عزيزتي الجزيرة
اشارة الى مانشر بجريدتكم بتاريخ 9/6/1420ه العدد 9852 حول (بئر تقذف بالهواء البارد صباحاً وتشفطه مساءً في حائل) علق د,عبدالوهاب ابو خضير نائب رئيس الجمعية السعودية لعلوم الارض على هذه الظاهرة بوجود عدة احتمالات هي:
أ-ان البئر متصلة بنبع ماء من تجويفات بركانية, واتفق معه في ان هذا التفسير ليس له دليل لكون الهواء المتصاعد غير ساخن نسبياً، ولايحمل روائح الغازات البركانية مثل الكبريت.
ب-الهواء في البئر وفي التجويفات التي بداخلها والمتصلة بها يسخن خلال النهار فيتمدد ثم يتصاعد من البئر, وخلال الليل يبرد الهواء وينكمش فيقل حجمه داخل البئر مما يتسبب في اندفاعه من الخارج الى داخل البئر لتعويض مافقد اثناء النهار, وأوافقه الرأي في ان مثل هذا التفسير لايتفق مع خواص الصخور الفيزيائية، فالصخور رديئة التوصيل للحرارة.
ج-اما التفسير الاكثر احتمالاً فهو أن : الظاهرة هي ردة فعل للضخ السريع والمكثف للمياه الجوفية, فهناك العديد من المزارع ليست بالضرورة مجاورة للبئر ولكنها قريبة منها 10-20كم, وعادة مايقوم المزارعون بالري بعد الظهيرة, والباحث لايتفق مع د,ابو خضير في هذا الاحتمال- كما اتضح له خلال زيارته الميدانية- لعدة اسباب منها:
1-لاتوجد مزارع قريبة منها 10-20كم.
2-ذكر ان البئر :(تشفط الهواء الى داخلها من الساعة 12 ظهراً وحتى 6مساءً)وخلال زيارتي مكثت بجوارها من الساعة 3 عصراً الى 7 مساء وقد كانت الفوهة في حالة دفع شديد.
3-اما التفسير الاكثر احتمالاً - حسب اعتقادي- فهو: الضغط الجوي في المنطقة (خارج البئر).
وفي زيارة ميدانية اواخر فصل الربيع من عام 1418ه لظاهرة جيوموفولوجية نادرة، وهي خروج تيار هواء من فتحة في الارض تقع شمال بريدة بنحو 197كم وشرق حائل بنحو 240كم (في خط مستقيم) وقد شاهدت هذه الفتحة تدفع هواءً بارداً اقوى دفعاً وبرودة من (مكيف صحراوي قوة حصان)، وعند وضع قطعة قماش (شماغ) على الفتحة فإن الهواء يدفعه ويرفعه الى الاعلى حتى انه يكاد ان يفلت من يدي رجلين.
وقد مكثت بجوارها عدة ساعات لم يتغير دفعها وذلك من الساعة 15 الى 19 مساء كما سمعت اصواتاً عند خروج الهواء اظنها ناتجة عن احتكاك الهواء, يقول المعرِّف: انها تبدأ بدفع الهواء منذ الساعة 12 ظهراً حتى منتصف الليل ثم تبدأ بسحب الهواء حتى الساعة 12 ظهراً وعند سؤاله هل تدفع الهواء بهذا الشكل في جميع فصول السنة؟ اجاب بنعم ولكن تختلف درجة حرارة الهواء في فصل الشتاء حيث تدفع هواءً ساخناً بدلاً من الهواء البارد, وتنشأ هذه الكهوف عادة في التكوينات الجيولوجية التي تتركب من صخور الحجر الجيري(كربونات الكالسيوم) وحجر الدلومايت (كربونات الكالسيوم الماجنيسيوم), ونظراً لاحتواء اكثر المياه الجوفية على نسب قليلة من الاحماض حيث يعتبر حامض الكربونيك الاكثر انتشارا والذي يتكون عند امتصاص المياه لثاني اكسيد الكربون الموجود في التربة والناتج عن النشاطات البيولوجية المختلفة.
لذا عندما تنتقل هذه المياه الجوفية المحملة بحامض الكربونيك عبر الشقوق والمسام الصخرية تبدأ عملية التفاعل بين هذا الحمض وصخور الحجر الجيري والدلومايت فتذوب هذه الصخور وتنجرف المواد المذابة مع الماء وباستمرار هذه العملية علىمرور الزمن تنشأ هذه الكهوف.
ويعتبر الضغط الجوي العامل الرئيس الذي يتحكم في اتجاه وقوة اندفاع الهواء فعندما يزيد الضغط الجوي في الخارج يندفع الهواء الى داخل الكهف من خلال فوهته, اما عندما يقل الضغط الجوي في الخارج فإن الهواء يندفع من خلال الفوهة الى الخارج, وظاهرة (دخول الهواء وخروجه) مشابهة لظاهرة نسيم الجبل والوادي،وهو اقرب تفسير لهذه الظاهرة، لذلك تكون حركة الهواء يومية، ففي اثناء النهار عندما تسخن اشعة الشمس سطح الارض ترتفع درجة حرارة الهواء الملاصق له فيتمدد وتقل كثافته ومن ثم يصعد الى الاعلى مكونا انخفاضا نسبيا للضغط الجوي في هذه المنطقة, لذا يندفع الهواء الى خارج الكهف من خلال فوهته التي تعمل كعنق الزجاجة حيث يكون التيار قوياً في هذه المنطقة اما في داخل الكهف فتكون حركة الهواء اقل منها عند فوهته، وفي الليل يبرد الهواء فيزداد وزنه، ويكون الضغط مرتفعا، فيهبط الهواء في الكهف او المجرى المائي, وهذه العملية مشابهة لما نلحظه عندما نفتح احد الابواب الرئيسية للمباني المكيفة بالهواء البارد صيفاً فيندفع الهواء البارد الى الخارج والعكس صحيح في فصل الشتاء حيث يندفع الهواء البارد من الخارج الى داخل المباني المكيفة بالهواء الساخن.
تقدر درجة الحرارة الخارجية اثناء الزيارة بنحو 40 درجة مئوية بينما تقدر درجة حرارة الهواء الخارج من الفوهة بنحو 12درجة مئوية, ويرجع سبب خروج الهواء البارد في فصل الصيف: لمرور الهواء بجوار طبقات صخرية باردة اسفل الارض، وذلك لعدم تعرضها لاشعة الشمس فمن المعروف ان التربة والصخور تعتبران من المواد الرديئة التوصيل للحرارة، وقد تمر بمناطق مائية او رطبة، لذا نجد الهواء مشبعا بالرطوبة وبارداً، اما خروج الهواء الدافىء في فصل الشتاء فإن ذلك بسبب تغير درجة الحرارة الخارجية اما درجة حرارة الهواء الخارج من الفوهة فهي ثابتة طوال العام (لاتتغير لكون التربة رديئة التوصيل للحرارة) فتبدو دافئة شتاء وباردة صيفا, مثلاً اذا خرج الهواء بدرجة حرارة 12درجة مئوية سيكون هذا الهواء بارداً في فصل الصيف فقد تصل درجة الحرارة الخارجية الى 49 درجة مئوية بينما يكون في فصل الشتاء دافئاً مقارنة مع درجة حرارة صفر خارجية.
وعند سؤال المعرف هل توجد فتحات قريبة لهذه الفتحة اجاب بعدم وجود فتحات يعرفها, واثناء جولة الباحث في المنطقة لاحظ ان هناك اثراً واضحاً لفعل الاذابة المائية مما ادى الىوجود بعض الحفر، كما وجدت دحولاً صغيرة الى الغرب من هذه الفتحة كما لاحظت عند السير على سطح الارض وجود (دبدبة) في الارض مما يدل على ان هناك تكهفا حدث في هذه الطبقات الكلسية.
وقد لفت نظر الباحث بعض الاختلافات بين وصفه ووصف (زوار منطقة حائل) فقد تكون هناك فوهة اخرى مشابهة خاصة ان:
-الموقع حدد على مسافة 185كم شمال شرق حائل, اما الموقع الذي يعرفه الباحث فهو: على مسافة 240كم (في خط مستقيم) شرق حائل (بميل نحو الشمال).
-عدم وجود مزارع قريبة منها.
-ذكر ان :(البئر عميقة جداً بحيث لايمكن رؤية نهايتها) اما الفوهة التي قمت بزيارتها فعمقها (9م) تقريباً ثم تتحول الى نفق عرضي!!
-ذُكر:(يقال ان هناك آبارا مشابهة لها في موقع ليس ببعيد عنها 20كم) فهل الاخوة زاروا موقعاً والباحث زار موقعاً آخر؟
-وقت دفع وسحب الهواء عكس ماذكر!! فهل ذلك بسبب اختلاف تاريخ الزيارة ام ان هناك فتحة اخرى؟ يدخل الهواء منها ويخرج من الفتحة الاخرى بسبب الضغط الجوي ثم يحدث العكس عند اختلاف الضغط (بطريقة مشابهة لظاهرة نسيم الجبل والوادي).
فقد تكون عبارة عن انهار مائية تحت سطح الارض(كارستية) في الازمان القديمة المطيرة وبعد فترة الجفاف نقص منسوب المياه وجفت هذه الانهار مما ادى الى وجود مجار خالية افقية ثم عملت الانهيارات الارضية على نشأة الفتحات الرأسية وذلك عن طريق اذابة الصخور السفلية مما ادى الى سقوط الصخور العلوية ثم ارتبطت بمجرى نهري قديم، , وان سبب ظاهرة اندفاع الهواء من والى الفوهة هو ان لهذه الفتحة فتحات اخرى غير مرئية مما يؤدي الى دخول الهواء من فتحة وخروجه من فتحة اخرى.
والحقيقة ان الحكم على مصدر الهواء المنبعث من هذه الفتحة يحتاج الى دراسة الطبقات الجيولوجية وميل الطبقات، واخذ عينات من اعماق مختلفة لتحليلها، ودراسة تشمل مسح المنطقة، وهل يتغير الهواء المندفع بقوة الرياح وانخفاضها؟ وهل يتغير الهواء من حيث الحرارة، وقوة اندفاع الهواء خلال فصول السنة؟ ومتى تبدأ هذه الفتحة بسحب الهواء؟ وفي اي ساعة يبدأ دفع الهواء؟ وهل هناك فترات ثبات للهواء؟,.
اخيراً,, بعض هذه التساؤلات حول هذه الظاهرة ربما تكون الاجابة عنها من خلال الرد على هذا العرض من المعنيين وتحديد موقع الفوهة تحديدا دقيقا فقد تكون هناك فتحة اخرى.
تركي بن إبراهيم القهيدان