Saturday 16th October, 1999 G No. 9879جريدة الجزيرة السبت 7 ,رجب 1420 العدد 9879


خطوة رائدة يا وزارة الشؤون الإسلامية

شد انتباهي تَشَرُه؟ الدكتور عبدالله بن ناصر الفوزان على وزارة الشؤون الإسلامية لتوقيعها عقداً مع إحدى مؤسسات القطاع الخاص لتنفيذ مشروعها إعداد وتطوير النظم الإدارية والتدريب وأنظمة الجودة وأبدى الكاتبحيرة شديدة في مقالته المنشورة في الجزيرة الغراء بعنوان شرهتنا كبير ياوزارة الشؤون الإسلامية من إقدام الوزارة على اتخاذ ذلك القرار الذي لم يستطع الكاتب الوصول إلى مبرر مقنع رغم تتابع محاولاته للوصول إلى ذلك حيث إن المشروع- في نظر الكاتب- عبارة عن دراسة تنظيمية وتدريبية هي من صميم اختصاص معهد الإدارة العامة إذن لماذا تسند مهمة القيام به إلى مؤسسة سعودية خاصة!.
وعرض الكاتب- في ثنايا المقالة- وجهتي نظر استغربتهما من كاتب مرموق مثله ولكن له الحق في ذلك- وهما، أولا: حصر التدريب والاستشارات في معهد الإدارة العامة، ثانياً: عدم جواز صرف اي مبلغ من المال العام على التدريب والدراسات والمشورات التي يمكن أن يقوم بها المعهد بقول الكاتب ما نصه إنني اعتقد أنه لا يجوز لأي جهة حكومية صرف أي مبلغ على قضايا التدريب والممارسات التنظيمية والمشورات الادارية التي يمكن ان يقوم بها معهد الادارة العامة لان اي صرف لمبالغ حينئذ في هذا المجال يكون هدراً للمال العام إنني مع احترامي الشديد لآراء الكاتب المعروف الدكتور الفوزان ومع تقديري للدور العلمي الناضج لمعهد الإدارة العامة والذي لا ينكر إسهامه التاريخي في التطوير والتدريب إلا جاهل أو مكابر، أختلف مع الكاتب في رؤيته التي طرحها وأعتبر- باختصار ان ما اتخذته الوزارة منسجم مع روح الخطط الخمسية الوطنية الطموحة التي تهدف إلى رفع كفاءة الموظفين، وتحسين الأداء الوظيفي, والاستفادة من القطاع الخاص ما أمكن.
ثم إنني أحمد للوزارة توجهها من خلال هذا البرنامج وغيره من البرامج القادمة إلى الاستفادة من التقنية المتطورة والنظريات الحديثة في تطوير الإدارات الدينية وتحديث البرامج الدعوية داخل المملكة وخارجها,, فهي بهذا النهج السليم تستفيد من الجديد النافع لخدمة الدين الحنيف، وتبني جسوراً متينة بين القطاعات الدينية والدعوية والإرشادية وبين القطاعات التعليمية والصناعية والتجارية والثقافية لكي تقلل من الفجوة الواسعة- التي لا تمت للشريعة السمحة بصلة- بين الدين والمجتمع وبين الدين والعلم لذا، أعتبر ما اتخذته الوزارة خطوة رائدة سنلمس آثارها الطيبة- بإذن الله- في مشارق الأرض ومغاربها باعتبار المملكة قدوة وقائدة للعرب وللمسلمين أينما كانوا.
ثم أود أن أقف عند بعض النقاط التي وردت في المقالة وأثارت بعض التساؤلات في ذهني باعتباري قارئاً ومتابعاً لا مدافعاً عن الوزارة أو المؤسسة التي أبرم معها العقد لعدم وجود رابطة رسمية أو خاصة مع كلتيهما بوجه من الوجوه فبعض القضايا التي طرحها الكاتب لا تتعلق بوزارة الشؤون الإسلامية وحدها ولا بتلك المؤسسة الخاصة التي لم يرد ذكر اسمها أساساً في المقالة وهذه بعض النقاط:
1- حصر الكاتب التدريب والاستشارات بمعهد الإدارة ولا أدري عن المسوغات التي يبرر بها الكاتب هذا الحصر مع التقدير الجم والاعتراف بما للمعهد من باع طويل في كلا الأمرين إلا أن المعهد يعاني مثلما تعاني المؤسسات التعليمية السعودية منه مثل: محدودية الاستيعاب، ونقص الموارد، وبطء التنفيذ، وهناك مؤسسات علمية وبحثية أخرى تقوم بدور يشكر مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومراكز البحث في جامعة الملك فهد وجامعة الملك سعود وغيرها من الجامعات.
2- يدعو الكاتب إلى عدم جواز صرف أي مبلغ عام على الدراسات والتدريب والاستشارات التي يمكن أن يقوم بها معهد الإدارة واعتبار ذلك - إن حصل- هدراً للمال العام.
ياترى لماذا طرح هذا الحكم عندما وقعت وزارة الشؤون الإسلامية عقداً بمبلغ 950 ألف ريال وهو مبلغ ضئيل جداً مقابل ما تنفقه وزارات وجهات حكومية متعددة, بل أن بعض الجهات توقع عقوداً بمبالغ كبيرة من جهات غير سعودية مثل شركة arthur anderson في عقودها مع وزارة البرق والبريد والهاتف وشكرة jcia في عقودها مع مستشفى الملك فيصل التخصصي، وربما أن هناك جهات سعودية يمكن أن تقوم ببعض تلك المهام.
والكاتب يعرف أكثر من غيره أن هناك خططاً ودراسات ومخططات واعمالا تسند لشركات أجنبية مع إمكان الجامعات السعودية وغيرها من الجهات السعودية الخاصة والعامة القيام بها بشكل أفضل من الشركات الأجنبية مع عدم اعتراضي من حيث المبدأ على الاستفادة من الخبرات الأجنبية.
3- حدد الكاتب- الذي اعترف بأنه لم يطلع على العقد ولا يعرف شيئاً عن المشروع إلا ما نشر على صفحات الجرائد- أهداف المشروع بأنهعبارة عن دراسة تنظيمية وتدريبية وتبين لي بعد سؤالي عن التفاصيل أن المشروع أكبر مما ذكر بكثير، بل ربما يصعب على معهد الإدارة- الذي لا يمكن لمختص أن يقلل من حجمه ولا من دوره- تنفيذها في المدة وبالأسلوب الذي تحتاجه الوزارة المعنية فالعقد يقتضي ضمن بنوده التالي:
* تطوير كل الإجراءات والسياسات لأعمال الوزارة في كل مناطق المملكة.
* تدريب 1000 موظف على 50 برنامجاً تدريبياً في دورات مكثفة على الأنظمة الإدارية والفنية والحاسبات الآلية.
* تدريب 2000 موظف على برامج الجودة أربع برامج تدريبية: الإدارة العليا، الإدارة المتوسطة، العمالة الفنية، المراجعة الداخلية .
* دراسة كاملة للمكننة في داخل الوزارة وتقديم تقرير مفصل ودقيق عن إمكانية الاستفادة منها.
* وضع الوصف الوظيفي لكل موظفي الوزارة حوالي 4000 موظف .
* إعداد تقويم الأداء لكل الوظائف بطريقة علمية مدروسة.
* إقامة التدريب في سبع مناطق في المملكة لتفادي كلف التذاكر والإقامة والانتدابات.
من ذلك يتضح أن الموضوع ليس كما نشر باختزال على صفحات الجرائد وإنما هو اكبر من ذلك ومن له خبرة بالتعليم والتدريب يدرك أن مبلغ 950 ألف ريال زهيد مقابل تدريب 3000 موظف.
ثم أن الدولة تصرف من المال العام على الابتعاث الكثير وذلك جزء من التدريب فهل يعارض الكاتب ذلك، كما أنها في كثير من الحالات تعتمد على المؤسسات الأجنبية والوطنية في الحصول على الدراسات والاستشارات باعتبار ذلك جزءا من علاقاتها مع الدول ودعمها للمؤسسات فهل يعتبر الدكتور الفوزان ذلك هدراً للمال العام.
إن الدول المتقدمة التي تملك مؤسساتها الرسمية أكاديميات ومعاهد اكبر مما لدينا تسند الكثير من الدراسات إلى القطاع الخاص بل إن اتفاقيات السلام الإسرائيلية- العربية قدمت لها مؤسسات خاصة والتي تسمى في الغرب بthink tanks وذلك ليس غباء منهم ولكنهم قوم يلتمسون الإنتاج والحياد واختصار الوقت وتشغيل العقول ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
أخيراً، إنه لما يؤخذ على المؤسسات الدينية من قبل الكتاب والمفكرين العزلة وعدم الاستفادة من الجديد النافع، ربما أن وزارة الشؤون الإسلامية في مرحلتها القادمة الواعدة تخطت هذه العقبة ورأت الاستنارة بآراء المختصين خارج القطاع العام كان الأجدر بالكتاب أمثال الدكتور الفوزان المعروف بآرائه النيرة الناضجة مباركة الخطوة واعتبارها بداية لنقلة نوعية إلى مستقبل أفضل، وأنا متأكد أن الوزارة قامت بدراسة هذا المشروع دراسة وافية واضعة في اعتبارها عنصر الوقت والمردود للوزارة وللحكومة وللمجتمع، ولمعهد الإدارة وغيره من المؤسسات التعليمية والتدريبية الرسمية الكثير من المهام التي تنوء بحملها كواهلها، ولا أظن الوزارة قادرة على الاستغناء عن تلك المؤسسات الرسمية، إلا أنها تشكر في تخفيف العبء عليها.
إننا ربما نشهد في السنوات المقبلة الكثير من الجهات التي تسلك مسلك وزارة الشؤون الاسلامية الرائد,,, وخصوصا أن الكثير من المختصين في معهد الإدارة وفي الجامعات السعودية يتسربون من القطاع العام إلى القطاع الخاص- لأسباب كثيرة- حاملين معهم خبراتهم وتجاربهم التي لا تقدر بثمن، وإنه لمن صالح الدولة والمجتمع الاستفادة من تلك الخبرات النادرة التي ستوفر الكثير على خزينة الدولة, ولا سبيل إلى ذلك إلا بتقديم الاستشارات والدراسات عن طريق عقود مدروسة نزيهة.
د/ خليل بن عبدالله الخليل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved