عن طريق الانترنت هو ان نبني ثقافتنا بحيث تدخل في هذه الشبكة ان ننشرها ونبثها في العالم بطريقة تؤثر وان نوعي الاجيال بالموجود في الانترنت وغيرها بشكل صحيح وبدون مخاوف مبالغ فيها، اعتقد ان بناء مواقع على هذه الشبكة المواقع العربية التي قد تغني هؤلاء المتعاملين مع هذه الشبكة عن البحث عن اشياء سلبية انه طريق واضح وجدير بالاهتمام ومن المؤكد ان هذه المواقع لا ينبغي ان تكون نصحا وتلقينا بشكل مباشر وممل لان الناس لن يتجهوا اليها لان طبيعة البشر يبحثون عن الشيء المسلي الممتع وهذا ممكن ان نمزج بين ما هو بناء ومفيد وممتع واعتقد ان الاصرار على ان تكون الاشياء ايجابية تماما بحيث انها تتجه الى بناء الشخصية بطريقة صحيحة عن طريق الدروس الاخلاقية والكتب المنشورة هذا لن يجدي وانما ان نكون اكثر واقعية في التعامل مع العالم المعاصر نستخدم اسلوب الصورة والادوات الثقافية المنتشرة وبدون هذا اخشى اننا سنخسر هذه المعركة لانه لسنا نحن فقط في هذا العالم انما هناك اجزاء كبيرة من العالم تعاني نفس المعاناة وبالمناسبة لعلي لا اضيف جديدا اذا قلت ان من يعاني من تأثير العولمة ليس العالم العربي والاسلامي فقط وانما هو العالم غير المتحدث باللغة الانجليزية وقد نحصر المسألة انه العالم فيما عدا الولايات المتحدة الامريكية لان (فرنسا) مثلا تعاني من تأثير اللغة الانجليزية وانتشارها وتحاول ان تقلل من هيمنة اللغة الانجليزية على الانترنت، اليابان تحاول نفس الشيء، الصين كذلك فهي مشكلة عالمية وليست محصورة لدينا واعتقد ان من سبل المجابهة في هذه المعركة الضخمة هي الافادة مما توصل اليه الآخرون ما الذي يحدث في الصين، اليابان، فرنسا الآن؟ كيف يواجه هؤلاء اكتساح الثقافة,, والمؤثرات الاقتصادية الامريكية على العالم, نحن لا نريد ان نحارب هذه المؤثرات او نمنعها تماما انما لا نجعلها هي السيادة في كل شيء.
هناك مؤثرات ثقافية تأتي مثلما يأتي غيرها ولكن لا ينبغي ألا تكون هي المؤثر الوحيد وهذا هو الخوف بحيث تدمر ثقافتنا وتدمر المؤثرات الاخرى القادمة من دول اخرى من العالم؟
- د, فوزية البكر:
العولمة مفهوم مرعب وهو للاسف حتمي اردنا ام لم نرد,, ولعلي اشعر كثيرا كثيرا بالاسى وانا اشاهد ملايين الاطفال وقد زرعوا في بيوتنا امام اجهزة الكمبيوتر غارقين في العاب هي في حقيقتها جزء من قيم العولمة, اسأل ايا منهم ان كان يعرف جاره او اذا قام بغسل سيارتهم بمساعدة والده,, او ذهب ليجلب الخبز من الخباز لاسرته الخ,, كل هذه الخبرات الصغيرة هي التي تخلق في مجموع تراكمها ارتباطا بالواقع المحلي يساعد في خلق الشخصية المحلية التي تتلاشى اليوم خاصة وهؤلاء الصغار سيكونون لقمة سائغة في يد الحواسب الشخصية والانترنت مع طرقهم لابواب الشباب! بحيث تشيع ما يسمى بالمفاهيم والقيم العالية وفي الحقيقة من الضروري للانسان ان يتشبع بالقيم العالية والانسانية العامة التي تساعده على فهم العالم حوله لكن هذا الانسان لا يتمكن من خلق التوازن داخله اذا لم يكن مدركا ومعتزا بجذوره الاصلية.
وفي رأيي ان الوالدين في عصرنا الحاضر وخاصة مع انتشار التعليم وسد الفجوة الثقافية بين الآباء والابناء يملكان اقوى الوسائل بواسطة مؤسسة الاسرة للتعريف وللتأكيد على الاصول الثقافية الوطنية للطفل دينيا وتراثيا وعربيا, ولا يجب ان يعتقد الوالد ان هذه مهمة المدرسة فقط, بل على العكس عليهما كمتعلمين ان يكونا قادرين حتى على نقد ما تقدمه هذه المدرسة وعلى طريقة تقديمه (طرائق التدريس).
كيف ذلك؟ بتوفير الاثارة الثقافية والفكرية الكافية مع الابناء,, خلق قنوات حوار دائمة تعرف الصغير بواقعه وماضيه واحتمالات مستقبله,, هذا بالاضافة الى دور المؤسسات الثقافية المساندة كالاعلام والجمعيات في تطوير آليات عملها ومحتوى هذا العمل لمواجهة تحديات العولمة.
أ, فوزية ابو خالد:
لايكاد يمر يوم واحد دون ان نقرأ ونسمع عشرات المرات عن (ليلى والذئب) او عن (الجميلة والوحش), اي عن العولمة والشخصية المحلية المحافظة المستهدفة وعن العولمة والثقافة المحلية المقتنصة ولابد ان هناك سبباً بل اسباب بالاضافة الى الاعلام مما القى العولمة في روعنا كوحش كاسر وجعل المجتمعات المحلية تنظر الى نفسها نظرة الحمل الوديع الذي لا يملك حولا ولاقوة الا ان يعد نفسه كقربان قابل للافتراس على وليمة العولمة فيما لو لم يحسن الاختباء والتحصن والاحتماء بما فيه الكفاية بين ظهراني القطيع مع ان هناك بدائل متعددة وخيارات عدة اكثر جدوى وعملية في التعامل مع معادلة الذات - العولمة لو لم نقنع بذلك الدور الحملي الساذج، ولو اننا فكرنا في تفجير طاقاتنا المجمدة والكامنة تلك التي نهدرها في مواقف دفاعية عما هو قائم بدل تطويره ليكون في موقف الفعل والتفاعل وليس في موقف الدفاع والاحتماء.
يااخي أرى ان هناك لبساً في فهم العولمة وفي فهم معنى الشخصية المحلية والثقافة المحلية والخصوصية التاريخية والاجتماعية والى آخر المنظومة التي يراد تحصينها والدفاع عنها دون تقدير موضوعي لطبيعة اشكالية علاقتنا بذاتنا والاشكالية التاريخية في علاقتنا بالآخر المسيطر في العولمة وهذا اللبس لا يقع بين اولئك الذين يحلو للنخب الثقافية والسياسية تسميتهم (بالعامة) ولكنه لبس قائم بين تلك النخب نفسها والحقيقة انني اشعر بالتردد والذنب معا, للمساهمة في مثل هذه القضايا المعقدة الكبيرة والمصيرية في العجالات الصحفية التي لا يؤدي غالبا لابتسارها الا الى مزيد من الالتباس والضبابية حول موضوع نحن احوج فيه الى الوضوح والمصارحة والبحث خاصة ومصدر تحفظي هو ان الاسئلة في مثل هذه العجالات الصحفية كثيرا ما تكون لانتزاع بعض التطمينات من افواه الكُتاب والمثقفين ولترديد بعض المسلمات التسكينية التي تقول ان مجتمعاتنا هي الخير كله وان الآخر هو الشر كله او العكس كما تقول اننا بخير لو احسنا الاحتماء او نحن بخير لو احسنا الارتماء في احضان الآخر, ومثل هذا الطرح يأتي مع الاسف على حساب اعطاء الموضوع حقه من التحليل لفهم مسألة العولمة والذات وللحوار العقلي حولها من قبل الكُتاب والمثقفين انفسهم قبل غيرهم او على الاقل مثلهم مثل غيرهم.
صحيح ان العولمة باختصار مخل، مد عالمي مؤسس على السيطرة الغربية وهي لا تقوم باي حال من الاحوال على التساهل في قبول المجتمعات الاخرى المختلفة عن منظومتها بل انها قد تعمد الى سياسة الالحاق والتذويب ولكن الصحيح ايضا ان تلك القوى المسيطرة في مد العولمة لا تستطيع ان تفعل بذلك وان ارادت الا بالمجتمعات التي يكون في تركيبها الداخلي بذرة الاستعداد لهذا المحو سواء ظهر هذا الاستعداد بشكل التقوقع على الذات او بشكل الارتماء في احضان تلك القوى والبديل هو طرح مشروع اجتماعي يكون تطوير الشخصية المحلية كما يشير السؤال واطلاق قدراتها العقلية من عقالها وتحريض الحس النقدي لديها لا حمايتها، هو واحد من محاور هذا المشروع بالاضافة الى المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية الاخرى.
* (الجزيرة):
كيف يمكن للعطاء او المنجز الثقافي احداث تغيير جوهري في بعض المفاهيم الاجتماعية والثقافية البسيطة السائدة التي ترى (مثلا) ان الثقافة والادب لا يتجاوزان ان يكونا مجرد قصائد شعر عامية وعاطفية، مثلما ترى ان الثقافة مجرد معرفة لا تصل الى محاولة فهم الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟!
د, سعد البازعي:
ينطوي هذا السؤال على حقائق ادركها كما يدركها كل المشتغلين في هذا المجال, الادب او العمل الثقافي لايعمل على كل المستويات,, اي تأثيره ليس على كل المستويات بالتأكيد هناك عمل ثقافي متفاوت او ينبغي ان اقول ان العمل الثقافي متفاوت المستويات اصلا لكني اقصد العمل الثقافي من نوع الجاد الذي ينشد العمق والاصالة والابتكار, هذا العمل الثقافي لا اود ان اقول الرفيع ولكن الجاد فمثل هذا العمل لا يشتغل على المستويات البسيطة في المجتمع ولاينبغي ان اطمح الى ذلك اساسا ولكنه يعمل على مستوى العقول التي تتناوله وتتلقاه ويتسرب من هذه بطريقة غير مباشرة الى البنية التحتية للمجتمع او الى مختلف فئات المجتع الاخرى, انا لا اتوقع من عامل في مطعم او سائق تاكسي او بائع في مكان ما دون التقليل من شأنهم لا اتوقع من الناحية العلمية والثقافية ان يستقبلوا كتابا في النقد الادبي او الفلسفة او التشكيلي او الى ذلك من فكر اجتماعي ونفسي وغير ذلك.
لكني اعتقد ان هذه الاعمال الجادة تبني جيلاً من المثقفين يسهمون في صنع الحياة الثقافية وبالتالي يؤثرون بطريقة غير مباشرة في التكوين الاجتماعي يبدو لي احيانا ان هناك ثلاثة مستويات في العمل الثقافي وهذا المستوى الذي تحدثت عنه ربما يكون المستوى الارفع ولكن هناك مستوى متوسطاً وهو الذي يستطيع ان يصل بين الفئات الاجتماعية او يربط بين اولئك البعيدين بالثقافات الجادة وبهذه الفئة المتوسطة في موقعها وليس في مستواها تمثلها وسائل الاعلام والمطبوعات المنبسطة فلنقل مؤسسات اجتماعية قادرة على ايصال الفكر الجاد للمتلقين الذين يسعون للارتقاء والافادة عن طريق الفكر الجاد اما بتبسيطه او تسهيل وصوله الى عامة المتلقين واقصد الاندية الادبية التي تعمد الى جانب وسائل الاعلام في توصيل الثقافة الجادة للفئات الابسط واقل اهتماماً بالثقافة من غيرها وهذه الفئة هي التي يمكن ان نغير وجهة نظرها تجاه الثقافة بأن نسمح للتفكير الجاد ان يصل اليهم عن طريق المحاضرات والندوات واللقاءات الصحفية والمقالات التي تنشر فتتسرب الافكار بهذه الطريقة فتصل لكني لا استطيع ان انطلق من هذا لاقول ان الثقافة الجادة هي عديمة الجدوى وهناك من يقول هذا بناء على اعتقاد ان هؤلاء يعيشون في ابراج ثقافية اعتقد انه في كل ثقافة هناك اناس يعيشون في عزلة ويوجهون ثقافتهم بشيء من العزلة ان لم يكن في عزلة تامة لكن انتاج هؤلاء ضروري لاني لا استطيع دون ان يكون لدي قدر كبير من العمق واناس يفكرون تفكيراً فلسفيا او تفكيراً معمقا في القضايا فاذا لم تستطع الفئة البسيطة ان تدرك ما يعمله هؤلاء فالذنب ليس ذنب هؤلاء لكن هذه الفئة مطالبة دائما ان تستوعب الحاجات العامة للمجتمع لما تفكر به لا ان انقطع انقطاعا تاما يؤدي بها الى الهامشية واللاجدوى في نهاية الامر بمعنى ان الحياة الثقافية تستلزم وجود من ينشغلون بمسائل تكاد تكون نظرية مجردة كثيرة في العمق الثقافي الاجتماعي البسيط ان ينشغل انسان مثلا بمسألة نحوية او بقضية نفسية في غاية التعقيد او بنظرية النقد الادبي او منهج فلسفي هذه قد تبدد كلها مشاغل عاجية فلسفية بعيدة عن الهموم اليومية للناس التي في نهاية الامر تستفيد من هذا الطرح على ما يبدو عليه من تجريد وبعد عن الهموم اليومية والطريق الذي يردم الفجوة بين هاتين الفئتين هو وسائل الاتصال المعاصرة,, المؤسسات الثقافية هذا بالطبع اذا قامت بدورها الصحيح بدلا من أن تنغمس كما يحدث في كثير من هذه الوسائل المعاصرة في مجرد إرضاء الجماهير الذي يحدث الآن ان الحاجة الاقتصادية تحكم كثيراً من هذه الوسائل فتدفعها الى تهميش الجانب الجاد وتقديم السهل الميسر للناس لان الناس لن يستوعبوا هذه الجدية من ناحية وبالتالي لن يقبلوا على هذه الوسيلة اذا ما هي قدمت لهم جرعات من الجدية اكثر مما يريدون او يحتملون.
* (الجزيرة):
الرياض ستحتفل بكونها عاصمة ثقافية للعام 2000م فكيف تقترحون استغلال هذه الاحتفالية المهمة لابراز المنجز الحضاري والانساني بالوطن، وبما يؤهل المملكة لرسم صورة مميزة عنها؟!
- أ, فوزية ابو خالد: كم هي موحية كلمة عاصمة ثقافية، عاصمة ثقافية اي ان تصطفي مدينة من بين المدن لتتوج مليكة لموكب وجداني وعقلي وبصري يموج بحركة الفكر والادب من المسرح الى المكتبات العامة ومن المتاحف الوطنية للثقافة والتراث الى معارض الفن التشكيلي الحديث الدائمة والمتنقلة من الامسيات الشعرية الى منتديات الحوار في الثقافة والسياسة هكذا كانت العواصم الثقافية في عوالم بعيدة او اخرى متخيلة كما كنا نقرأ عنها ونحن على مقاعد الدراسة.
وفي هذا السياق لابد من الاقرار بان من شروط اي عاصمة لكي تكون عاصمة ثقافية ان تؤسس وتتيح القنوات الثقافية للشباب والكبار والأطفال ايضا والتي تكفل على قدم المساواة لجميع المواطنين حق المشاركة الثقافية في اثراء الخطاب الثقافي العام بمختلف الطروحات الثقافية والابداعية الفكري والادب والفني منها دون ان يقتصر ذلك على ابراز اطروحة وطمس اخرى او التقليل من شان اي منها او الانحياز ضدها لما هو غير ثقافي, كما ان من ابسط شروط العاصمة الثقافية هو شرط الحرية بضمانات حقوقية لمنتجي الثقافة وللمنتج الثقافي، من الحقوق المادية للكاتب الى حقوق النشر وحريته، ومن حرية الانتداء والحوار الى حرية حركة الكتاب والمعلومات باوعيتها التقليدية والتقنية الحديثة.
بهذه الشروط اذا اقترنت بما تتمتع به المملكة عموما من بنية اساسية تحتية لطرح الاعمال الثقافية كوجود المقرات الدائمة والمتنقلة للعروض التشكيلية كما في بعض بيوتات مدينة جدة للفن التشكيلي وكذلك وجود مدينة مفتاحة التراثية بمنطقة عسير ووجود مقار الاندية الادبية ذات الابنية الحديثة والاعداد التقني بعدد من المدن الرئيسية وكذلك وجود مكتبة الملك فهد الوطنية ومتحف الملك عبدالعزيز الوطني وقصر الثقافة بالرياض مع ما يمكن ان يضاف عليها بهذه المناسبة فانها قد تعطي الرياض صورة العاصمة الثقافية المرتقبة بشرط الملاحظة هنا ان العاصمة الثقافية تعني مدنية مواطنيها النساء والرجال معا وعلى نشاطها الثقافي ان يمثلهما معا ويعبر عن صوتهما الثقافي والمشترك وبما ان الشيء بالشيء يذكر فان لي سؤالا على هامش هذه النقطة وهو كيف ستطرح فعالية الجانب النسائي في الاعمال والانشطة والندوات التي ستقام على هامش المناسبة ومن اي منبر اذا كانت مناسبة الجنادرية السنوية من الموسم الثقافي الوحيد حتى الآن الذي اعطى المرأة مجالا لتجربة معقولة وان كانت متواضعة لمشاركة المرأة المنبرية في الفصل الثقافي ام كالعادة سيتم استضافة الرجال فقط من مثقفي الوطن العربي والعالم دون نسائه لينتدوا ويتحاوروا بينما لا نصيب للمرأة من هذا الا هامش الهامش.
ومن المقترحات الاخرى التي نطرحها في هذه العجالة سأقترح ان تخصص ميزانية لا تصرف على الجوانب الدعائية لهذه المناسبة ولكن تصرف حقا على الجوانب الثقافية المستحقة ومن أوجهها على سبيل المثال طباعة كتب الشباب الابداعية النائمة في الادراج.
اقترح اقامة معارض دائمة لفنون الشباب التشكيلية الحديثة.
اقترح البحث جديا في آلية عملية لتكون هذه المناسبة مجالا لاتاحة التفاعل الثقافي بين الاجيال.
د, فوزية البكر:
ستحتفل الرياض بكونها عاصمة ثقافية,, الحالة الثقافية ليست حدثا يمكن نشره او التصفيق له باحتفالية خاصة, انه مناخ عام يسود الفضاء الاجتماعي ليجعل للمفاهيم والاشكال الثقافية كمفهوم العقلية العلمية ومفهوم الطباعة والكتاب والمتحف والمعرض الفني حضورها الاعتيادي بحيث تتقاطع مع تفاصيل الحياة اليومية للطفل والبالغ رجلا كان او امرأة.
ولكي تفهم ما اعنيه دعني اسرد لك.
مثلا عن رحلتي اليومية التي كنت اقوم بها حين كنت طالبة للدكتوراه في لندن حيث كان منزلي في شمال لندن وللذهاب لمعهد التربية بجامعة لندن كنت استغل القطار الارضي الذي استمتع يوميا بملاحقة ما في جدرانه من مقطوعات شعرية مختارة ومتغيرة باستمرار لادباء مشهورين ومغمورين من كافة انحاء العالم اضافة الى الاعلانات عن كافة الاحداث الفنية والثقافية ما بين عروض ومحاضرات ومعارض للكتب الخ,.
هذا هو المناخ وحين اصل الى المعهد ومن اللحظة التي ادخل فيها اصبح في متحف فني فعال يمين الداخل اعتاد المعهد وفي ممر صغير اقامة معارض فنية (رسم/نحت) او معرض كتب الخ هذا عدا ما يحدث على مستوى الجامعة من نشاطات او في الشارع او بجانب المقهى,, الخ فانت اذن محاط بالحدث الثقافي اينما ذهبت ومن ثم فهو ليس حدثا منعزلا يخص فئة نشطة تجريه في انديتها او اروقتها الخاصة.
بالطبع ان خلق هذا المناخ مرحلة متقدمة لكن على كافة المؤسسات الثقافية والتعليمية رسمية او غير رسمية ان تمنحنا شيئا من هذا ولن تتمكن من اطلاق شبح هذا المناخ الا باعطائها ليس الموازنات المالية الكافية فقط بل الحرية الكافية فكريا واداريا بما يحرك الابداعات الفردية المتناثرة هنا وهناك وبما يساعدها على التخلص من التصاقها البيروقراطي بالادارات الحكومية وبالاجواء العامة التي تتفنن في خلق العوائق الفكرية والادارية.
د, سعد البازعي:
كون الرياض عاصمة ثقافية للعالم العربي فهو حدث مبهج لكل فرد في هذا المجتمع بلاشك والذي افهمه من كون الرياض ستكون بهذا الموقع الهام الذي سأفهمه ان المملكة كلها ستكون موقعا ثقافيا ضخما لان الرياض من مكانها كعاصمة تحتل الوطن ككل وليس المدينة وحدها وكما علمت من احد الاخوة عن الاستعدادات التي اتخذت ان جهات كثيرة ومدنا كثيرة ستشارك وليس الرياض وحدها فهذا امر مبهج واتمنى ان تكون النتيجة كما هو مؤمل، شخصيا لم يكن لي اي دور في التخطيط لهذه المناسبة ولكني اثق ان من يقومون على تحقيق هذه المناسبة جديرون بما هم قائمون عليه وارجو ان يحققوا ما نتمناه جميعا، الوقت المتبقي من عام 2000 يسمح باقتراحات ارجو ان تجد صدرا رحبا لدى العاملين والقائمين على هذه المناسبة الكبيرة الاقتراح الاول هو ألا يقتصر العمل لهذه المناسبة على الجهات الرسمية لاني علمت ان هناك لجانا من جهات رسمية معنية ستخطط لهذه المناسبة وهذه الجهات الرسمية في غاية الاهمية ستشارك وهي اساسية ولكن هذا لا ينبغي ان يؤدي الى تهميش الافراد ولا ينبغي ان يؤدي الى التقليل من شأن المثقفين والعاملين في حقل الثقافة فاقترح ان تكون هناك لجنة موازية للجنة الرسمية التي تمثل المؤسسات لجنة تمثل قطاع المثقفين غير المنتمين للمؤسسات انتماء مباشرا وهناك عدد كبير من العلماء في بلادنا والمفكرين والمثقفين والمبدعين الذين في نهاية الامر هم الذين سيجعلون الرياض عاصمة الثقافة هم الذين اعمالهم ستمثل الواجهة الثقافية وليس فقط المؤسسات فالمتاحف مهمة، المعارض الفنية مهمة، المكتبات ومعارض الكتب مهمة لكن المعارض ستعرض اعمال الفنانين اعتقد انه ينبغي فتح الباب لوجهة النظر هذه اقصد المشاركة الثقافية للافراد ممن ينتمون الى جهات لكنهم ليسوا بالضرورة اعضاء في لجان او مؤسسات تمكنهم من اعطاء وجهات نظرهم فأتمنى ان يفتح المجال لهم لتشكيل لجنة منهم او بعقد لقاءات عامة بينهم وبين بعض المسئولين يستفاد من آرائهم هذا من ناحية ما دامت الفرصة قائمة بالنسبة لي شخصيا لتوجيه بعض الامنيات فسأقول اني اتمنى ان تشهد الرياض نشاطا غير مسبوق وان يكون هذا النشاط منفتحا على العالم العربي بحيث نرى المثقفين العرب هنا يشاركون في ندوات او مؤتمرات ونراهم يحاضرون او يلقون شعرا او يقرأون قصصا او يناقشون قضايا او ان نرى كتبهم او يروا كتبنا لانه بغير هذا لن نحقق هذه المركزية الثقافية التي تتضمنها كلمة عاصمة ثقافية اتمنى ان نبحث في الجوانب التي تصل الرياض بالعالم العربي او المملكة بالعالم العربي وبهذه الناحية او اقصد ان تتضمن الانشطة والفعاليات الثقافية في العام القادم ندوات او ندوة حول الصلة الثقافية بين الحركة الثقافية التي قامت في المملكة وفي انحاء العالم العربي المختلفة فمن المعروف اننا اثناء تطورنا في نصف القرن الماضي او ما يزيد حظينا بعدد كبير من العلماء والمثقفين العرب الذين عاشوا في المملكة وعملوا فيها وكان لهم دور مهم في تذكية روح النهضة والتطور في بلادنا اتمنى ان يتسع المقام لنشاط يركز على هذا الجانب لانه يبرز الانتماء العربي والتفاعل بين حركتنا الثقافية والحركات الثقافية في العالم العربي واتمنى ان تقوم احدى الجهات برصد هذا الجانب او يقوم احد المثقفين او الباحثين بعمل ذلك مدعوما باحدى الجهات مثل احد الاندية الادبية او جمعية الثقافة او احدى الجامعات ان تدعم مشروعا يبحث في علاقة الحركة الثقافية واستفادتها من الحركات الثقافية اعتقد احداث مثل هذا النشاط فيه ابراز للهوية الثقافية العربية للرياض وهو ملمح صغير ربما من هذا الاهتمام كله لكنه يخطر على البال بشكل خاص ويمنحنا فرصة لابراز العلاقة الحميمة بين مدن المملكة ومنها الرياض والمثقفين العرب فهي عبارة وفاء منا لهؤلاء ومن ناحية اخرى ابراز لما وصلنا اليه الآن بعد ان استقامت لنا الحركة الثقافية واصبحنا قادرين على المضي قدما وان كنا نظل جزءا عضويا للثقافة العربية فهذه بعض الملامح التي اتمنى ان تتحقق في هذه المناسبة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
ندوة الجزيرة
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved