Tuesday 26th October, 1999 G No. 9889جريدة الجزيرة الثلاثاء 17 ,رجب 1420 العدد 9889


نافذة
الأدب والمجتمع

ان كل حدث ادبي يفترض وجود مؤلفين وكتب وقراء، او بقول اعم يقتضي وجود مبدعين وآثار وجمهور, وهو يكوّن ميدان تبادل يربط بوسيلة معقدة جداً من الفن والتكنولوجيا والتجارة ، افراداً محددين (او على الاقل معروفي الاسماء) الى جماعة مغفلة الى حد ما (وان كانت محدودة).
وفي مناحي هذا الميدان جميعاً يطرح وجود افراد مبدعين مشاكل في التأويل النفساني والاخلاقي والفلسفي كما تطرح الآثار نفسها مشاكل جمالية واسلوبية ولغوية وتقنية, اما وجود الجماعة- الجمهور فيطرح مشاكل ذات طابع تاريخي وسياسي واجتماعي، بل اقتصادي ايضاً, وبقول آخر هناك على الاقل ثلاثة آلاف طريقة لارتياد الحدث الادبي ودراسته.
ان انتماء الادب المثلث الوجوه الى عالم الاذهان الفردية والاشكال المجردة والبنيات الجماعية يجعل دراسته عسيرة.
ويصعب علينا ان نتصور هذه الظواهر في ابعاد ثلاثة وبخاصة عنما يكون علينا ان نرجع الى تاريخها, والواقع ان التاريخ الادبي نفسه اعتمد لعدة قرون وما يزال يعتمد غالباً على دراسة الانسان والآثار فقط - السيرة الذهنية وتفسير المتون- معتبراً البيئة الجماعية نوعاً من الزخرف او الزينة متروكاً لفضول مؤرخي السياسة.
اننا لنلمس عدم وجود رؤية اجتماعية حقيقية حتى في افضل موجزات كتب التاريخ الادبي من النوع التقليدي.
ويحدث ان يعي الكتاب بعداً اجتماعياً ويحاولوا ان يعطوه شكلاً ولكن باتباعهم اسلوباً دقيقاً ومتوافقاً مع هذه الغاية يظلون غالباً اسرى النظرة التقليدية للانسان والآثار, فتصبح اعماق التاريخ مطموسة كأنها عكست على شاشة ذات بعدين ويعتري الحدث الادبي تشويه كالذي يحصل لصورة العالم المعكوسة في خريطة مسطحة, وكما نجد على الكرة الارضية التي يرسمها الطلاب بشكل خاطىء الاسكا واسعة الارجاء الى جانب مكسيك في غاية الصغر، كذلك فان اثنتي عشرة او خمس عشرة سنة من تاريخ قصر فرساي تطمس ستين سنة من الحياة الادبية الفرنسية في القرن السابع عشر.
اننا لن نزيل تماماً هذه الصعوبات, لئن كان من المستحيل تقديم عرض كامل فالمهم هو ان يكون كتاب السير او الشراح والمؤرخون او النقاد رؤية متكاملة وغير مشوهة عن الحدث الادبي الحاضر او الماضي, ولايغيب عن بال الناس ان الكتابة هي اليوم مهنة - او على الاقل هي عمل رابع- تمارس في اطار النظم الاقتصادية التي لايستهان بتأثيرها على الناس, وان الكتاب هو انتاج مصنوع ليوزع تجارياً وبالتالي يخضع لقانون العرض والطلب, وعلى العموم، ولايخفى ان الادب هو - بالاضافة الى اشياء اخرى بديهية- الفرع المنتج في صناعة الكتاب كما ان القراءة هي الفرع المستهلك .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
محاضرة
منوعــات
لقاء
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved