Sunday 17th October, 1999 G No. 9880جريدة الجزيرة الأحد 8 ,رجب 1420 العدد 9880


صدى الابداع
الرواية السيرية (5)
د.سلطان سعد القحطاني

ذكرنا في الحلقات السابقة ان السيرة تبدأ من الصغر، ولا تمثل الروافد سيرة، ومن العجب ان باحثا له باع طويل في الدراسات الادبية النقدية، كعز الدين إسماعيل، مازال يستعمل كلمة ترجمة ويعني بها السيرة غير الذاتية، ويقصد بهذا التعريف، الكتابة عن احد الاشخاص البارزين لجلاء شخصيته، والكشف عن عناصر العظمة فيها (18) والذي نراه، ان الترجمة لا تعني السيرة غير الذاتية، ولكن وقع الدارسون في اخطاء المعاجم القديمة غير المتخصصة في مصطلحات الأدب الحديث، ومنهم منير البعلبكي الذي يعرفها على انها سيرة غير ذاتية، ومن هنا جاءت الاختلافات في السياق الادبي غير الدقيق، وقدم المصطلح, والترجمات الشخصية موجودة في الادب العربي قبل ظهور فن السيرة غير الذاتية في الاداب الغربية، كما هو موجود في الطبقات عند ابن سعد، وفي الخزانة عند البغدادي، وابن بسام، وابن خلكان، وغيرهم.
وهي تعني (التعريف) Definition، والغريب ان كتابا يتحدث مؤلفه عن التراجم، وما يلبث ان يقول: إلى السيرة الذاتية,,,, مع ان الكتاب مخصص للتراجم، وما يعنيه سيرة غير ذاتية، وهي تعاريف لمجموعة من الادباء السعوديين, يقول الدكتور مصطفى حسين، مؤلف هذا الكتاب، في مقدمة كتابه: ترجمات شاملة لسبعة وعشرين اديبا، وقبل ذلك يقول عنها سيرة ذاتية (19) والواقع، انها تراجم، وليست من السيرة الذاتية، ولا غير الذاتية في شيء, كما يقول ان التجربة وضعته امام قراءة واسعة مركزة للثقافة السعودية، ولم يكن له بها عهد قبل ذلك، اي قبل ان يكلف بالترجمة لهؤلاء الادباء، وقد هاله الذي قضى قرابة عشرين عاما يدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك سعود، يهوله وأمثاله هذا الادب في جزيرة العرب، وكأنه جاء من كوكب آخر (20) !!
هذا واحد من الذين كتبوا عن الجزيرة العربية، لو لم يكلف بالتعاون مع الامانة العامة لجائزة الدولة التقديرية بالمملكة العربية السعودية، لبقي إلى اليوم - مثل غيره - لا يعرف عن ادب هذه البلاد شيئا,, فإذا كان الحال كهذا، فماذا نريد منه ان يفرق بين الترجمة، والسيرة الذاتية، وهو يعطي تعريفا عن شخصية ما؟! وكذلك الحال، عندما يطلب من شخص يتقدم لشغل وظيفة ما، فيطلب منه المختص الاداري (السيرة الذاتية؟) وهذا الطلب لا يتعدى المؤهلات والخبرة العملية، في سطور معدودة، قد لا تتعدى اصابع اليد.
إن السيرة الذاتية، تعنى بمراحل حياة الانسان، منذ طفولته، إلى ما شاء الله من حياته، اي (إلى النهاية التي يبدأ منها زمن السرد) كما يقول الدكتور جابر عصفور, (21) وتشمل معاناته في طفولته التي يتكون منها اساسه المعرفي، استمرارا إلى شيخوخته، وأعني بها - هنا - زمن بداية القص، وتكون مشفوعة بما تعرض إليه من مواقف حياتية نادرة الوجود عند الآخرين.
وليس بالامكان، كتابة السيرة الذاتية لكل انسان ما لم يكن متميزا في حقل، او عدد من الحقول في الحياة العامة، او الخاصة، مما يترك اثرا بالغا في نفس القارئ والمتلقي بصفة عامة، فالموقف العادي لا يثير دهشة في نفس المتلقي، وربما يكون مرّ به، وبالتالي تزول غرابته، والعكس صحيح بالنسبة للموقف الصعب، وما يترتب عليه من تباعات الكفاح، حتى وان مرّ به.
والجزء من السيرة الذاتية لا يشكل سيرة ذاتية في مفهومه الادبي, فالسيرة الذاتية تشبه جسم الانسان المتكون من عدد من الاجزاء يكمل بعضها بعضا، وترتبط جميعها بمكون رئيسي في الجسد وإذا ارجعنا هذه الاجزاء من السيرة بوصفها روافد إلى الدلالة اللغوية فسنجدها منبتة منقطعة وإذا عرفنا، ان السيرة مأخوذة من السير (كما عرفنا سابقا) والسير له بداية، فإن ما يردده الدارسون نقلا عمن سبقهم، عندما يدرسون عملا يمثل مرحلة من مراحل حياة كاتبه على انه سيرة ذاتية لا يمت إلى السيرة بصلة.


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved