Friday 15th October, 1999 G No. 9878جريدة الجزيرة الجمعة 6 ,رجب 1420 العدد 9878


حديث الديار
جامع حسان بالرباط

رباط الفتح او مدينة الرباط كما تعرف الآن، هي مدينة من تشييد دولة الموحدين في المغرب، وكان الهدف من تأسيسها ان تكون حاضرة بديلة لدولتهم عوضا عن العاصمة الاولى (مراكش)، ذلك ان جهود الموحدين لانقاذ الاندلس من هجمات نصارى الاسبان كانت تتطلب وجود مثل هذه المدينة على شاطىء الاطلنطي لتكون قاعدة لتجهيز الجيوش قبل ان تجتاز مضيق جبل طارق الى قاعدتها الاندلسية في جزيرة (طريف).
وقد بدأت الرباط في الظهور على انقاض رباط او حصن كان للمرابطين قرب مدينة شالة، وعندما جاء الخليفة الموحدي عبدالمؤمن بن علي شرع في تشييد حصن ومدينة في نفس الموضع وكان ذلك في عام 544ه وسمى هذه المدينة (بالمهدية) نسبة الى مؤسس الدعوة الموحدية (المهدي محمد بن تومرت).
وجاء الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب المنصور ليزيد من عمران المهدية ويزودها بسور دفاعي ويجدد مصادر مياهها فاتسع عمرانها,, ومنذ عام 593ه غلبت تسمية (رباط الفتح) على التسمية القديمة (المهدية) التي نسيت تماما بعد ذلك.
وفي اعقاب النصر الباهر الذي حققه الخليفة المنصور على ألفونسو الثامن ملك قشتالة في معركة الارك الشهيرة (شعبان 591ه - يوليو 1195م) عاد المنصور الى (رباط الفتح) ليخلد ذكرى هذا الانتصار بانشاء مسجد جامع جديد بعدما ضاق مسجد القصبة القديم بالمصلين (يعرف اليوم بالجامع العتيق) ولكن وفاته قبل اتمام البناء ادت الى توقف العمل كليا في هذا الصرح المعماري وقعدت همة ابنه محمد الناصر به فلم يفكر في اتمام البناء ولعل ذلك كان بسبب معاودة النصارى بأسبانيا لاعمالهم الهجومية ضد المدن الاندلسية.
وطبقا للمصادر التاريخية فان ابواب الجامع قد نهبت بعد وفاة المنصور كما دمر زلزال كبير ظلات الصلاة فيه حتى لم يبق منه بخلاف الطابق الاول من المئذنة (الصومعة) سوى اطلال واجهات ثلاث بينما تلاشت الواجهة الجنوبية الشرقية تماما وحل مكانها مسجد حديث البناء.
ويبدو من حدود اطلال المسجد انه كان ضخم المساحة (حوالي 25200متر مربع) اذ تبلغ ابعاده 180 متراً طولا و140 مترا في العرض والمساحة باقية كما كانت مبلطة بالاحجار التي تآكلت وتحطمت في كل موضع، بينما فقد كل اثر لحوالي نصف اعمدته الاصلية وكان عددها اربعمائة عمود موزعة على اربع ظلات للصلاة اعمقها ظلة القبلة المكونة من خمسة اروقة موازية لجدار القبلة.
والبقية الباقية من جامع رباط الفتح هي تلك المئذنة التي لم تكتمل هي الاخرى والمعروفة لدى اهل المدينة وزوارها باسم صومعة حسان وهي تقع في منتصف الواجهة الشمالية الغربية على محور المحراب القديم لجامع المنصور وقد تم تشييدها بالحجر الصخري المتين، ويبلغ سمك الجدران بها حوالي 2,5 متر وتصميمها كما في اغلب مآذن المغرب والاندلس يعتمد على البدن المربع الذي يتكرر بمقياس اصغر في الطابق العلوي لينتهي بجوسق فوقه قبة مضلعة, ويصل طول ضلع المربع الاولى الى حوالي 16 مترا بينما يقدر ارتفاع ما تبقى من المئذنة بحوالي 44 مترا، وكان الارتفاع الاصلي لها يبلغ 65 مترا الا ان الجزء العلوي منها سقط مع اعمدة الجامع تحت عنف الهزة الارضية التي ارتجفت لها اوصال الرباط في عام 1169ه.
وتمتاز الواجهات الخارجية للصومعة بزخارف على هيئة معينات تكشف عن تمكن الفنان المسلم من مفردات الزخرفة في الاحجار حتى في العمائر ذات النسب الضخمة.
وبداخل صومعة حسان توجد عدة حجرات متطابقة يصعد اليها بممر صاعد يلف حول الحجرات في المسافة الواقعة بين بنيانها وبين جدران المئذنة ذاتها ولهذه الحجرات شبابيك معقودة الفتحات.
ومن الجدير بالذكر ان موقع المئذنة في هذه المدينة التي ترتفع حوالي 30 مترا عن سطح البحر يشير الى انها كانت تستخدم ايضا كبرج للاستطلاع,ومن اسف ان نوائب الدهر لم تذهب فقط برسم المسجد وانما ايضا باسم مشيده المنصور فهو كما الصومعة، ينسب الى حسان الذي يقال انه مهندس الجامع الاندلسي الاصل وان كان بعض الباحثين يعزي هذه التسمية الى عادة المغاربة في الاشارة الى الجوامع الكبيرة المحكمة البناء والزخرفة باسم (الجامع الحسن) التي حرفت بعد ذلك الى جامع حسان,وربما كان في هذه التسمية ما يشير الى الاصول العربية لدولة الموحدين بوصفهم من بني حسان وهي التسمية القديمة لسكان (شنقيط) الى موريتانيا الحديثة.
د, أحمد سيد الصادي


رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved