Friday 22nd October, 1999 G No. 9885جريدة الجزيرة الجمعة 13 ,رجب 1420 العدد 9885


مدينة ليون على لائحة تراث الإنسانية العالمي

يتوجها الفا عام من التاريخ وثروة اثرية استثنائية تمتد على مساحة 500 هكتار، جرى تسجيل هذا الموقع التاريخي لمدينة ليون، عاصمة الغال القديمة وثاني مدينة فرنسية اليوم، على لائحة تراث الانسانية العالمي, انه حدث هام يرافق مدينتي براغ وبورتو، اهم المواقع المدينية المصنفة بين 582 موقعا ثقافيا وطبيعيا في 114 بلدا يحويها هذا الكرَّاس الشهير.
مدينة ليون هي قبل كل شيء موقع منفرد، على ملتقى نهرين بين هضبتين وسهل وعلى مفترق اوروبا الشمالية والبحر المتوسط وجبال الالب, انه موقع فريد عرفت هذه المدينة كيف تستفيد منه لتصبح موقعا متميزا للتبادل المادي والمعنوي.
تأسست المدينة عام 43 قبل الميلاد في نقطة التقاء ثلاث مقاطعات غالية، وسميت (لوغدونوم او هضبة الغربان، لان سربا من هذه الطيور حط فيها عند حفر اسسها)،وظلت لعدة قرون خلت العاصمة الرومانية للمقاطعات الغالية, وعلى ذلك تشهد اثاراً غالية ورومانية، بشكل خاص المسرح القديم الرائع على هضبة فورفيير والذي يستعمل حتى اليوم كباحة للمهرجان السنوي, لكن تذكر آثار اخرى باحداث مأساوية مثل المدرج المسرحي في اسفل هضبة كروا روس حيث سالت دماء اول شهداء الغال عام 177.
في القرون الوسطى، كانت مدينة ليون تابعة للامبراطورية الرومانية الجرمانية، كما كانت المدينة المسيحية الثانية من حيث الاهمية، وسادت فيها المباني الدينية من كنائس واديرة وشيدت كاتدرائية سان جان وكنيسة اول الغاليين, وظهر نموذج بيت ليون في القرن الخامس عشر المتميز بنوافذه العديدة ذات الكي على كامل واجهة المبنى, عرفت ليون عصرها الذهبي بين القرنين الخامس والسادس عشر فتوافق الازدهار الاقتصادي الناجم عن المواسم مع فترة النهضة الفرنسية, وهكذا اصبحت المدينة قاعدة اوروبية للتجارة والبنوك وبؤرة ثقافية وانسانية ايضا مع تمركز المطابع الكبرى القادمة من اوروبا الشمالية فيها.
يقع في الحي القديم الرائع، اهم مجمع من العصر الغوطي والنهضة الاوروبية، بعد البندقية، اعيد ترميمه بعد سنوات من الاهمال والخراب ليشهد على عصر ليون الذهبي, وقد اقيم هنا عام 1964، على مساحة تبلغ 25 هكتارا ارتفعت فيه مبانٍ وردية الشكل وبنية، مع باحات داخلية وقناطر وادراج وممرات مقببة مع اقواس قوطية أول قطاع محمي في فرنسا تطبيقاً للقانون الخاص بحماية واعادة القيمة للتراث الذي تم تبنيه بمبادرة من اندريه مالرو، وزير الثقافة.
في البداية، تمنى المدافعون عن التراث الليوني ومن بينهم عمدة المدينة ريمون بار، تسجيل ليون القديمة التي عرفت عملية انقاذ وترميم لا مثيل لها، مع المحافظة على حيويتها دون تحويل الى المدينة المتحف ، وهضبة فروفيير على لائحة التراث العالمي, لكن الخبراء الدوليين الذين زاروا ليون دهشوا بالتناسق الفريد لمجموع الموقع المديني التاريخي فتبنوا مجمل ال 500 هكتار في اقتراحهم في ملف الترشيح المعروض على الاونيسكو.
ليون هي ايضا مدينة الحرير المشهورة بعاملاتها اللواتي تمركزن على سفح هضبة كروا روس في القرن التاسع عشر، وفي شقق/ مشاغل ذات سقوف من الخشب الهائل اوت انوال جاكار الضخمة, ويأتي لقب هذه الهضبة بالهضبة العاملة من هذا الحضور العمالي، مقارنة بهضبة فورفيير الهضبة المتعبدة بسبب كاتدرائيتها الهائلة التي شيدت بفضل اكتتاب شعبي لحماية المدينة من الاجتياح الجرماني خلال حرب عام 1870.
وقد عرفت منحدرات هذه الهضبة الصناعية اول عمليات الحماية المدينية في فرنسا المرتبطة، ليس فقط بالاثار، بل بتراث مديني عمراني ومنظري يومي.
ثمة عنصر مديني خاص جدا، مشترك بين ليون القديمة وهضبة كروا روس، هو متنزه اجيال من سكان ليون ومعبر المقاومين الفرنسيين خلال الاحتلال الالماني، المتمثل بالممرات الضيقة ترابول التي تسمح بالتنقل خفية من شارع لآخر بين المباني.
وثمة حي آخر في الموقع التاريخي هو شبه الجزيرة بين نهري السون والرون الذي كان في القرن السابع عشر مركز المدينة السياسي والبرجوازي، وهذه هي المدينة الضخمة التي شيدت في القرن التاسع عشر حيث القصور والساحات الملكية وسبل الماء والمباني الاثرية والمحلات الكبرى وبنايات بشوارع مغطاة تحتضن مبنى الاوبرا الذي انتهى ترميمه عام 1993 باشراف المعماري جان نوفيل.
عم الفرح سكان ليون لتصنيف المدينة على لائحة التراث العالمي، وما توقعوا ذلك, ويفترض ان يساعد هذا القرار المدينة على مواصلة مشروع الترميم الذي بدأ منذ ثلاثين عاما، وحيث يشيد مبنى المدينة الدولية المستقبلية من تصميم المعماري الايطالي رنزو بيانو ومتحف الفن الحديث.
وقعت مدينة ليون مع الدولة الفرنسية على اتفاقيتين ماليتين، تسمح الاولى باحصاء مجموع المباني الاثرية في المدينة وترميم بعض المباني الاساسية، وتتعلق الاتفاقية الاخرى بتأهيل متحف غاداني الرائع الذي اقيم في قصر من الطراز الايطالي، ويعتبر تحفة ليون القديمة.
كلودين كانتي
عن مجلة احداث الساعة في فرنسا العدد 20 .

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
أطفال
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved