Saturday 23rd October, 1999 G No. 9886جريدة الجزيرة السبت 14 ,رجب 1420 العدد 9886


الغربال
أ,د, عبدالله أبو داهش

قال أمية بن ابي الصلت يعاتب ابنه وقد ابدى له عقوقاً:
غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً
تعلُّ بما أذي اليك وتنهل
اذا ليلة نابتك بالشكو لم أبت
لشكواك الا ساهراً اتململ
كأني انا المطروق دونك بالذي
طرقت به دوني وعيني تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي
اليها مدى ما كنت فيك اومل
جعلت جزائي منك جبهاً وغلظة
كأنك انت المنعم المتفضل
فليتك اذ لم ترع حق ابوتي
فعلت كما الجار المجاور يفعل
فأوليتني حق الجوار ولم تكن
علي بمال دون مالك تبخل (1)
هذا الصوت المثقل بالعتاب كثير الهموم اعاد الي ذكرى زيارتي مع نفر من اخوان لي لدار الرعاية الاجتماعية في ابها كان ذلك في يوم الاربعاء الموافق 28 صفر 1413ه وفي هذه الدار الانسانية التي ترعاها هذه الدولة السعودية المباركة: احطنا بمهامها وما تقدمه من خدمات لنزلائها من الآباء المعمرين الذين أقعدهم المرض او ادركتهم الشيخوخة او منوا بعقوق ابنائهم، ولأنهم لم يكونوا عند اولئك الأبناء شيئاً مذكورا هنالك في احدى صالات الدار وجدنا ثلة من اولئك المعمرين الذين جلسوا كعادتهم يتحادثون ويتذاكرون ويقضون جزءاً من يومهم في دفع ما قد يصيبهم من هموم الحياة وغربة الزمان وهم في مقام يشهد لحالهم بحسن المعاملة وطيب المنزل عليهم ثياب بيضاء والبشر يغمر محياهم لمقدم هذا الوفد ولرؤية الزائرين.
لقد آلمني بحق منظر ذلك الشيخ المعمر الذي قال بأنه من ساكني وادي ضلاع بتهامة والذي لم يجد سبيلا للتحية سوى صوت الناي الذي اعتاد اطلاقه عندما تهيج الهموم بفؤاده، لقد اطلق صوته بالفعل فامتلأ المكان بالحزن حيث ردد الصدى الهموم في فناء الدار نعم انه يعيد له ذكريات ايام شبابه في مهوى ذلك الوادي السحيق مع رفاقه واغنامه وعشيرته هنالك في شرخ الشباب، لقد اضناه المقام هنا، واتعبه الجلوس، فأخذ يصدح بهذه الآلة في الم مستديم يعيه ذوو البصائر ويدركه الصادقون ومضى بنا المسير وانا احدث نفسي عن حقيقة وقوع شيء من العقوق من بعض ابناء هذا المجتمع المسلم المثال الذي دعا لوجود بعض هؤلاء النزلاء، والله تعالى يقول: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما (2) وعندئذ استذكرت قول امية بن ابي الصلت هذا وتلك الزيارة.
*الحواشي:
(1) الحماسة لأبي تمام.
(2) آية 23 سورة الإسراء.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
ندوة الجزيرة
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved