Sunday 17th October, 1999 G No. 9880جريدة الجزيرة الأحد 8 ,رجب 1420 العدد 9880


الجزيرة تزور قرية زبالا التاريخية التي اختارها هارون الرشيد استراحة له وتلتقي الأهالي
الظلام يلف سماءها ولدغات الأفاعي تخيف سكانها والمستشفى والشرطة ينقصانها

* استطلاع : منيف بن خضير
تعتبر قرية زبالا من أهم المناطق الأثرية بالمملكة,, وقد عرفت قبل مئات السنين ويعود تاريخها الى ما قبل الإسلام حينما سُميت هذه القرية نسبة الى زُبالة بنت مسعود من العماليق (أول من سكن يثرب) وزبالة هجرة صغيرة يصل تعداد سكانها الى حوالي (200) نسمة وتقع جنوب محافظة رفحاء التابعة لمنطقة الحدود الشمالية وتبعد عنها حوالي (20) كيلو متراً,, (الجزيرة) زارت هذه المنطقة الاثرية المهمة, كما زرنا شيخ عشيرة السليط من شمر (غالبية سكان القرية) الشيخ/ حمدان بن حمد بن عقلا السليطي الشمري الذي رحب بنا كعادة سكان اهالي البادية, وقد تحدث الشيخ عن عدد من الامور المتعلقة بالقرية الاثرية وماضيها وحاضرها وحكايات غرق بعض الشباب في الآبار الاثرية الموجودة بكثرة فيها,, وأخيراً عن احتياجات القرية لأهم الخدمات العامة واهمها مركز صحي يخدم السكان,.
أهمية القرية,, تاريخياً
يقول الشيخ/ حمدان السليطي الشمري قرية زبالا الاثرية لها اهمية بالغة فهي قرية عامرة في السابق وسمعنا عن اسواقها التجارية كما ان في القرية الآن العديد من البرك الأثرية وورد في الكتب التاريخية كان بها سابقاً اكثر من 350 قليباً وبعضها لا يزال موجوداً يستفيد منها الرعاة,.
ويضيف الشمري,, وزبالا من اهم الآثار الإسلامية الحديثة في شبه الجزيرة العربية فهي احدى منازل درب زبيدة زوجة هارون الرشيد - الخليفة العباسي - وعندنا في القرية قصر اثري يقول العامة: انه لهارون الرشيد يستريح به اثناء زيارته للحج، ووجود القرية على طريق الحجاج اكسبها اهمية خاصة,.
تاريخ زبالا الحديث
أما عن تاريخ القرية الحديث فيقول الشيخ/ حمدان الشمري,, قبل ستين عاماً اي منذ تاريخ 1358ه ونحن متواجدون في القرية,, والقرية تسكنها قبيلة شمر (عشيرة السليط)، واسمها لم يتغير منذ اكثر من خمسمائة سنة (كما تذكر كتب التاريخ)، وقد عملت الحكومة السعودية - أيدها الله - على توطين البادية ووفرت لهم سبل الراحة وقد اخذت الحكومة اعزها الله بقيادة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - على بناء المساكن لأهالي البادية وكان من عادة الملك - طيب الله ثراه - ان يمنح القرى والهجر لسكانها فتقدم شيخ عشيرة السليط وقتذاك الى سمو الأمير/ عبدالعزيز بن مساعد (أمير حائل سابقاً) وساعد الأمير - رحمه الله - أهالي القرية بالاستيطان,, والآن ولله الحمد الأهالي يسكنون البيوت المسلحة المبنية من الاسمنت وذات الدور الواحد وبها مساحة كبيرة تحيط بها الاسوار وتسمى (الحوش),.
يد النماء,, تصل الى زبالا
ومن المعروف انه قبل اكتشاف النفط كانت تربية الماشية هي السبيل الوحيد لكسب الرزق,, وتعتبر الخيمة وبيت الشعر هي المسكن الوحيد، وبعد توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - انتهجت الدولة رعاها الله عمليات توطين البادية وخصوصاً قبائل المناطق الشمالية من المملكة حتى اخذت هذه القبائل في الاستقرار شيئاً فشيئاً واتيحت للمواطنين فرص وظيفية وتم بناء المدارس والمرافق الصحية، بعد ذلك عادت الحياة الى عروق البادية وأصبح المواطن ينعم بالراحة بعد التعب وبالصحة بعد المرض ولله الحمد!!.
يقول الشيخ/ حمدان: ويعمل معظم سكان المحافظة بالوظائف الحكومية والبعض الآخر يعتمد على التجارة بمختلف ألوانها وأنواعها والقليل لا يزال يعمل في تربية الماشية والطيور,, وزبالا منطقة رعوية تكثر به الاغنام والابل وخصوصاً في فصل الربيع لجمال المنطقة وغناها بالأعشاب والاشجار البرية,.
الكهرباء أهم احتياجاتنا
أما احتياجات القرية فيقول الشيخ حمدان: احتياجات القرية كثيرة جداً ونحن ننتظر زيارة (الجزيرة) بفارغ الصبر حتى نقدم هذه الطلبات للمسؤولين الذين عودونا ولله الحمد على تلبية مطالب المواطنين امتداداً للدعم السخي من قبل حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين للمواطنين في بقاع مملكتنا الغالية,, وأهم مطالبنا الكهرباء,, فزبالا يقتلها الحر صيفاً والبرد شتاءً واطفالنا بحاجة ماسة للكهرباء وخصوصاً في فصل الصيف، اما الشتاء فيستخدمون المدافئ لتدفئة ابنائنا في المدارس، وأناشد المسؤولين نيابة عن أهالي القرية بسرعة ايصال الكهرباء لنا اسوة ببقية القرى والمراكز خصوصاً وان أقرب عمود كهربائي يبعد عن القرية بحوالي 10 كم جهة رفحاء (شمال غرب)!! ونحن نطالب بالكهرباء منذ سبعة عشر عاماً مضت.
نريد مستشفى,,, ومركز شرطة وبريد!!
ويضيف الشمري,, ومنذ عشرين عاماً ونحن كذلك نطالب ببريد,, ونحن نرضى بالقليل نريد قائما بأعمال البريد,, ولو شخصا واحدا على الأقل,, كذلك القرية ليس فيها مستشفى,, ويتعرض الأهالي للدغات العقارب والافاعي لكثرة الآبار فيها وامتلائها بالمياه على مدار العام,, ونضطر للسفر الى رفحاء يومياً من اجل العلاج ولو كان في القرية مركز صحي صغير لوفر علينا عناء السفر,, ونظراً لعدم وجود مركز شرطة فقد تكررت حوادث السرقة ويكثر وجود المتسللين,, وقد شهدت القرية مؤخراً حوادث غرق في الآبار من بعض الشباب,, ولو كان هناك مركز للشرطة لعالج كثير من القضايا الهامة.
ويختتم الشيخ حمدان السليطي الشمري حديثه (للجزيرة) بقوله كلنا رجاء ان توفر لنا حكومتنا الرشيدة ولو جزءا من مطالبنا فالقرية الآن أصبحت قريبة من رفحاء ويربطها برفحاء طريق معبد (ومسفلت),, وحكومتنا أعزها الله عودتنا على رعايتنا وعدم اهمالنا,, وأنا مسؤول امام الله ان اذكّر المسؤولين باحتياجاتنا عبر جريدة (الجزيرة) والله الموفق,.
هموم ومطالب طلابية وتعليمية
اما مدير مدرسة زبالا الابتدائية الاستاذ/ فهد بن صالح الواكد فقال: الحمد لله ان حكومتنا الرشيدة وفرت سبل الراحة لابنائها الطلاب، والمدرسة ولله الحمد متكاملة من النواحي الاساسية وهذا لا يمنع وجود بعض النواقص التي تحتاجها القرية عموماً والمدرسة على وجه التحديد ولعل أهمها الهاتف فنحن نضطر الى الذهاب الى رفحاء عند السؤال عن اي شيء يتعلق بالعمل ورفحاء ليست بعيدة عنا ولو تم تمديد الهاتف إلينا لحلت مشاكل كثيرة، وحسب معلوماتي فالقرية موعودة منذ عشر سنين بالهاتف، وأملنا كبير بمعالي ورئيس شركة الاتصالات ووزير البرق والبريد والهاتف ان يحقق مطالب القرية كما عودونا.
نريد خزان مياه لطلاب المدرسة!!
ويضيف الواكد: والمدرسة تحتاج كذلك الى خزان مياه, والقرية كلها عموماً تفتقر الى خزان للمياه فيها رغم وفرة المياه المخزن في الآبار والبرك الاثرية وما زالت الطرق بدائية في القرية فيما بتعلق بالماء,, والطلاب خصوصاً الصغار منهم يحتاجون للماء البارد اسوة بزملائهم في المدارس الأخرى علماً بأن المدرسة تحتضن 28 طالباً في ثلاثة فصول تعمل بنظام الضم يدرسهم خمسة مدرسين,.
القرية بحاجة لمتوسطة,,.
ولفصل محو أمية!!
وعن هذا الموضوع تحدث الاستاذ/ خلف بن وازن الشمري (معلم بالمدرسة) قائلاً: الاحتياجات كثيرة في القرية واهمها مدرسة متوسطة للبنين واخرى للبنات تكّمل وجود مدرستين ابتدائيتين للبنين والبنات، ومعظم طلاب المرحلة المتوسطة الثانوية يقطعون 40 كم ذهاباً وعودة الى رفحاء من اجل التعليم واكمال دراستهم,, ونقترح فتح فصول متوسطة في نفس المدرسة، كذلك فالقرية محتاجة الى فتح فصل اول متابعة ليلي لكثرة أهالي البادية الراغبين في التعلم,, وأملنا في وزير المعارف كبير جداً وهو الرجل الذي يعمل جاهداً على محاربة الجهل والأمية,.
آثار قرية زبالا التاريخية,.
وعن آثار القرية التاريخية (زُبالا) تحدث (للجزيرة) المشرف على الآثار في القرية الاستاذ/ فهد بن صالح الواكد مدير المدرسة قائلاً: يوجد في زبالا ثلاث برك وبها من الآبار ست - وبها 350 بئراً - كما اورد ذلك كتاب المناسك,, ويضيف الواكد: وقد اكتسبت زبالا اهميتها الحقيقية كونها احدى منازل درب زبيدة الشهير والذي اصبح مستعملاً وممراً للحجاج منذ خمسة قرون ويشتمل على خمسين منزلاً مزودة بالبرك والآبار لتكون استراحات للحجاج, ولم يقتصر هذا الدرب على مرور الحجاج على زبالة بل أصبح له دور حيوي في تيسير سبل التجارة وفي ازدهارها في بعض المواقع المهمة,, ناهيك عن تنشيط الصلات الثقافية والتجارية بين العراق والحجاز آنذاك ولا سيما وان (يوم زبالة) من ايام العرب الشهيرة كما اورد ذلك الكامل لابن الاثير في الجزء الأول,.
وقد ذكر ان طول درب زبيدة يبلغ 1000كم (وذكر ذلك حسن الباشا في كتابه مدخل الى الآثار الإسلامية).
زبالا,, في كتب التاريخ
وقد ورد اسم زبالا في معظم الكتب التي تعنى بالتاريخ والأدب ففي معجم البلدان ايضاً ان زبالا: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة وهي قرية عامرة بها اسواق بين واقصة والثعلبية.
وقال عنها السكوني: زبالا بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق فيها حصن وفيها جامع لبني غاضرة من اسد,, ويوم زبالا من ايام العرب.
وفي كتاب (معجم ما استعجم) قال محمد بن سهل: زبالا من اعمال المدينة سميت كذلك بضبطها الماء وأخذها منه كثيراً من قولهم فلان شديد الزبل للقرب,, وأورد للأخطل:
في مُظلم الرِّبابِ كأنّما
يسقي الأشقَّ وعالجاً بدواي
وعلى زُبالة باتَ منه كلكلٌ
وعلى الكثيبِ فَقُنةِ الأوحالِ
وعلى البسيطة فالشقيقِ بريقٍ
فالضَّوحِ بين رُوَيَّةٍ فطُحالِ
وأبيات الاخطل تقودنا الى ان أدباء تلك الفترة قد تناولوا (زبالا) في أدبهم فورد في ديوان جرير: ان الاقرع بن حابس اُسر بزبالا ووردت هذه القصة ايضاً في النقائض ونصه:
يوم زبالا، وكان من حديثه ان ابا جُعل اخا بني عمرو بن حنظلة خرج مغيراً ولحقه الاقرع بن حابس في ناس من تميم كثير، فرأسوا عليهم الاقرع، فأغاروا على بكر بن وائل، فلقوهم بزبالة, فأما الاقرع وفراس فأسرهما بنو تيم الله، واما ابو جُعل فأخذه عمران بن مرة وكانوا لقوا يومئذ بني شيبان، فانتزع بسطام بن قيس الاقرع وأخاه منهم فأطلقهما, وذكر البكرى في معجم ما استعجم: ان قبيلة إياد لما خرجت من تهامة نزلوا ناحية نجد، ثم ساروا قبل العراق حتى نزلوا الشقيقة، فتواثقوا مع مرزبان من مرازبة الفرس، واتوا حتى اقاموا بالثعلبية، فلما انقضى العهد اجلتهم إياد عن الثعلبية، وساروا حتى نزلوا زبالة فنفوا من حولها من الناس,, انتهى.
وقال بعض الاعراب:
ألا هل الى نجد وماء بقاعها
سبيل؟! وارواح بها عطرات؟
وهل الى تلك المنازل عودة
على مثل تلك الحال قبل مماتي؟
فأشرب من ماء الزلال وارتوي
وارعى مع الغزلان في الفلوات
والصق احشائي برمل زبالةٍ
وآنس بالظلمان والظبيان
وأضاف الواكد في حديثه عن زبالا: وقد ذكر الشيخ/ حمد الجاسر في كتابه (المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية - الجزء الثاني ص622 موقعها على خطي الطول والعرض (بقرب الدرجة 35 - 43 ه و28 َ - 29 ه عرضاً) ثم قال: ولا تزال زبالا معروفة تقع في وادٍ بهذا الاسم فيه مورد قصير وبِركة (المرجع السابق ص625).
سطح قرية زبالا الأثرية
حول هذا الموضوع تحدث الاستاذ/ خلف بن وازن الشمري (معلم بمدرسة زبالا الابتدائية) قائلاً: ارضها مستوية التضاريس وهي ارض سهلة عموماً,, والبرك فيها والآثار والآبار منخفضة قليلاً عن مستوى الارض حتى تتجمع فيها المياه,, ويوجد بجانب كل بركة بئر او عدة آبار وأوديتها وشعابها واضحة المعالم والوصول اليها بالسيارة امر في غاية السهولة ومن اهم اوديتها وادي زبالا والذي يمر خلاله درب زبيدة المشهور تاريخياً واهم فروعه شعيب المناشبي، ويقع شرق وادي زبالة وادي الخشيبي، والى الجنوب من زبالا شعيب ابا رواث والذي تنحدر فروعه من روضة ام العصافير ويتجه شمالاً قرب الحدود العراقية، ويقع غرب وادي زبالا وادي فيحان ويتجه مباشرة الى محافظة رفحاء ولكن معالمه تنقطع قرب المحافظة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved