Saturday 23rd October, 1999 G No. 9886جريدة الجزيرة السبت 14 ,رجب 1420 العدد 9886


الإنتاجية والموظف

لا شك ان تحسين وزيادة الانتاجية في القطاع الحكومي يؤدي الى تقديم خدمات متميزة لجمهور المستفيدين, وهذا بالتالي يقود الى الاستفادة من الطاقات البشرية والمادية المتاحة بطريقة فاعلة, وهناك عوامل كثيرة تؤثر في تحسين وزيادة الانتاجية منها على سبيل المثال: عدد ساعات العمل، وتخطيط وتطوير القوى العاملة، واستخدام التقنية الحديثة، والاشراف الفعال وغيرها, وقياس الانتاجية ليس بالعملية السهلة كما يتبادر الى الاذهان، لأن عدم وجود معايير واضحة ومحددة لقياس الانتاجية في القطاع الحكومي جعل الانتاجية تعتمد إلى حد كبير على تقدير الموظف نفسه، وقد يكون لطبيعة المهام التي يمارسها الموظف او العامل علاقة قوية بقياس الانتاجية، حيث إن هناك اعمالا يمكن قياس الانتاجية لها بشكل دقيق مثل اعمال الاتصالات الادارية والطباعة والنسخ وغيرها, كما ان هناك اعمالا لا يمكن قياس الانتاجية لها بشكل دقيق مثل اعمال السكرتارية والعلاقات العامة والاعمال المتعلقة بالفكر وغيرها، ومن اهم مؤشرات قياس الانتاجية للموظف تقرير تقويم أدائه الذي يعد من قبل رئيسه المباشر في نهاية كل سنة هجرية, ويعتبر مؤشراً لقياس الانتاجية وليس معيارا لها, واذا كان الموظف مطالبا بانتاجية مرتفعة فالادارة مطالبة ايضاً بتهيئة الظروف لذلك الموظف كي تكون انتاجيته مرتفعة.
ولاشك ان الالتزام بالدوام الرسمي ضروري وهام لتحقيق اهداف المنظمة الا ان هناك بعض الموظفين يعتقدون ان حضورهم الى العمل والانصراف منه في الوقت المحدد يعفيهم من اداء مسئولياتهم ويكفيهم لتقويم أدائهم دون النظر الى عوامل اخرى من اهمها الانتاجية.
وبمناسبة انشاء وزارة جديدة للخدمة المدنية تعنى بشؤون الخدمة المدنية فلعل المسؤولين في وزارة الخدمة المدنية يفكرون في انشاء مركز يهتم بالانتاجية وطرق قياسها في القطاع الحكومي خاصة وان الوزارة بصدد اعادة بناء هيكلها التنظيمي ويكون من مهامه:
1 - تأصيل مفهوم تحسين وزيادة الانتاجية لدى موظفي الخدمة المدنية.
2 - العناية بتحسين وزيادة الانتاجية كهدف رئيس للخدمة المدنية.
3 - تكثيف البرامج التدريبية في مجال تحسين وزيادة الانتاجية وطرق قياسها.
4 - تطبيق بعض طرق قياس الانتاجية في القطاع الحكومي.
5 - اجراء الدراسات حول طرق قياس الانتاجية في القطاع الحكومي.
ولا يختلف اثنان في ان انتاجية الموظفين تختلف من موظف الى آخر تبعا لأسباب متعددة, قد تكون شخصية او تنظيمية او اجتماعية, ويمكن تقسيم الموظفين الى عدة اقسام تبعا لانتاجيتهم على النحو التالي:
أولاً: الموظف المثالي:
وهو الذي يستخدم قدراته ومهاراته لصالح العمل واحساسه قوي تجاه مسئوليته, اما انتاجيته فمرتفعة حيث يتعامل مع عمله كأنه عمل خاص به لا يرتاح الا اذا انجزه ولا يشعر بقيمته الا اذا انتج, لا يلتفت لمستوى انتاجية الآخرين من حوله ولا ينتظر كلمة شكر من رئيسه او ترقية من منظمته, فهو كالمؤمن الصابر كلما تكالبت عليه المحن والمصائب زاد ايمانه بربه وحماسه لعمله وولاؤه لولاة الامر, ولا يتردد في ان يقول حسبي الله ونعم الوكيل.
ثانياً: الموظف المزاجي:
هو الذي يستخدم قدراته ومهاراته لصالح العمل احياناً واحساسه متذبذب تجاه مسئوليته, أما انتاجيته فترتفع حينا وتنخفض حينا آخر، فهو كالمصباح الذي في زجاجة يحتاج الى طاقة, يعطي بقدر ما يأخذ فاذا اعطي رضي واذا منع سخط, كما انه مؤمن بنظرية الحوافز ومفعولها القوي على انتاجية الموظف, فتجد انتاجيته تزيد عند استلامه راتبه وعند سماعه نبأ ترقيته كما تزيد ايضاً عند حصوله على انتداب او دورة تدريبية او تكليفه بالعمل بالفترة المسائية.
ثالثاً: الموظف المرائي: هو الذي يستخدم قدراته ومهاراته لصالحه واحساسه متلون تجاه مسئوليته, أما انتاجيته فهي تعتمد على الظروف المحيطة به, فهو يحاول تحسين وزيادة انتاجيته متى ما عرف انها سوف ترى من قبل رؤسائه, كما انه يتظاهر بالانهماك بالعمل عند رؤيته المديرين او المسؤولين في منظمته، فتراه لا يتردد عند سماع اصواتهم او قرع نعالهم ان يأخذ قلما ولو كان فارغا من الحبر للكتابة به او ملفا ولو كان خاليا من الاوراق لمطالعته او سماعة الهاتف وان كان لا يعمل للتحدث عن انجازاته.
رابعاً: الموظف المتكاسل: هو الذي لا يستخدم قدراته ومهاراته لصالح العمل واحساسه متوسط تجاه مسئوليته,
كما ان انتاجيته متوسطة ايضاً وكأن لسان حاله يقول إن الذي لا ينتهي هذا اليوم يمكن ان ينتهي غدا والذي لا ينتهي هذا الاسبوع يمكن ان ينتهي الاسبوع القادم وهكذا حتى انه لأي سبب من الاسباب قد يأتي يوما وكل ما انجزه انه شرب قدحا من القهوة او الشاي او اشغل احد زملائه عن العمل بكثرة الحديث او اخذ معه الجرائد المخصصة له عند انصرافه من المكتب.
خامسا: الموظف المتداعي:
هو الذي لا يملك قدرات او مهارات جيدة لاستخدامها لصالح العمل واحساسه بالمسؤولية ضعيف.
كما ان انتاجيته ضعيفة ايضا, تشعر عند مناقشته انك في واد وهو في واد آخر, فالعمل الذي ينجز في يوم ينجزه في اسبوع والعمل الذي ينجز في اسبوع ينجزه في شهر, اما العمل الذي ينجز في شهر فينجزه في حول, ولا حول ولا قوة الا بالله.
وأعتقد ان كل قسم من الاقسام يؤدي مهامه الوظيفية الموكلة اليه لكن بمستويات متفاوتة وبنسب مختلفة, كما ان لكل قسم منها صفات وخصائص اخرى لكن هذه الصفات وهذه الخصائص المذكورة تغلب عليها,
حيث إن الحصول على المراتب والمراكز الوظيفية تحددها عوامل كثيرة غير الانتاجية فإن جميع هؤلاء الموظفين لديهم الفرصة للحصول عليها.
وليس شرطا ان يحصل المثالي على شيء منها قبل غيره.
إن هذا (التقسيم الميمي) هو اجتهاد شخصي والمجتهد عرضة ان يصيب او يخطئ.
وبالتالي فهو قابل للزيادة والنقصان لكنه يمكن ان يكون مؤشرا لاقسام الموظفين من حيث الانتاجية, وفي نهاية المطاف اقترح اخي الموظف ان تنضم الى القسم الذي ينطبق عليك لكن تذكر ان المثالي له طاقة محدودة لا تستوعب جميع الموظفين.
والله الهادي الى سواء السبيل, والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد عليه افضل الصلاة وأتم التسليم.
منصور بن صالح اليوسف *
*عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة .

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
ملحق المدينة
منوعــات
ندوة الجزيرة
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved