Friday 22nd October, 1999 G No. 9885جريدة الجزيرة الجمعة 13 ,رجب 1420 العدد 9885


رئيس محاكم منطقة نجران لـ الجزيرة
المحاكم الشرعية مورد لكل غريب من القضايا
التركيز على طول الإزار وتحريم التلفاز دليل على قصور الفهم الدعوي

* حوار: سلمان العُمري
قال فضيلة رئيس محاكم نجران الشيخ محمد العسكري أن المحاكم الشرعية مورد لكل غريب من القضايا وأن على القاضي أن يكون مهيأً لاستقبال أي قضية مهما كانت غرابتها.
وأوضح فضيلته في لقاء معه لالجزيرة أن الدعوة إلى الله بالقول والفعل من احسن الأعمال وأرفعها درجة وأن الدعوة أصبحت اليوم في حاجة لاستخدام أحدث وسائل الإعلام في مواجهة أعداء الإسلام والرد على افتراءاتهم.
ودعا فضيلته إلى دعم الدعوة واعتبارها واحدة من مصارف الزكاة أو تخصيص الأوقات والأسبال المطلقة والتي عنينا مصارفها في خدمة العمل الدعوي.
وأكد في هذا الصدد على ضرورة أن يجمع الداعية بين العلم الشرعي وبين الحكمة في حسن الأسلوب وطريق الإقناع والصبر على المدعوين، واعتبر فضيلته أن تركيز بعض الدعاة المتحمسين على الجزئيات ودقائق الأمور دليل على قصور الفهم ولكن الأهم هو العمل على تمكين العقيدة الصحيحة من القلوب وبعدها سوف يبتعد المدعوون عن المنهيات من أنفسهم.
وفيما يلي نص اللقاء:
* من خلال تاريخكم الحافل بالتعامل مع القضايا المتنوعة التي تعرض على المحاكم الشرعية,, ما أغرب هذه القضايا؟ وكيف تعاملتم معها؟.
- المحاكم الشرعية مورد لكل غريب من القضايا ويتعين على القاضي أن يكون مهيأ لاستقبال اي قضية تعرض عليه والتعامل معها مهما كانت غرابتها في نظره لأنها قد تكون غريبة عليه بينما هي عند غيره شيئاً عادياً.
واذكر انه في بداية عملي القضائي منذ ثلاثين عاماً تقريباً تقدمت هيئة الأمر بالمعروف بدعوى ضد ثلاثة من الشبان القت الهيئة عليهم القبض بتهمة انهم لبسوا على رؤوسهم شعراً مستعاراً طويلاً وطلب مندوب الهيئة مجازاتهم باعتبار هذا الفعل منكراً وتشبهاً, وأنا بدوري كقاض مبتدىء اعتبرت هذا الفعل غريباً كيف أن الرجل يلبس على رأسه شعراً مستعاراً باروكه وبعد اعترافهم ومعرفة الأسباب حكمت بتعزيرهم بالسجن والجلد ويظهر أنني بالغت في ذلك حيث استدللت لحكمي بحديث الواصلة وحديث النهي عن التشبه.
وفي ليلة ذلك اليوم رأيت وانا نائم وكأنني اسير في شعيب منحدر بين جبلين صغيرين وليس فيه أثر للطريق وإذا بسيارات من نوع القلابات الكبيرة تلقي بحمولتها من حجارة مختلفة الاحجام من احدى عدوتي الشعيب فتنحدر حتى تقترب مني وانا اهرب منها في العدوة الأخرى والعملية متواصلة انتبهت من نومي فزعاً من تلك الحجارة واخذت افكر في أسباب هذا الحلم وذكرت قضية اولئك الشباب وما رأيته عليهم من تأثر اثناء الحكم، وفي صباح اليوم التالي طلبت حضور الشباب الثلاثة ومندوب الهيئة ورجعت عن حكمي وحكمت باطلاقهم مع اخذ التعهد واسواط قليلة دون العشرة واستدللت بحديث البخاري لا يجلد فوق العشرة اسواط إلا في حد،ولا تزال صورة تلك الرؤيا واحداثها ماثلة في الذهن.
* برزت في الآونة الأخيرة الحاجة الملحة لدعم برامج الدعوة إلى الله من خلال إيجاد مصدر ثابت لتمويلها، والعمل على تطويرها في مواجهة التحديات المعاصرة التي تتربص بأبناء الأمة في كل مكان بأنحاء المعمورة.
ما أهمية الوقف الإسلامي في إيجاد هذه المصادر؟ وما هي أنواع المصادر التي تتناسب مع أوجه الوقف، وصوره المختلفة، وتحقق اهداف هذه البرامج في توجيه مجتمعنا الإسلامي، وحمايته؟.
- الدعوة إلى الله هي مهمة الرسل وأتباعهم منذ بعث الله الرسل، فهذا نوح مكث ألف سنة إلا خمسين عاماًيدعو قومه إلى الله قبل أن يدعو عليهم وما من نبي إلا اجتهد في الدعوة إلى الله إذهي أهم عناصر الرسالة والله يقول لنبينا محمد صلى الله عليه وسلمادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، ويبين لنا القرآن أن الدعوة بالقول والفعل هي من احسن الأعمال وارفعها درجة عند اللهومن احسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال أنني من المسلمين .
ولابد للدعوة في هذا العصر من عنصرين أساسيين العنصر الأول وهو الأساس في الدعوة:
نية الاحتساب وطلب الأجر من الله والرغبة في هداية المدعو، وسواء كان الداعية موظفاً لغرض الدعوة أو لم يكن فالدعوة واجبة على الجميع ونية الأحتساب أساس في نجاحهاإنما الأعمال بالنيات .
العنصر الثاني: مصادر التمويل المادي وذلك أن الدعوة في هذا العصر في حاجة إلى استعمال الوسائل المتنوعة التي استعملها اعداء الإسلام لحرب المسلمين بمختلف الوسائل الإعلامية، فلابد أن نستعمل هذه الوسائل لرد ما تتعرض له دعوة الإسلام والمسلمون واستعمال الوسائل الحديثة بمختلف انواعها يتطلب مصادر تمويل حتى يتمكن الدعاة من ايصال دعوتهم إلى العالم، وتطوير الدعوة سنة من سنن الله في خلقه فقد كانت رسالة كل نبي محدودة على قومه ثم جاءت رسالة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- عامة للثقلين وكانت وسائل الدعوة في عهده- صلى الله عليه وسلم- ومن بعده مقصورة على الكلمة والتعليم بالمواجهة، ولكنها اليوم في حاجة إلى استخدام الإعلام على مستوى العالم بوسائله المختلفة المرئية والمقرؤة والمسموعة ومنها الإنترنت، فهؤلاء اعداء الإسلام يوجهون إلينا الكلمة المسموعة والعرض المؤثر في مختلفة الفضائيات فلماذا لا نستعمل هذه الوسائل للدعوة إلى الله وإيصالها بنفس الأسلوب والطريقة، اما مصادر الدعم المادي فالحكومة الإسلامية اينما كانت مسؤولة عن ذلك في المقدمة وهي احق ما صرف عليه من بيت المال، يلي ذلك الحقوق التي اوجبها الله في أحوال الأغنياء وفي البلاد الإسلامية الكثير من الأثريا المحبين للخير يتعين استنهاض هممهم إلى المشاركة في مجال الدعوة، وذلك بتخصيص جزء مما ينفقونه لمجال الدعوة لوقيل أن الدعوة في عصرنا هذا مصرف من مصارف الزكاة الثمانية باعتبارها في سبيل الله لكان هذا القول مصيباً، يلي ذلك الأوقاف والأسبال المطلقة التي لم تقيد بمصرف معين أو عينت مصارفها واستغنت كمن وقف ارضاً لإنارة جامع البلد بالزيت أو الكيروسين فالأحق بمصارف هذه الأوقاف الدعوة إلى الله ولا أظن العلماء يرون منع ذلك إلا في الأوقاف المفيدة في مصارف معينة وحكومتنا بحمد الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين سباقة إلى هذا المجال ولها القدح المعلى في نصرة الإسلام والمسلمين بكل الوسائل الممكنة مادياً ومعنوياً.
* قصور الفهم أصبح يمثل العقبة الأهم في طريق الدعوة، خاصة عندما يركز الدعاة على الاهتمام بالجزئيات ودقائق الأمور التي ينتج عنها عدم الترتيب في سلم الأولويات، فيتشبث بعضهم بالواجب مع ترك الأوجب، ويحارب المكروه مع وجود المحرم.
في نظركم ما علاج هذه العقبة؟ وكيف يمكن للداعية في هذا العصر تحديد درجات الأولويات من حيث الأهم فالمهم في سلم الدعوة إلى الله على بصيرة؟.
- لاشك ان قصور الفهم في مجال الدعوة أصبح عقبة تحول بين الدعاة قاصري الفهم والمدعويين ولذك يتعين أن يكون الداعية جامعاً بين العلم الشرعي فيما يدعو إليه وبين الحكمة التي تتمثل في حسن الأسلوب وطريق الأقناع والصبر على المدعويين والتأسي برسول الله- صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح، فقد أوصى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- معاذاً حينما بعثه إلى اليمن بالأهم قبل المهم واخبره أنه يأتي قوماً أهل كتاب،وقال:إن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وقال إن هم أطاعوك لذلك فاخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم اطاعوك إلى ذلك فاخبرهم ان الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم وترد إلى فقرائهم وفي هذه الوصية من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لرسوله الذي بعثه إلى اليمن قواعد يتعين على الداعية ان يلتزم بها وهي أولاً أن يستعد لمخاطبة المجتمعات المتحضرة والمتعلمة بالحجة القوية، وأن على الداعية أن يفرق بين مخاطبة العالم ومخاطبة من هو دونه فإن في قوله- صلى الله عليه وسلم- أنك تأتي قوماً أهل كتاب لفت للنظر إلى وجود الأستعداد لمخاطبة القوم بالحجة القوية ثم رتب بعد ذلك ما يجب أن يدعو إليه أولاً بأول، فأي داعية لا يتصف بهذه الصفات فضرر دعوته أكثر من نفعها وتركيز بعض الدعاة المتحمسين للدعوة على الجزئيات ودقائق الأمور كطول الأزار وحلق الشعر وتحريم التلفاز دليل على قصور الفهم ونحن لا نقول بصواب من يتعاطى هذه الأشياء ولكن نقول لو تمكنت العقيدة الصحيحة والإيمان الصحيح من قلوب فاعليها لانتهوا عن هذه المنهيات من أنفسهم فالأولى ان يكون الداعية متمكناً من معرفة الأحكام الخمسة وما يتعلق بها من احكام قبل أن يبدأ في الدعوة وان يجعل نصب عينيه في الدعوة وصية القرآنادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ووصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لمعاذ المتقدمة ووصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للعامة في قوله من رأي منكم منكراً فليغيره بيدههذه للحاكم ومن لم يستطع فبلسانهوهذه للعلماء المسموعي الكلمة ومن لم يستطع فبقلبهوهذه للعامة وبالجملة في نظري فالدعوة إلى الله تحتاج إلى دعاة متزودين بالعلم الشرعي.
* لا زالت ظاهرة الطلاق وقضاياه المطروحة أمام الكثير من المحاكم في تصاعد مستمر مما يهدد الكيان الأسري ويؤثر على بناء الأجيال المقبلة بسبب ضياع الابناء وخاصة الصغار.
في نظركم ما الاسباب الرئيسية المسببة للطلاق وزيادة معدله في الآونة الأخيرة؟ وكيف يمكن مواجهة هذه الأسباب والحد من هذه الظاهرة؟
- ظاهرة الطلاق ظاهرة مستعصية تتطلب دراسة مبنية على معرفة سلوك المجتمعات ومدى بعدهم أو ارتباطهم باخلاق الإسلام وآدابه ومعلوم أن الطلاق حل لاستعصاء الحياة الزوجية بين الزوجين، فلا يتعين أن يلجأ إليه الرجل إلا بعد استعمال كل الحلول التي يمكن دوام الزواج معها، والطلاق حل مشروع ولكنه في نفس الوقت غير محبب ويترتب عليه اضرار تلحق بطرفي الزوجية وأولادهما إذا كان بينهما ولد وقد يتعدى ضرره إلى أسرة الزوجين فيسبب القطيعة بعد أم ونفرة بعد صلة لان الغالب أن أولياء المرأة يبنون مستقبل موليتهم وسعادتها على علاقتها الزوجية ومن أسبابه في نظرنا بعد المجتمعات عن حقيقة هدي الإسلام ومنهجه القويم الذي جعل كل من الزوجين جزءا من الآخر ويدل على ذلك قوله تعالى ومن آيته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة الآية تدل على ان كل واحد من الزوجين هو جزء من الآخر عدا دلالتها على السكون فيما بينهما والمحبة في بداية الحياة الزوجية والرحمة في آخرها عند الضعف وفي الحديث استوصوا بالنساء خيراً ومن أسبابه طغيان الحضارة المادية على جيل هذا العصر فانها فتنت كل من الزوجين عن الآخر فالغالب ان الزوجة العاملة لا تلتقي مع زوجها العامل إلا وهما منهمكان ليس لديهم استعداد نفسي ليتحمل كل منهما الآخر فيما يخص علاقتهما الزوجية، ومن اسبابه أيضاً غلاء المهور مما يترتب عليه أن أغلب المتزوجين وخاصة الشباب يضطروا إلى الاستدانة وانفاق هذه الأموال فيما لا يعود على هذا الزواج بمردود أو خير.
فإذا انتهت أيام الزواج الأولى وبدأ الزوج يسعى لتحصيل سداد الديون وبدأت الزوجة في طلبات البيت فيتبرم كل منهما بالآخر حتى يحصل الشقاق ويتبعه الطلاق من غير روية ولا تفكير، ومن اسبابه أيضاً تفاوت مستويات المعرفة بين الزوجين والدخول المادية فقد يكون للزوجة دخل مادي نتيجة لعملها الوظيفي مما يجعلها كثيرة التمنن على شريك حياتها فيدفعه ذلك إلى الطلاق، ومن أسباب الطلاق عدم الرؤية الشرعية لأن الناس في هذا المجال بين افراط وتفريط فاما منع الرؤية بالكلية وهذا في المجتمعات المتحفظة وأما التفريط وعدم الرقابة فيترتب على الأول أن يفاجأ أحد الزوجين بخلاف ما كان يتصوره في حياته من السمت والدين وعلامات الصلاح فتحصل النفرة ويترتب على الثاني وهو التفريط وترك الحبل للخاطب ومخطوبته على الغارب يجتمعان ويخلوان ويتنقلان فيحصل بعد هذا السأمة والملل واحتقار الرجل للمرأة، لأن الشيطان ملازم لهما من حال الخلوة الأولى المحرمة هذه بعض اسباب الطلاق اما كيف نواجه هذه الاسباب فان الحل الأول هو التربية الإسلامية الصحيحة والتأني في اختيار الزوجة وتأني أولياء المخطوبة أيضاً حتى تتم معرفة الخاطب ودينه ومن الحلول الحد من غلاء المهور والحد كذلك من النفقات في الولائم التي مبعثها الرياء والمكابرة كذلك مما ينبغي العناية به توجيه الخطباء والدعاة للقيام بدور فعال في ترشيد المجتمعات في أمور الزواج والتحذير من الطلاق وبيان ما يترتب عليه وكذا على الجهات التعليمية أن تولي هذا الأمر عناية ابتداء بالمرحلة الثانوية وانتهاء بالجامعة وهذا الأخير مهم في حياة الشباب من الجنسين وهو مفقود تماماً في التعليم كما أن على وسائل الإعلام المختلفة سواء مقرؤة أو مسموعة أو مرئية تثقيف الشباب ثقافة إسلامية مما يجعل رباط الزوجية رباطاً وثيقاً لا ينفصل إلا عند الضرورة.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
أطفال
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved