Friday 22nd October, 1999 G No. 9885جريدة الجزيرة الجمعة 13 ,رجب 1420 العدد 9885


شخصيات قلقة
جيمس سميثسون
صاحب أغرب وصية ,, !!

مازال امر الوصية الغريبة المميزة، التي خص بها رجل انجليزي اسمه (جيمس سميثسون) حيث ترك كل ثروته لبلاد لم يزرها ابدا، مازالت هذه الوصية، والاسباب التي دفعت صاحبها الى ذلك غير مقنعة.
ومساحة شاسعة من الخضرة الممتدة غربا تجاه نهر (يوتوميك) من عاصمة الولايات المتحدة الامريكية في واشنطن، يطوقها صف من مباني المتاحف المعروفة بمعاهدة (سميثسون) هذه المتاحف هي لرجل انجليزي لم يزر الولايات المتحدة الامريكية مطلقاً في حياته، والذي ادت وصيته الغريبة الى اقامة مؤسسة اصبحت واحدة من ابرز المؤسسات العلمية في العالم، ومستودعا لمجموعات متنوعة من الفن الانساني،
ولد (جيميس سميثسون) عام 1765 في فرنسا، حيث هربت اليها امه التي كانت تسمى (اليزابيث ماتي) وهي من سلالة الملك هنري السابع، وابوه هو السير (هيج سميثسون) الذي كان قد تزوج ابنة عمه الارملة الثرية، عزمت اليزابيث على ان يتغلب ابنها على وصمة لا شرعيته، لما بلغ سن العاشرة احضرته الى انجلترا وتمكنت من اكسابه الرعاية البريطانية على الرغم من حرمانه من الحقوق المدنية والعسكرية، ومنعه من قبول اي اراض عينها له التاج، فلما حرم من الفرص المهنية المعتادة المربحة، والتي يمكن ان يصنع منها ثروة، اتجه الى العلم.
عندما بلغ سن 17 عاما التحق بجامعة اكسفورد، في كلية (بمبردك) تحت اسم (جيمس لويس ماس) وسرعان ما اشتهر بانه المع كيمائي واخصائي مناجم في فصله، وحصل على درجة الماجستير بعد اربع سنوات، وبعد عام آخر اختاره (هنري كافينديش) احد اشهر علماء المملكة آنذاك لعضوية الجمعية الملكية، في عام 1791 قرأ اول ابحاثه امام الجمعية وكان عمره آنذاك 16 عاما, وكانت دراسة عن المكونات الكيماوية للطباشير وهي مادة موجودة في الخيزران.
وبعد وفاة امه عام 1800 سمى نفسه (سميثسون) ونشر 27 بحثا حتى موضوعات الكيمياء، وادى تحليله الدقيق لمصادر خام الزنك الاوروبية الى التعرف على مكونات الزنك، وهي معدن سمي (سميثسونايت) تكريماً له، ومع ذلك تملصت منه الشهرة بينما يتجول في اوروبا، اعزب ثريا يعرف كل كبار العلماء.
وفي 23 اكتوبر 1826 وكان عمره 61 عاما كتب وصية اخيرة، ابتغى بها ذيوع صيته، حيث ترك ثروته لابن اخيه (هنري جيمس) ولما كان (جيمس) لم يترك وريثاً، فإن العالم المتقدم في السن، قرر توريث كل املاكه للولايات المتحدة الامريكية!! لتؤسس في واشنطن، تحت اسم:
(معهد سميثسون) مؤسسة للتنمية ونشر المعرفة.
وقد كتب سميثسون ذات مرة (افضل دماء انجلترا تجري في عرقي، لكن ذلك لا يقيدني سوف يعيش اسمي في ذاكرة الناس) ذلك هو البيان الذي عذبه واصابه بالاحباط - الظروف التي احاطت بولادته، فصمم على تحدي المجتمع الذي احتقره,, لكن لماذا اختار الولايات المتحدة ,, ؟
تلك البلاد التي لم يزرها قط، والتي لا تربطه بها علاقات او صداقات، وليس له فيها اقرباء او عشيرة، ربما تكمن الاجابة في زيارة اداها سميثسون الى باريس عندما كان سنه 27 عاما، وكان ذلك عام 1792، بعد ثلاث سنوات من الهجوم على سجن الباستيل، ذلك السجن الذي كان يمثل جبروت وطغيان ملوك عائلة بوربون، فقد كتب سميثسون الى صديق له في اكسفورد (للغباء والاثم عهد طويل، لكن آن الاوان للعدالة والحرية لتأخذ دورها) وعلى الشاطئ الآخر للمحيط الاطلسي، كانت تنمو تجربة حكم ذاتي في الولايات المتحدة الامريكية.
في عام 1829 بعد ثلاث سنوات من كتابة وصيته توفي (جيمس سميثسون) ودفن في جنوا بايطاليا.
وبعد ست سنوات اخرى توفي ابن اخيه بدون وريث، بعد مناقشات طويلة حول قبول الوصية قال (جون كامهون) بأن كرامة البلاد تتنافى مع قبول مثل هذه الهدية من شخص اجنبي لكن الامر انتهى بأن فوض الكونجرس رئيس الجمهورية بايفاد وكيل الى انجلترا للحصول على الاموال، وفي اغسطس 1828 وصل الى نيويورك مركب يحمل 105 كيس من الجنيهات الذهبية والتي تقدر بحساب ذلك الوقت بمقدار (5083146) جنيها استرلينيا وتم وضع حجر الاساس لمعهد سميثسون والذي نقل اليه رفاته عام 1904، واصبح هذا المعهد مهمته الاساسية هي البحث العلمي حيث تم نشر اول جزء من سلسلة اعمال عام 1848 - وبذلك تحققت اهداف (جيمس سميثسون) في تنمية ونشر المعرفة والذي كان صاحب اغرب وصية.
حمزة سعد

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
أطفال
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved