Tuesday 19th October, 1999 G No. 9882جريدة الجزيرة الثلاثاء 10 ,رجب 1420 العدد 9882


نوافذ
بداله,, غيره,.

تمزق ثوب الصغيرة، فلم تسع الى رتقه، بل ألقت به بداخل درج عميق في خزانتها وسعت الى استبداله بثوب جديد، وكرة الصغير طارت عالياً ووقعت فوق سطوح الجيران، لم يبذل جهداً كبيراً في استرجاعها فبإمكان السائق ان يذهب الى اقرب بقالة ويجلب له أخرى بثمن بخس!!.
والواقع الاستهلاكي الذي نعيشه في حياتنا لم يعد يقتصر على النطاق المادي فقط، بل تحول الى سلوك يومي يتغلغل في اقاصي مفهومنا للحياة فما فسد فإنه يستبدل فهناك المصانع العالمية التي تلقي في اسواقنا دائماً الاكثر جدة وبريقاً واختلافاً عما هو سابق، سواء كانت تلك المصانع مصانع الصين او تايوان او المصانع في الدول المتحضرة لا اختلاف فجميعها تشترك في سباق محموم يهدف الى تحويل العالم الى سوق مسعورة مبتلاة بداء الاستهلاك، يستطيع الجميع الشراء منها واقتناء منتوجاتها.
ويقال ان شركة ألمانية متخصصة في صناعة كاميرات التصوير قد أفلست وكان السبب من وراء افلاسها انها صنعت كاميرات للتصوير في غاية المتانة والاتقان وبالتالي اصبحت الكاميرات تعيش عمراً طويلاً لدى مقتنيها ولم يعد بحاجة الى تغييرها بين الفينة والاخرى.
وبالطبع هذه الامانة تخالف قوانين السوق الاستهلاكية التي تفترض لكل سلعة عمراً افتراضياً، ثم سرعان ما تقتحمه (بموديل) جديد ذي مواصفات مطورة ومحسنة تغري المشتري باقتنائه.
وتلك الفتاة نفسها هي التي تلقي بثوبها المثقوب تجد ان أباها يتنازل عن سيارته القديمة بسهولة بينما تلهث امها الى تغيير اباريق القهوة والشاي مع ظهور كل نوع جديد، ويعزز هذا اقتصاد ريعي نفطي كان يحمل مدخولاً كبيراً نوعاً ما لطبقات المجتمع، مما جعل الاستهلاك يتحول الى سلعة اجتماعية واضحة ومتغلغلة في جميع شؤوننا الصغيرة حتى العلاقات الانسانية التي لها عمر افتراضي ثم سرعان ما يصيبها الوهن والعطب، وقد يتنازل هذا المجتمع عن ثقافة شاعر يقول:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب الا للحبيب الاول
كم منزل في الارض يألفه الفتى
وحنينه ابداً لأول منزل
إلى فلسفة مولعة بالجديد والمختلف والمتغير والذي تبثه ثقافة الاقوى، ولعل هذا الطابع الاستهلاكي يفسر لنا ارتفاع نسب الطلاق لدينا بشكل غير صحيح (1 الى 3) أي زيجة من كل ثلاث زيجات تنتهي بالطلاق.
فالزوج والزوجة لا يسعيان الى ترميم الثوب او رتقة او الحفاظ عليه، لأنه ببساطة يمكن ان يستبدل، ومن الممكن ان نلقي به خلف ظهورنا ونأتي (بموديل جديد) ذي مواصفات محسنة.
أميمة الخميس

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
ملحق تحلية المياة
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved