Friday 22nd October, 1999 G No. 9885جريدة الجزيرة الجمعة 13 ,رجب 1420 العدد 9885


الفنان التشكيلي السوداني حسان علي
درست الاقتصاد والسياسة خطأ لأنني فنان

* حسان علي فنان نوبي سوداني علم نفسه بنفسه لغة التشكيل، وأدرك أهمية الرؤية البصرية، عبر العديد من المعارض والمشاركات الدولية والأسفار هنا وهناك كون حسان علي لغة لنفسه تجمع بين الإحساس الفطري والدراسة, يتسم كفنان بالخصوبة والتنوع فهو مصور ومصمم لرسومات الأطفال، كما يقوم ببعض أعمال الحفر أحيانا، وحصل على جائزة نوما اليابانية في رسومات الأطفال,, وتتسم اعماله بالتجريب والتنوع ولا تفصح عن معنى معين بقدر ما تبحث وراء المجهول عن معنى ما يختلف من متلق لآخر,, اقيم له مؤخرا بالقاهرة معرض جديد وعلى هامش المعرض التقينا به وكان هذا الحوار.
فنان لم يدرس الفن
* درست في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ثم اشتغلت بالفن,, هل ذهبت الى الفن خطأ ,,؟
العكس هو الصحيح,, لقد ذهبت الى كلية الاقتصاد خطأ ولكن حبي الحقيقي كان دائما للفن الذي تعلمته بنفسي وليس في دراسة منتظمة, وهناك فنانون كثيرون لم يدرسوا في كليات فنية لا أنكر ان الكلية قد تختصر بعض الزمن، لأن الطالب يقضي وقته كله داخل الكلية مع اساتذة فنانين ومع زملاء هواة، وبالتالي ما أدرسه سنتين مع نفسي يدرسه الطالب المتخصص في شهور قليلة, ومع هذا لا تستطيع الكلية ان تستوعب التجربة كلها,, لأن المسألة في النهاية ممارسة وتدريب وقراءة مستمرة وزيارة للمعارض المختلفة, وقد أتاح لي عملي في معرض الخرطوم الدولي ان اسافر الى كثير من البلدان، وكنت انتهز فرصة السفر وأزور العديد من المعارض والصالات والمتاحف.
* لا شك ان تجربة السفر تجربة ثرية للغاية,, فماذا يعني لك السفر كفنان تشكيلي؟
اتاح لي السفر ان أشاهد لوحات بيكاسو الأصلية وليست المستنسخة كما شاهدت متحف اللوفر في باريس والبرادو في مدريد حيث اطلعت على أعمال جويا ورمبرانت وروبنز,, وكل هذا يزيد من رؤيتي البصرية التشكيلية بجانب ان السفر يزيد معارف الإنسان عامة.
* من خلال تجربة السفر، كيف ترى الحركة التشكيلية في الوطن العربي مقارنة بالغرب؟
للأسف لم تتح لي زيارة كثير من الدول العربية باستثناء تونس ومصر والأردن والإمارات,, في مصر وهي من أنشط البلدان تشكيليا توجد الأساسيات كالمتاحف والمعارض لكن التنظيم ضعيف,, فربما لا أجد اسم الفنان على اللوحة مثلا! في بينالي القاهرة الأخير قابلني تسعة موظفين لاستلام اعمالي، في حين كان من الممكن إنهاء كل هذا في دقائق وبموظف واحد,, المشكلة في المعارض العربية هي مشكلة ادارية، وبشيء من التنظيم قد يصبح متحف الفن الحديث الموجود في مصر مثل متحف البرادو في مدريد.
التجريب فرصة لكسر النمط
* في لوحاتك باستمرار محاولة للتجريب مما يجعلها تصنف ضمن الأعمال الحداثية؟
كلمة حداثة وحداثية هذه لا ارتاح اليها لكني لا أنكر انني كثير التجريب في عملي بحثا عن شيء ما لأنني ضد النمط المغلق, هناك بعض الفنانين يكتشفون شكلا تعبيريا معينا ويظلون اسرى لهذا الشكل او النمط، انا أرى ان المسألة مفتوحة ولا نهائية وإن كان البعض يعتقد ان عدم وجودالنمط عيب في الفنان ولست انتمي الى هؤلاء حيث اخشى ان يؤطر الفنان بهذا النمط المعين، وطبيعتي أقرب الى الاستمرار والمحاولة والتنوع.
* لكن ربما يكون المقصود ليس النمط وإنما بصمة الفنان الخاصة على أعماله؟
بالطبع لا بد أن تكون هناك بصمة ومهما جربت ستجد في النهاية رابطا بين اللوحات المختلفة,, ودعني أسأل: هل الفنان يعمل ويجرب ام يتوقف ويقول انني أبحث عن البصمة مسبقا؟! بعض الفنانين يحكمون على أنفسهم بالموت لوقوعهم في تكرار النمط لمجرد النجاح المادي والشهرة من خلاله، رغم انه لو استمر قد يصل الى شكل تعبيري أفضل وهذا ما أتوق إليه دائما.
*يلاحظ ايضا التناقض اللوني بين لوحاتك المختلفة سواء الالوان الساخنة او الباردة او الرماديات المختلفة,, كل هذا قد يصادفنا في اللوحة الواحدة؟
لا أحب نظاما لونيا معينا، فقد أضرب لونا أحمر ثم اضرب بجواره لونا اخضر كي اكتشف شيئا جديدا، ولا أتحرك وفق هارمونية معينة كما يقول البعض, فلا يهمني ما يقوله البعض عن التناسق اللوني ولكن يهمني الاكتشاف والتجريب في الألوان, قد يكون اللون الواحد هو السائد عندي في لوحة كاملة واجرب بين درجاته المختلفة,, لا يوجد لدي شيء مسبق، فقد اضع اللوحة على الأرض، وألقي بالألوان وليس بداخلي شيء محدد فلست مهموما بعنوان معين للمعرض، ولست مهموما بالصنعة في شيء كي أقول لا بد أن يكون معرض باللون البني ودرجاته مثلا,, لكن الأساس هو العفوية والصدق في الفن، اما التفكير المسبق والجري وراء الموضة فكلاهما خطر على الإحساس الحقيقي للفنان، مما يحول الفنان الى صانع أو حرفي كالنجار مثلا.
اللوحة ليست موضوعاً أدبيا
* من الأمور الواضحة والجلية في معرضك أنك لا تطلق على المعرض عنوانا ما كذلك لا تسمي اللوحات باسماء معينة كما هو شائع,, فلماذا؟
التشكيل في ذاته لغة بصرية لا علاقة لها بالأدب او باي وسيط آخر, انا اتمنى ان أعمل بالخط واللون دون تدخل الوجوه والأماكن او أي شيء آخر يجعل المتلقي يربط لا شعوريا بين اللوحة وبين أي واقع خارجي مختلف عنها بالطبع, وبالتالي يتوهم تفسيرات أدبية غير موجودة, وهذا ما يجعلني مثلا ألون الباب باللون الأحمر الدموي وليس بالألوان الداكنة، والقاتمة كما هو شائع لمجرد ان أجعل القارئ يبتعد عن المقارنة بين هذا الباب الذي في داخل اللوحة وبين أي باب خارجي آخر.
* هناك سؤال جوهري يفرض نفسه باعتبارك فنانا سودانيا,, ماذا عن الحركة التشكيلية في السودان؟
في السودان كانت هناك حركة تشكلية نشطة في الفترة السابقة، لكن في هذه الفترة الحالية تضاءلت الحركة التشكيلية وانتقلت الى المهجر سواء في بعض البلاد العربية والافريقية مثل مصر وكينيا او في بعض البلاد الغربية مثل انجلترا وامريكا واسبانيا,,
وبالتالي فالحركة التشكيلية السودانية حاليا فاعلة في الخارج أكثر مما هي فاعلة داخل السودان.
* وماذا عن علاقتك بالفنانين التشكيليين العرب؟
لا يزال الحوار مقطوعا بين الفنانيين التشكيليين العرب,, فهناك دول عربية تقوم ببعض المعارض لكن يعيبها سوء التنظيم، فتارة ترسل لك دعوة للمشاركة وتارة لا ترسل شيئا, وهناك دول توقفت عن إقامة المعارض مثل بينالي الكويت الذي توقف منذ الغزو العراقي, فالحوار بيننا كعرب غير نشط وهذا انعكس بالضرورة على حضورنا العربي في المعارض الدولية, فمثلا بينالي فينسيا تكاد الماشركة العربية فيه ان تكون قاصرة على الفنانين المصريين فحسب.
جائزة نوما
* حصلت على جائزة نوما لرسوم الأطفال مرتين عام 88 وعام 96 من اليابان, فماذا يعني لك الرسم للأطفال؟
رسومات الأطفال بدأت هواية لدي أمارس فيها أعمالا أحبها، وأفضل أن تكون الفكرة المصاحبة لرسومات فكرتي أنا, حيث لااستطيع ان انفذ رسومات لافكار غيري.
* إذن الرسم للأطفال هواية أم مجرد حرفة لكسب العيش؟
الرسم للأطفال تجربة واسعة ورحبة، قد يقوم بها فنان مصور او نحات، المهم ان يكون الفنان محبا لهذا العمل,
ففي احد معارض بولونيا وجدت كتبا للأطفال مصورة فحسب ويستطيع الطفل ان يقرأ القصة كاملة من خلال مجموعة معينة من الصور، لأن الطفل هذه الايام هو ابن حضارة الصورة,, ابن شاشة التلفزيون والكمبيوتر ويمتلك وعيا بالمساحات والألوان قد لا يمتلكه الكبار.
لا استطيع ان أقول عن رسومات الأطفال إن كانت هواية ام حرفة ولكنها في النهاية عمل يحتاج الى حب وتفان حتى يخرج ناجحا في النهاية.
شريف صالح

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
أطفال
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved