لم أكن اتصور ان يأتي اليوم الذي أرى فيه إعلانا يضع رجلا سعوديا أو عربيا وهو يقول والابتسامة العريضة تعلو وجهه: قصوري كزوج اقلقني كثيرا وأعاد لي العلاج ثقتي بنفسي , فالانسان العربي يمكن ان يشكو من ظهره من بطنه من سيقانه وحتى من جنونه أما ان يصرح بأنه كان من جماعة ماش ثم شفي فهذا أمر لا يمكن قبوله وأشك طبعا أن يكون الذي تزين صورته الاعلان ان يكون سعوديا مهما لبسوه الشماغ والعقال ومطوا رأس خشمه, فالعربي منذ ان يدخل سن البلوغ وهو يسعى الى تحسين وضعه اياه والدعاية له والتفاخر به ويمكن ان يسمح لك ان تعيره بكل ما يمت اليه بصلة إلا فيما يختص بهذا الأمر.
الذي يقرأ النكت العربية المتداولة سيجد ان العرب تركوا كل شيء للشعوب الأخرى وخصوا أنفسهم بالفروسية الجنسية, فلا مانع ان يسمع العربي النكتة الشهيرة التي يتبادلها العرب من المحيط للخليج أن العالم بدا يحرج على العقول فوجدوا ان العقل العربي هو أعلاها سعرا والسبب ان العقل العربي جديد لأنه لم يستخدم وهناك كثير من النكت العربية التي تغلب الشعوب الأخرى على العرب في كل شيء: في الذكاء في النشاط في التطلع للمستقبل، في البحث عن الحرية، وكلها تشير بأن العرب متخلفون, ولكن هذا لا يثير كرامتنا بل نردد هذه النكت بمناسبة وبدون مناسبة, أما اذا وصل الأمر الى القدرة الجنسية فلا يمكن ان ينقل العربي أي نكتة لا تمجد الفحل العربي, حتى ذاع بيننا وآمنا بكل سذاجة ان الشقراوات يتطلعن للرجال العرب, والرجل الأوروبي مسكين لا يملك ما يملكه العربي من قوة وبأس, وقد شاع في الاعلام الغربي الرخيص ان العرب يأتون الى لندن وباريس للتنفيس عن أنفسهم، ويصفهم بالتوتر والجموح وهم يقولون هذا الكلام من باب التندر والتحقير وهذا يتماشى مع مفهوم الشتم في الذهن الغربي ولكن الشتيمة من الغرب تتحول في ثقافتنا الى مديح، فكثير من الناس يضرب أمثلة بما يتردد في الكتب الرخيصة في الغرب التي انتشرت في افضل المبيعات والتي تجد في بعض جوانبها إلماحاً الى هوس الرجال العرب بالنساء، وحتى بين أوساط المثقفين العرب الذين جربوا الكتابة عن علاقة العرب بالغرب لا يمكن ان تكون الصلة إلا من خلال فحل عربي وشقراء أوروبية، فمستحيل ان يكتب عربي كتابا عن امرأة عربية مع رجل أوروبي, هنا تكمن الفروسية القدرة وهنا تتحقق الأحلام في النصر واعمار الحضارات وكل من قرأ الروايات والقصص العربية التي تصور علاقة العرب بالغرب في بلاد الغرب لا يمكن ان يرى أي علاقة خارج اطار الموضوع الجنسي وحتى الحكايات التي تسمعها من الرجال الذين عاشوا في الغرب ستشاهد أنها قائمة على الفروسية الجنسية, المشكلة ان العرب فيما بينهم ايضا يتفاخرون على بعضهم، وعلى سبيل المثال فالسعودي يتفوق على السوداني والسوداني يتفوق على المصري والمصري يتفوق على اليمني وهكذا في دورة لا تنتهي من التفاخر البيولوجي.
وقد راحت المرأة في الذهن العربي ضحية هذه البطولة فعندما يطالع الرجال العرب امرأة مهما كانت: دكتورة أو رئيسة دولة أو فراشة أول شيء يقيمه فيها هو الموضوع الجنسي حتى لو لم يصرح بذلك.
YARA222*HOTMAIL.COM