Sunday 17th October, 1999 G No. 9880جريدة الجزيرة الأحد 8 ,رجب 1420 العدد 9880


العايش على الحافة
محمد عبدالرزاق القشعمي

تذكرت عند قراءة (العيش على الحافة) السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور شكري عياد 1998م الذي انتقل الى رحمة الله منذ اشهر قليلة - لقائي به في الكويت قبل عشر سنوات اذ نظمت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ندوة عن (القصة القصيرة بدول الخليج) هناك عام 1989م وكان يسألني عن البعض منهم الدكتور/ مرزوق بن صنيتان بن تنباك بصفته كان تلميذاً له عند قيامه بالتدريس بجامعة الملك سعود قبل ثلاثين عاماً، وكنت احمل مقالاً له نشر قبل ايام بعنوان (انج سعد فقد هلك سعيد) واعتقد انها نشرت للدكتور مرزوق في جريدة الجزيرة ينتصر فيها للاستاذ سعيد السريحي والذي كان وقتها يتجادل مع احدهم في احدى القضايا الادبية, وقد قرأ المقال واعجب به وحملني تحياته الحارة واعجابه بجرأته وقال انني اعدّه من افضل طلابي وانني سبق ان تنبأت له بمستقبل واعد.
ولعل هذه المناسبة تحملني الى الاشارة الى شيء مما توقفت عنده عند قراءتي ل(العيش على الحافة) للدكتور شكري عياد 1921 - 1999 وهو آخر مشروع قام به مجلة (نداء) ومحاولته دعوة المتخصصين في شتى فروع المعرفة في المحيط الثقافي ودعمها بمختلف السبل, وهدفهم نشر الفهم الصحيح والبحث العلمي والحوار العقلاني والترفع عن اساليب التجريح والاثارة, صدر منها 3 اعداد عام 1996م فتوقفت بسبب عدم التصريح لها رسمياً وعندها اتجه قبيل وفاته بتجهيز جزء من بيته الريفي في قريته (كفر شنوان) وتزويده بالكتب ليكون مكتبة عامة لابناء القرية.
ويقول في سياق سيرته الذاتية (العيش على الحافة) 1998م يقول: (يقتلني عدم اللامبالاة، يقتلني اكثر من الجهل ادعاء العلم، يقتلني ان نربح او نشتهر على حساب آلام الناس، ويقتلني ان يخاطر البشر المستريحون بأرواح البشر المتعبين، يقتلني ان نقف عاجزين امام معاناة احبائنا، يقتلني ان نلغي عقولنا لأن نصاباً اوهمنا انه سيتحمل عنا عبء التفكير والتدبير),كنا نتحلق حول الاساتذة شكري عياد وجبرا ابراهيم جبرا وغالب هلسا، وكلهم غادروا هذه الدنيا، وكان من بين من شاركنا هذه الجلسة في احدى قاعات الفندق الاساتذة/ منصور الحازمي وعبدالله الشهيل وعبدالعزيز الجلال وعبدالعزيز السريع - مدير ندوة القصة القصيرة - ومحمد علوان وعبدالله باخشوين ومزيد المزيد وغيرهم.
وكان الاستاذ جبرا رغم انزعاجه بسبب مرض زوجته (لميعة) وتعرضها لكسر في الفخذ قبيل سفره من العراق للكويت مشاركاً في الندوة كان من ضمن ما تناوله الحديث استعراض الجوانب الدقيقة من قصته (صيادون في شوارع ضيقة) وذلك عند تقسيم فلسطين وسفره للعراق عام 1948م واستمر الحديث الى ان وصل الى روايته المشتركة مع د, عبدالرحمن منيف (عالم بلا خرائط) وانه لم يسبق ان صدر عمل مثل هذا مشتركاً بين اكثر من كاتب وحكى القصة كالتالي:
كنت حاضراً لقاء يجمع الشاعر سعدي اليوسف مع الدكتور عبدالرحمن منيف في بغداد في السبعينيات وكانا يناقشان امكان اصدار عمل مشترك يجمع الشعر والقصة في سياق متجانس واتفقا وباركت معهما هذه التجربة الا انه لم يلبث سعدي ان غادر العراق بشكل سريع ومفاجئ وكأنه لا ينوي العودة.
فاتصلت بمنيف مذكراً بما تم من حديث مع سعدي، وانني يمكن ان اكون البديل وان يكون المشروع رواية مشتركة, فرحب بالفكرة بعد اسبوع قدم لي مجموعة اوراق في حدود العشرين, وقال هذه بداية معقولة فأخذتها منه وقرأتها فكتبت مواصلاً القصة بحدود ما قدم لي، وهكذا استمر السجال بيننا كل واحد يأخذ بعض الوقت من اسبوع الى اسبوعين، حتى انه اصبح كل منا يستعجل الآخر لسرعة اعادة ما لديه ليسجل ما في ذهنه، وبلغ بنا حب العمل ان يتصل احدنا بالآخر ليسأل عن بطلة القصة (نجوى العامري) هل هي مرتاحة لديك ام تحب ان تنام معي؟ حتى اكتمل ذلك العمل المتميز والفريد في أدبنا العربي، الذي اهداه المؤلفان الى زوجتيهما (لميعة وسعاد).
دمشق 28/ 9/ 1999م

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved