يؤكد علماء النفس والاجتماع ان السلوك فرع من التصور وبالتالي فإن ما نرصده ونشاهده ونعايشه من سلوكيات ايجابية اوسلبية في اطار المجتمع انما هي ناجمة ومتمخضة اصلاً عن ذلكم التصور الذي تشكل نتيجة لأنماط ومشارب تربوية متنوعة اصبحت وحدة معرفية لدى الفرد يستمد منها منهجه وسلوكه مجسداً إياه واقعاً عملياً.
من هذا المنطلق فإننا نستطيع وبسهولة الحكم على الانسان من خلال ممارساته اليومية لأوجه مناشطه وتعاملاته المعتادة قولاً وعملاً، بعد عملية التصنيف التي تمر عبر نفق الترشيحات السلوكية المنسوبة اليه ايجاباً او سلباً، فإن كانت الاولى فإننا نجزم ان التصور بني على اسس ومعطيات سليمة ذات ركائز جوهرية متينة اثمرت عضواً مثالياً حضارياً فاعلاً منسجماً مع رسالته في الحياة، يدرك حدود مسؤولياته، وأبعاد تصرفاته، مستحضراً دوره في مجتمعه ضمن منظومة الحياة المتكاملة، ويمكن لنا ان نصنفه ونصفه بأنه ايجابي بالتلقائية في كل ارض وتحت كل سماء.
اما الاخرى فإنها تبرز لنا وبجلاء البناء الواهي والإعداد الخاطىء للفرد بصورة القت بظلالها على جانب كبير من التركيبة الشخصية والابعاد النفسية والوجدانية والعاطفية نجم عنها حالات يجدر بنا ان نسميها بالشاذة والتي تمردت على المقومات المثالية والتعامل الحضاري باسلوب فج.
وبالتالي فإن مانلاحظه من نماذج سلوكية خارجة عن المألوف والمقبول والمعقول لاتعدو في الواقع كونها نتيجة حتمية لاعتبارات سابقة كانت سبباً في هذا النشاز الاجتماعي الذي تتكرر صوره الممجوجة وبإصرار غريب همش معه مشاعر الآخرين والنظرة الواقعية للحياة.
من هنا فإننا نؤكد على اهمية (التصور) الذي يرى علماء النفس المتخصصون بعلم نفس النمو ان معالمه تبدأ بالتحديد منذ ظهور مرحلة التعميم لدى الطفل وهي بداية التمييز بين الاشياء,.
الامر الذي يجعلنا نطالب وبمزيد من الالحاح الآباء والمعلمين والمربين بالاهتمام بهذه المرحلة من خلال التربية بالقدوة اولاً ثم بالتوجيه السليم بأساليب تتناسب والمرحلة العمرية تلك لاسيما وانها تمثل بداية الشعور بالذات والنظرة للحياة ولوكانت من زاوية ضيقة.
واذا ما استطعنا تفعيل الاهتمام (بالتصور) وعبر قنوات متعددة فإننا بذلك سنقضي على جملة من التجاوزات والمظاهر غير الحضارية التي يعاني منها المجتمع بفئاته وشرائحه.
وانا هنا لست مسرفاً او مبالغاً فيما اذهب اليه بيد انه استقراء للواقع جعلني أتوصل الى نتيجة أستطيع وصفها بالدقيقة جداً.
كما أنني لن أفرط بالتشاؤم ايضاً اذ بالامكان التعديل في تصورات حتى الكبار ولكن بعد صياغة جديدة لمستوى تفكيرهم.
محمد الحنايا