لم يثنه المرض، ولا ضعف البصر، ولا توالي الاصابة بالجلطات من سعيه الحثيث في مواجهة الفساد السياسي في بلاده، فالرئيس الاندونيسي الجديد عبدالرحمن وحيد يحفظ له الاندونيسيون بأنه اول الزعماء السياسيين والدينيين الذين عارضوا عمليات الفساد والنهب الذي كان يمارسه المحيطون بالرئيس السابق سوهارتو.
وكان لتصعيد معارضته للرئيس السابق قد جعل الاندونيسيين ساسة ومواطنين يتشجعون ويظهرون للعلن معارضتهم التي تبعتها المظاهرة التي اطاحت بالنظام السابق.
والحاج وحيد,, او وحيد الطيب وهو اللقب الذي يطلقه الاندونيسيون على رئيسهم الجديد سياسي مخضرم يتمتع بشخصية جذابة وشعبية جارفة فمجرد ان يظهر في مكان عام يجتذب حشودا هائلة، وبالاضافة الى ما يحظى به من حب من المسلمين فانه ايضا محبوب من غير المسلمين الذين وان لم تتجاوز نسبتهم 15% الا ان اعتداله وتفهمه لضرورة التعامل الطيب مع المسيحيين رغم التجاوزات التي تظهر من المنظمات المسيحية المدفوعة من الخارج.
وتتوافق مواقف الرئيس الجديد الانسانية والدينية، مع مواقفه السياسية فقد عرف عن انتهاجه الوسطية في كل الازمات السياسية التي تعرضت لها اندونيسيا وكان يحتفظ بعلاقات ويحظى باحترام شديد من قبل كافة التيارات السياسية بدءا برئيس الدولة وصولا لقادة المعارضة، ولهذا فقد كان كل من يسعى لرئاسة اندونيسيا يطلب تأييده، ولهذا فقد اطلق عليه صانع الرؤساء .
صانع الرؤساء هذا تخلى عن هذه المهمة، واصبح الرئيس لان المرحلة الحالية التي تمر بها اندونيسيا فرضت عليه ان يتغلب على حالته الصحية ويتقدم ليقود اندونيسيا لتجنيبها المخاطر التي كانت تحيط بها فقد كانت المؤشرات تشير قبل اعلانه ترشيح نفسه بأن هناك ثلاثة تيارات تتصارع لكسب كرسي الرئاسة: السيدة ميجاواتي سوكارنو والرئيس السابق حبيبي الذي يمثل النظام السابق، والجنرال يورانتو ممثل الجيش، وكل هذه الاطراف لا تكن لبعضها البعض الود، وانه في حالة وصول احد ممثليها الى الرئاسة تغرق البلاد في بحر من الدماء والفوضى، وقد يؤدي ذلك الى تفتيت اندونيسيا كما كانت تسعى الى ذلك جهات اجنبية لاتريد لاندونيسيا ولا للمسلمين اية قوة, وبما ان الحاج عبدالرحمن وحيد حفيد هاشمي اشعري ابن الشيخ وحيد هاشمي ، الرجل الاكثر قدرة على جمع الاندونيسيين والاكثر نظافة من بين الساسة فقد كان مجرد ترشيحه إعلانا لخلاص اندونيسيا من ازماتها التي انشغلت بها اخيرا.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com