Sunday 17th October, 1999 G No. 9880جريدة الجزيرة الأحد 8 ,رجب 1420 العدد 9880


مساقات
المساق 132
بأجنحتها تدق أجراس النافذة,,!
د, عبدالله الفيفي*

رويدا كان خصر الليل يصفو
وانت تحل ملتبس المعاني
تدخن جمر معطفها وتلهو
بتقليب الزمان على الزمان
رآك هواك تدخل حرف ليلى
وتنكر إن سألنا: من رآني
فصب لها صباح الحلم حتى
تقطّع عن أصابعها القناني,.
(الدميني، علي: بأجنحتها: عابر: 45)
أشير في المساق الماضي الى ان علي الدميني يسعى في مجموعته العتيدة بأجنحتها تدق أجراس النافذة، ط, (1)، دار الكنوز الأدبية: 1999م الى استنطاق شعرية اليومي البسيط، مع التكثيف الشديد في ومضات خاطفة، نهج (سعدي يوسف)، في مراوداته الأخيرة, (قارن: الأعمال الشعرية، المجلد الثاني والثالث, ط, (4)، دار المدى: 1995م)
تلك تجربة جديرة بالتقييم حقا، لكن دونما حاجة الى التمدرس او التمترس في خندق شعري واحد, فمن وجهة نظري ان هذا الديوان يخسر وهج التلون المذاقي الذي تجده في بياض الأزمنة او رياح المواقع ، إن في تشكيل القصيدة او تداخلاتها واجوائها.
ومع هذا فلم يخل الديوان من بضع قصائد مكتظة، كقصيدة بلاد , التي قد تنكسر فيها نظرية (نازك الملائكة) حول البحور الصافية والبحور الممزوجة ، حيث تزعم ان الاخيرة لا تصلح للشعر الحر على الاطلاق، لأنها ذات تفعيلات منوعة لا تكرار فيها، وانما يصح الشعر الحر في البحور التي كان التكرار قياسيا في تفعيلاتها كلها او بعضها : (قضايا الشعر المعاصر: 67-,,، ط, (3) مطبعة النهضة:؟: 1967), فالدميني يجاور بين تفعيلات البحرالبسيط، في قالبها الخليلي ومدها الحر معا، وإن كان النص - بصرياً - موزعا بطريقة تفعيلية, وهو يصنع ذلك في انسيابية موسيقية بارعة، لا يملكها إلا شاعر تشربت ملكته كلا الشكلين التشطيري والتفعيلي، هكذا (مع إعادة التوزيع):
أصب وجه البلاد الصحو فاتحة
فيرقص الحجر الصافي يدا بيد
النار مائي
وهم الوصل مائدتي
والأسودان ذراعاي التي خلعت
غصن الزمان على مشتاقة الجسد
شبهت في غسق الرؤيا بفاكهة
شوكية اللون تفاحية الولد
لعبت بالطين، بيتي من رخام أبي
وخلوتي من تواشيح بذي عنب
عنقاء تقطفني من غيمة الزبد
ما كنت أعشق ضلع الليل حين سجى
لكنه يوم غاب اشتقت للأرق
والريح رمح اشتهاء اتى وخاتمتي
والنهر مرثيتي العظمى فيا عجبي
لساحلين يقودان إلى الغرق
فتانة الجرح إنا راحلان إلى
أعمارنا وقميص الشمس ثوب غدي
فوضى الغمامة اجساد وأنت بها
قوس يوردني القاصي ولم أرد
هات السحابة منديلا نلم به
أيامنا وحنين الماء للبرد
(,,,)
قال (صاحب الجرجاني) هذا,, فسمعت السيدة (نازك الملائكة) قوله، إذ لاحت على شفتيها ابتسامة ذات معنى,, وتمتمت:
- إنما هذه قصيدة تناظرية اصلا - كما ترى - لم يوفق الشاعر الى استكمال نظمها، بما انها تطرد في اربع تفعيلات لكل شطر سواء أردف بشطر آخر أم لم يردف، وكان حقه - لو شاء تحطيم القاعدة النازكية - أن يخرج على هذا القالب الرباعي,, أما مجرد التوزيع الكتابي فلا يغني شيئا هاهنا.
- على كل ,, تفاهمي معه!,, اما بالنظر الى توزيع القوافي فكأنما تنازعع القصيدة هذا بين شكلي الشطري والتفعيلي يشخص ايقاعيا جو القصيدة المتنازع بين الحنين الممض والتطلع الى غد الآتي دونما اتيان.
ومع محاولة الانجاز الايقاعي وحداثة الجملة الشعرية فإن النص قد انطوى - كمعظم القصائد الحداثوية - على تعابير تأتي طريفة الإيحاء، حد الاستهجان، من قبيل: أصب وجه,, فاكهة شوكية,, لعبت بالطين,, بذي عنب! ولعل وراء هذ وقوع الشاعر متقاسما بين تحديث الاستعارة الشعرية ومحاولة منح القصيدة رصانة النَّفس التراثي.
ومن ملامح هذا الطور من تجربة الدميني، عبر مجموعته الجديدة، أثارة من تداخل (المؤلف) الروائي والشاعر، تتبدى من تبويب القصائد في أبهاء وممرات:
- بهو الاصدقاء
- بهو الجداريات
- بهو النحت
- ممرات
بهو الغروب.
في عملية تذكّر بالغيمة الرصاصية :
- وهج الذاكرة، 1- سهيل الجبلي.
- وهج الذاكرة الاصدقاء 1.
- عتمة المصابيح الاصدقاء 2.
- الأبواب.
- في البدء.
وقد سعى الى نسق نصوصه في تلك الأبهاء والممرات، كما يظهر من عنوانها:
* بهو الاصدقاء: فوضى الكلام، وجه، التباس المجاز، عولمة، كان واخواتها، الاصدقاء,, (وأكثر هذه النصوص مهداة الى اصدقاء الشاعر الذين يربون قطعانهم في حشائش الذاكرة ).
* بهو الجداريات: بلاد، اعناق الجزيرة، عابر، بيت، مسافة واقداح، الظل، السواد,.
* بهو النحت: كاف، زيارة، الشباك، آثار، دعاء، لغة,.
* ممرات: الصديقات، صبايا من عاج، بلوزة، القرين، المعاش، وحدة,.
* بهو الغروب: خذو الحكمة، ذاكرة، صلاة الغائب، شبه، صورة جانبية,.
واذا كانت هذه النزعة التصنيفية تعكس مرحلة دمينية من التداخل الروائي/ الشعري، فإنها - كما يحدث في التمدرس السعدي - قد تُفقد العمل الاخير صدق الشعرية، تلك النابعة عن حرية خيل القصائد في الخبب.
ثم هل من معنى في النهاية لأن نثقل بعبء النظم المحايث والتقفية العضوية، لنصطنع نظما آخر اشمل وضروباً من تقفيات أكبر؟!
غير خاف ان مثل هذا المسعى كان قد خامر الشاعر منذ رياح المواقع ، في اتجاه الى شعرية الديوان في مقابل شعرية القصيدة الواحدة، اي ان يأتي الديوان كله قصيدة واحدة، غير ان رياح المواقع - من خلال اناشيده، الاثني عشر - كان أظهر ترابطا في هذا الاتجاه وأجهر إقناعا.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved