Friday 22nd October, 1999 G No. 9885جريدة الجزيرة الجمعة 13 ,رجب 1420 العدد 9885


اغتيال الأمل

ذات مساء دلفت إلى غرفتها وجلست على مكتبها وانكبت على مراجعة حصيلتها الدراسية,, لكنها لم تستطع اكمال مذاكرتها بيد أنها من المتفوقات دراسياً,.
رمت بمحاضراتها من بين يديها وقبعت في أحد أركان غرفتها وبدا على جبينها شحوب رهيب لقد ضاعت افكارها وتشتت بل ضاع في الغرفة عطرها الهامس وشطحت بعيداً بخيالها لتعيد في ذاكرتها ما سمعته اليوم من كلمات مخجلة أثارت شجونها وزادت أحزانها.
لقد كان لكلماتهن صدى في نفسها بددت افراحها,, وهددت حياتها وقتلت آمالها الصغيرة وهي مازالت في المهد.
سمعتهن صباحاً يهمسن ويقلن: هذه المعاقة أما حان لها الاعتزال والاختفاء عن المجتمع؟ لم تكمل تلك المعاقة تعليمها؟ ولم تشق زحام الكون وتحضر صباحا وهي معاقة؟ الكل يتحدث والكل يهمس,, والكل يرمي بالكلمات من هنا وهناك وهي منصتة تتجرع ما سمعته على مضض وكأنها تتجرع علقماً.
سمعت جميع ما دار من نقاش عنها وتهكم عليها ولسان حالها يقول ما قاله الحق تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن).
ان خداها صباحا قد توردا نشوة وفرحاً وعيناها قد التمعتا سعادة وتفاؤلاً وأملاً كل ذلك قبل ان تسمع تلك الكلمات الجارحة الجافة ولكن عندما سمعتها اكفهر وجهها ومشت بخطوات متعثرة هبطت من السديم واصبحت اشبه بشجرة منعت من الماء فذبلت اوراقها وجفت عروقها، بل اصبحت كالطائر المذبوح لقد اغتيل الأمل داخلها وهو لايزال طفلاً صغيراً يتشوق للحياة.
دارت بخاطرها أفكار مرعبة وهواجس مخيفة غرقت في بحر من الدمع والألم، بل تفجرت انهار من دموع حارقة.
بعدها أيقنت بل تأكدت ان المجتمع لايزال ينظر للمعاق نظرة دونية فسألت نفسها سؤالاً لتحطم به مابقي لديها من بصيص أمل قائلة: متى يتجاوز المجتمع هذا النفق المظلم ويربأ بنفسه عن السقوط في غياهب المهاترات؟ ومتى سيأخذ المعاق حقه كاملاً في الحياة؟ سؤال وجيه يحتاج منا الى اجابة فهل ياترى سنلقى اجابة له؟ آمل ذلك ليشفى غليل كل معاق وليشع نبراس الأمل من جديد في عيون هؤلاء المعاقين.
صدى الذكرى
الوشم/ ثرمداء

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
أطفال
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved