Friday 22nd October, 1999 G No. 9885جريدة الجزيرة الجمعة 13 ,رجب 1420 العدد 9885


احذر من الابتداع في شهر رجب
الشيخ/ عبيد بن عساف الطوياوي *

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الانبياء وإمام المرسلين، وبعد.
لقد انعم الله علينا في هذه البلاد بنعم كثيرة، لا تعد ولا تحصى من اهمها واعظمها سلامة مجتمعنا من البدع، ويا لها من نعمة، فالبدعة ليس لها موضع بيننا، ولايمكن ان تظهر في مجتمعاتنا، وحتى وان ظهرت فسوف تجد من يتصدى لها ومن يقمعها ويقضي عليها باذن الله تعالى, فولاة امرنا من العلماء والأمراء منذ قيام الدعوة المباركة وحتى يومنا هذا والمجتمع سليم من البدع، وهذا امر واضح ملموس لا يجحده الا صاحب هوى, ونظرا لما تنعم به هذه البلاد من خيرات، فقد كثر الوافدون، الذين قد يكون من بينهم من تأثر ببدعة، او اعتاد على طريقة مخالفة، بالاضافة الى ما بلي به المسلمون من اجهزة تنقل ما يحدث خارج بلادنا - حرسها الله - ولذا وجب التحذير من بعض المخالفات التي يروج لها في مثل هذه الايام وبالتحديد في شهر رجب، مثل بعض العبادات المبتدعة والاحتفالات الباطلة، وما يزعمه بعضهم من فضائل وكرامات توارثوها جيلا بعد جيل.
إن اهل البدع يخصون هذا الشهر ببعض العبادات التي ما انزل الله بها من سلطان، فإنهم يصومون بعض أيامه، ويقومون بعض لياليه، ويتقربون به بذبح الذبائح، ويخصونه بتأدية العمرة الرجبية، وغير ذلك وكل هذه الأمور على النحو المذكور بدع محدثة، وكل بدعة ضلالة.
فشهر رجب كغيره من الشهور، ليس له خاصية من غيره اللهم الا انه من الأشهر الحرم، التي يحرم فيها القتال, وتخصيصه لصيام او صلاة او ذبح او عمرة او نحوه غير جائز شرعا، فلم يرد دليل على ذلك لا في قرآن ولا في سنة، ولا حتى اثر عن سلفنا الصالح، انما ذلك من عمل اهل البدع، الذين يجتهدون في اماتة السنن وإحياء البدع, يقول شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله -: اتخاذه موسما بحيث يفرد بالصوم مكروه عند الإمام احمد وغيره، كما روى عن عمر بن الخطاب وأبي بكرة وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم - ومما احدث في هذا الشهر من البدع: تعظيم يوم اول خميس منه، وصلاة ليلة أول جمعة منه, الى ان قال: (فإن تعظيم هذا اليوم والليلة إنما احدث في الاسلام بعد المائة الرابعة) ولك اخي العزيز ان تتأمل، اربعمائة سنة ورجب هو رجب، حتى تنفس اهل البدع فجعلوا رجب موسم بدع، فليبشروا بالرد وعدم القبول.
يقول - رحمه الله - (والصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم النهي عن إفراد هذا اليوم بالصوم وعن هذه الصلاة المحدثة، وعن كل ما فيه تعظيم لهذا اليوم، وصنعة الاطعمة، وإظهار الزينة، ونحو ذلك، حتى يكون هذا اليوم بمنزلة غيره من الايام، وحتى لا يكون له مزية اصلا).
ومن العلماء الذين حذروا من البدع في مثل هذا الشهر، الحافظ بن حجر والحافظ بن رجب، يقول الحافظ ابن حجر: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيام شيء منه معيّن، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه، حديث صحيح يصلح للحجة).
ويقول الحافظ بن رجب، فإما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به, الى ان قال: (وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم).
ومن الأمور التي ينشط لها اهل البدع في مثل هذا الشهر، بدعة الاحتفال بمناسبة الاسراء والمعراج ففي ليلة السابع والعشرين منه، يجتمعون في بعض المساجد، ويلقون الخطب والمحاضرات، ويعقدون الندوات ويضيئون الشوارع بالكهرباء، وقد يبث ذلك عبر بعض وسائل الاعلام, ومما لاشك فيه ان الإسراء والمعراج آيتان عظيمتان، ونعمتان كبيرتان، ذكرهما الله في كتابه يجب على المسلم ان يصدق بهما ويشكر الله جل جلاله على ما انعم به على رسوله صلى الله عليه وسلم, وأما الاحتفال بهذه المناسبة فهو بدعة وكل بدعة ضلالة, والدليل على ان ذلك بدعة، انه عمل لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته رضي الله عنهم ولا اهل القرون المفضلة، إنما حدث بعدهم على ايدي الجهلة وأهل الاهواء, يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد), وحتى ليلة الإسراء والمعراج لم يثبت انها ليلة السابع والعشرين من رجب، بل لم يثبت انها في رجب، ولا في غيره، ولا يوجد حديث صحيح يعين تلك الليلة، ولم يهتم الصحابة ولا علماء الإسلام من بعدهم في البحث عن هذه الليلة ومتى هي؟ وفي اي شهر؟ لانه لا يتعلق بها حكم شرعي, فلا فائدة لنا في تعيينها, وقد اختلف المؤرخون في ليلة الاسراء والمعراج، فمنهم من قال في شهر ذي القعدة ومنهم من قال في شهر ربيع الاول، ففي تعيينها موضع خلاف, وحتى لو ثبت متى هي؟ لم يجز للمسلمين ان يخصوها بشيء من العبادات ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها، لان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك ولو كان الاحتفال فيها مشروعا لبينه صلى الله عليه وسلم لأمته إما بقول وإما بفعل.
فليحذر المسلم من البدع وأهل البدع، وليحذر منها ومنهم، وليتمسك بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ففيهما النجاة وفيهما الخير والفلاح العاجل والآجل, اسأل الله العلي القدير ان يحفظ لنا سلامة مجتمعنا وولاة امرنا انه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد.
* إمام وخطيب جامع موقق الثاني في منطقة حائل

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
أطفال
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved