التنمية ,, والحضارة,, والتطور والتقدم،بل حتى الاستثمار، هو المستوى الذي يصل اليه الانسان ، ولايمكن ان يعد البلد، اي بلد، بلدا ينجز مخططا تنمويا صحيحا، ويسعى للتطور والتقدم، ويؤسس لتسام حضاري يتوافق مع الجذر الثقافي والفكري والانساني للامة التي ينتمي اليها - نقول انه لا يمكن لأي بلد ان يحقق ذلك مالم يهتم بالتعليم، ولاغرابة ان يؤكد قادة المملكة في كل مناسبة على أن التعليم هو الاستثمار لأغلى الموارد التي نمتلكها.
وفي الحقيقة ان الاستثمار في التعليم هو استثمار لافضل ما يمكن تقديمه للانسان وبالتالي استثمار الانسان نفسه الذي هو اعظم استثمار لأن الله كرمه بالخلافة على الارض، وهذه الخلافة تكون لخير الانسان وللارض معا بل ومرضاة للرب، وذلك بأن يحسن الانسان ما كرمه الله به فيحسن عمارة الارض، ويطور اداءه فيؤسس حضارة وعلما وفكرا يستفيد منه ويفيد من يأتي بعده، وكل ذلك عن طريق العلم ، الاسلوب الانجع والافضل الذي حث عليه الاسلام، فجاءت اولى آيات القرآن الكريم تحث عليه.
والعملية التعليمية تستند إلى ركائز عديدة وان كان المستهدف هو الانسان، فإن ادوات التحسين تبدأ من الانسان نفسه وهو المعلم، المدرس، الاستاذ، ثم يأتي النهج والاسلوب وطريقة التدريس، وهو ما يمكن ان نحصره في المناهج واساليب التعليم، وتكتمل العملية التعليمية بتوفير المكان (مدارس - معاهد - كليات,,,) الذي يعطي افضل الفرص لمتلقي جرعات التعليم والاستفادة الاكثر مما يقدم له.
هنا يبرز دور المتخصصين في مجالات طرائق واساليب اعداد المعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات حيث قطعت المملكة شوطا كبيرا في تحقيق ثروة من هذه الكنوز من معلمين ومعلمات ومدرسين ومدرسات واساتذة واستاذات ومازالت الجهات التعليمية ممثلة في وزارة المعارف ورئاسة تعليم البنات ووزارة التعليم العالي تسعى لتطوير ورفع مستوى اداء المعلم بل حتى فكره عن طريق المختصين الذين هم اكثر قدرة على الاسهام في دفع جهود المؤسسات التعليمية الى الامام لتحقيق الافضل.
أما المناهج وهي الضلع الثاني في العملية التعليمية فبلا مناهج مطورة تواكب العصر، وتربط الانسان بدينه وحضارته وثقافة امته لا يمكن للعملية التعليمية ان تحقق الغرض الذي انشئت من اجله.
وتطوير المناهج دائما يتواكب مع افضل الوسائل التربوية والتعليمية التي تتطور هي الاخرى بعد ان تعددت المدارس التربوية التي استفادت من تقنيات العصر الحديثة والدراسات والبحوث التي افنى العديد من العلماء سنين عمرهم ليخرجوا بنتائج اكدت التجارب صحتها، والتي يمكن الاستفادة منها بشرط عدم التخلي عن خصوصياتنا الاسلامية والعربية.
إن اليابانيين استفادوا من الاساليب العصرية والدراسات التربوية الحديثة دون ان يتخلوا عن خصوصياتهم ، فحققوا تفوقا علميا انعكس على تقدم بلادهم وتطورها فاصبحوا مثالا يضرب لنجاح التجربة التعليمية.
وعودا على بدء فإن ماسبق كان تقديما للدخول فيما اسعى للحديث عنه مطولا، ذلك هو الضلع الثالث من العملية التعليمية، فإذا كان الضلعان الاولان المعلم والمنهج يحتاجان الى اسهام من المتخصصين وعلماء التربية والمناهج، فإن حديثنا عن الضلع الثالث المكان المدرسة والمعهد والجامعة,, سيكون حديث المواطن الذي يعيش هموم وطنه واحتياجاته,, وغداً نلتقي.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com