عزيزتي الجزيرة
كلما امتدت الايام بالحضارة تبين عورها، وظهرت عيوبها، وتكشفت آثارها السلبية، وكما قيل، ان هذه الحضارة طورت المركوب ونسيت الراكب, وكما هو واضح جلي ان هذه الحضارة اهتم اهلها بالغ الاهتمام بتطوير حظوظ الجسد من مأكل ومشرب، وملبس ومركب، وأثاث ومسكن، ولكنهم اغفلوا تمام الاغفال حظ الروح او النفس وهو ارتباطها بخالقها والتطلع والتشوق اليه والقيام بأوامره، والخضوع لنظامه في الارض، فأصبح الانسان الناتج من هذه الحضارة عبارة عن آلة صماء لا تعرف إلا الاداء.
ومن آخر آثار هذه الحضارة انتشار هذه الالعاب الالكترونية الترفيهية التي تصاحب شاشة التلفاز وآخرها وأخطرها جهاز لعبة ال (بلي ستيشن) Play Station التي تفشت وانتشرت وعمت كل بلادنا بلا استثناء, وقد لعبت هذه الالعاب بعقول الابناء بلا ملاعب، فاستهوت نفوسهم، وسحرت عقولهم، وسلبت ألبابهم بألعابها المشوقة التي جذبت هؤلاء الاطفال بل واحياناً الكبار فجعلت هذا الطفل المسكين يعكف امامها الساعات الطوال، ويفني معظم وقته بمتابعة العابها ببالغ الاهتمام وبأقصى طاقات الذهن، وبطول التركيز المفرط، وقد تتسبب هذه الامور باتلاف آلاف الخلايا في المخ وتتحطم ذاكرة هذا اللاعب المسكين من حيث لايشعر وبالتالي يتأثر ادراكه وفهمه مستقبلاً، وهذا الامر قد وجدته ولمسته بل وادركته في المهنة التي امارسها وهي مهنة تدريس الصف الاول الذي يتمتع طلابه بصفاء الذاكرة, فقد لاحظت امراً غريباً في هذا العام الدراسي 1420ه وهو تدني ذاكرة التلميذ وضعف تركيزه على غير عادة السنين الماضية وحينما بحثت في هذا الامر بكل جدية وجدت ان التلاميذ الذين لا يمتلكون هذه الالعاب الترفيهية - وهم قليل - افضل بكثير من ناحية الانتباه والتركيز، وقوة الذاكرة والتقاط المعلومات من اقرانهم وزملائهم الذين يمتلكون هذه الالعاب الالكترونية, هذا علاوة على ان آثار هذه اللعبة على الجسد لا حصر لها ويكفي انها تقضي على حيوية ونشاط الطفل فتتسبب له بالخمول والكسل وبعض الامراض كالروماتيزيوم وآلام المفاصل.
وآخر ما قرأته في كتاب (ثبت علمياً) يقول: (ثبت علمياً ان شاشة التلفاز تبث موجات كهرومغناطيسية لها أثر بالغ على النظر والذاكرة)، هذا اذا كان الجلوس صحيحا وبمسافة مناسبة ولمدة محدودة.
فما هو رأي ولي الامر الكريم الذي يعرف ان ابنه يعكف عند شاشة التلفاز لممارسة هذه الالعاب لساعات مديدة عديدة متتالية متوالية، كثيرة لا قليلة، لا مقطوعة ولا ممنوعة.
اقول ما هو الرأي على ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكل مسئول عن رعيته) ثم ندائي الى معالي وزير المعارف ان يبحث مع وزارة التجارة وبتشكيل فريق مختص في امر هذه الالعاب الالكترونية الترفيية التي اصبحت تحاربنا نحن المعلمين فتهدم في المنازل ما نبنيه لدى ابنائنا في المدارس.