عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:
يأتيك النشاط المدرسي كواجهة مضيئة للمجتمع المدرسي، وميدان رحب يسهم في بناء شخصية الطالب وتوجيه سلوكه واكتشاف قدراته ، وتنمية مهاراته ، وزيادة خبراته وغرس القيم الدينية وتكوين العادات الاجتماعية السليمة في نفسه.
بل ان النشاط المدرسي افق نقي وفضاء صاف يتنفس فيه الطالب بحرية بعيدا عن صخب الدروس وعبء المناهج وصخب الحصص وضغط الجدول المدرسي، وهو ايضا قناة تربوية اصيلة تمنح الطالب أنماطا مشرفة من العطاء ليكون عضوا منتجا داخل مجتمعه.
واذا كنا نؤمن بدور النشاط وندرك اهميته فلابد ان نقف وقفة متأنية امام هموم النشاط المدرسي لمعالجة سلبياته وتجاوز مشاكله ,, ولعل ابرز مشكلة تقف في طريق النشاط: قضية تخفيض النصاب او التفريغ الكامل لرائد النشاط، واخص المرحلة الثانوية لكون النشاط فيها اكتسب سمة النضج وبات ذا ملامح واضحة مدعومة بحصص النشاط وبمجالاته وببرامجه.
انني كرائد نشاط احاول قراءة معاناة الريادة واتلمس معوقاتها عن كثب وانقل تجاوزاتها حتى لا يصبح النشاط المدرسي مجرد محطة لهو او ساحة لتمرير الوقت لاغير دون ان يتمخض عن ثمرة او يجسد منفعة في الميدان المدرسي.
مشكلة النصاب صارت هاجسا ملحا يؤرق بال القائمين على الانشطة المدرسية, فالعملية تعتمد على الصدفة مع توفر عامل الحظ,,!!
والوزارة وضعت مقياسا واضحا وهو اعفاء رائد النشاط من الحصص ان كان في المدرسة ستة فصول فأكثر صف اول ثانوي وتقليص نصاب رائد النشاط الى النصف اذا كانت الفصول اقل، غير اننا نجد ان التطبيق يتم في مدارس دون اخرى وربما اعطي النشاط من لا يملك الكفاءة او المقدرة بدعوى انه الاقل نصابا!
والمحزن حقا ان رائد النشاط قد يعد نفسه اعدادا جيدا ويلتحق بدورات ويطلع على برامج ويكتسب خبرة ثم يجد بساط النشاط قد سحب منه لوجود عجز داخل الشعبة!
نعم شيء مؤلم ان تتهرب الشُّعب عن اداء دورها في تفعيل النشاط المدرسي وتتبرأ منه فكل شعبة لا تريد ان يكون رائد النشاط المرشح من معلميها وتحتج بوجود نقص في عدد المعلمين لديها,,!
ومما يزيد المسألة حيرة انك تجد مدارس تخفض لها الشعبة.
ومدارس اخرى لا يطالها التخفيض!
فاين المقاييس الموضوعية والمعايير المنصفة ثم اين دور شعبة النشاط المدرسي؟ فاذا كانت وزارة المعارف مقتنعة بدور النشاط فلماذا لا تمنح هذه الشعبة (صلاحيات واضحة) تمكنها من ترشيح رواد النشاط دون استجداء للشُّعب؟
اجل لابد ان يجد النشاط المدرسي خصوصيته ويعكس حضوره القوي ليتمكن رواد النشاط من استغلال امكاناتهم واستثمار جهود الوزارة في هذا الميدان وهي التي دأبت على منح معلميها سبل النجاح والنظر في اقتراحاتهم ودراسة وجهات نظرهم.
بل انه من الضروري اعطاء رواد النشاط سمة الاستقلالية من خلال منحهم حركة نقل خاصة يتحركون بها بين المدارس،وذلك بمثابة اعتراف بهوية النشاط واتاحة الفرصة لرواده ليعملوا في جو مريح ومطمئن وبمنأى عن هموم النصاب او تسلط الشُّعب.
وحقيقة من المهم توفير عنصر الاستقرار لريادة النشاط وبخاصة في المدارس الثانوية التي تتسم برامج النشاط فيها بالمنهجية بحيث لا تتنقل هذه الريادة بين المعلمين داخل المدرسة تبعا للاقل نصابا.
ان رائد النشاط له كفاءته وقدراته وخبرته وله حماسه وبحثه الدائم عن سبل الابتكار التي يمكن من خلالها استثمار طاقات طلابه وتنمية مهاراتهم والارتقاء بملكاتهم، فأعطوه ادوات العمل وافتحوا له ابواب النجاح، وهو بلا شك يثمن جهود الوزارة في هذا المجال ويدرك حرصها على ان يكون للنشاط حضور فاعل في الواقع المدرسي.
واعود وأؤكد على اهمية المساواة في تخفيض الانصبة ، والشمولية وضرورة التنسيق بين الشُّعب بشأن تخفيض انصبة رواد النشاط او اعفائهم بحيث يكون لكل شعبة نسبة معينة وخصوصا شعبتي التربية الاسلامية واللغة العربية لكثرة مدرسيهما، وختاما اقول: انصفوا رواد النشاط حتى لا يصابوا بالاحباط وارفعوا ايدي الشُّعب حتى لا تغتال أزهار النشاط وتحد من فعاليته.