Tuesday 26th October, 1999 G No. 9889جريدة الجزيرة الثلاثاء 17 ,رجب 1420 العدد 9889


هل يجب أن تتحمل الحياة الخاصة ثمن تحقيق النجاح في العمل؟!!
كلما تقدم الناس في السن كلما ازداد اهتمامهم بحياتهم الخاصة!!

ليس هناك ضرورة لتضارب الحياة العملية والخاصة فحسبما يقول كتاب صادر في هذا الشأن فإنه يجب ان يكون المديرون ناجحين في ثلاث مهام,, كمديرين ,, وأزواج,, وآباء,,!!
يبدو من النتائج والنقاط التي اوضحها كتاب (هل يتعين ان يكلف النجاح كثيرا) ونشرته شركة جرانت ماكنتاير، فإن الثمن الذي يدفعه الاشخاص على حساب حياتهم الخاصة من اجل تحقيق النجاح لا يجب ان يكون باهظا.
وفي هذا الكتاب يقول بول ايفنز مساعد بروفسور والبروفسور فيرناندو بارتولوم مؤلفا الكتاب بأنه بإمكان الشركات مساعدة العاملين فيها على العيش في سعادة وراحة, كما يمكنها ايضا الاستفادة عن طريق تشجيع المديرين على عدم تفريغ انفسهم كلية لتحقيق النجاح والوصول إلى أعلى المستويات في حياتهم المهنية.
وبناءً على توضيحهما فإن اية شركة متوسطة الحجم لا تحتاج الى الاعداد الكبيرة من الافراد الذين يكرسون جهودهم ويركزون عقولهم على ناحية واحدة فقط وهي تحقيق الاهداف وبدلا من ذلك يتعين عليها استخدام نفر من الرجال المناسبين والذين يؤدون مهامهم بنفس راضية مع اتصافهم بالرغبة في التقدم في حياتهم المهنية والوصول إلى أعلى المناصب, ومن هذا نصل الى نقطة هامة ورئيسية الا وهي ان الحاجة الضرورية هنا تنادي باستخدام الاشخاص المتزنين الاقل طموحا ولكن يعرفون بانجاز مهامهم وفقا لما يمليه الضمير، اناس يهتمون بأداء اعمالهم على مستوى جيد وبنفس راضية وبالتالي يتلقون التشجيع المناسب لذلك بدلا من القيام بتسلق سلم المناصب في شركاتهم.
ولقد كان هذا الكتاب خلاصة الدراسات التي قام بها المؤلفان وشملت 532 من مديري الطبقة المتوسطة والذين حضروا برامج لتطوير المديرين عقدت في معهد الاعمال الاوروبي الواقع في منطقة فونتانبليو بفرنسا, وفي نهاية فترة البرامج قام المديرون المشتركون فيها بالرد على قائمة من الاسئلة الخاصة بالمتطلبات المتناقضة للحياة العملية والخاصة.
وقام المؤلفان ايضا باجراء مقابلات خاصة مع 22 مديرا من بريطانيا ونفس العدد من فرنسا وحضرتها زوجاتهم استغرقت كل مقابلة ساعة ونصف الساعة وبعضها زادت مدتها الى ساعتين ونصف الساعة, وكما يشير المؤلفان فإنه يمكن للحياة المهنية والخاصة تقوية ودعم بعضها البعض في حالات معينة ولكن بالنظر الى الحياة اليومية سنجد ان التأثير يأتي من اتجاه واحد، فإن مهنة المدير حقيقة واقعية وواضحة امام زوجته واولاده ليس ببساطة لعدد الساعات التي يقضيها في عمله ولكن ايضا لتصرفاته واحواله الشخصية العامة اثناء وجوده في المنزل.
ويقول بارتولوم ان العلاقة بين الحياة العملية والخاصة تعد أكثر تعقيدا مما تبدو ولهذا فإن الابحاث والدراسات ساعدتنا على اكتشاف النواحي الهامة وبالتالي التركيز عليها بكل عناية .
ويبدو ان العوامل التي تؤثر تأثيرا سيئا على الحياة العائلية تأتي من جراء الشعور بالملل وعدم الاستقرار في مقر العمل, فإن المدير التعيس في مقر عمله لا يملك سوى القليل من الفرص التي ستساعده على ايجاد السعادة في اي مكان آخر هذا بغض النظر عن الوقت الذي يقضيه في منزله أو عدد مرات قيامه باجازات.
ومما يدل على ذلك هو تأكيد ما يقرب من 60% من المديرين الفرنسيين والبريطانيين الذين اجرى معهم ايفينز وبارتولوم المقابلات بأن الخوف والملل وعدم الاستقرار في الحياة المهنية هي عوامل تلعب الدور الرئيسي في العلاقة بين حياتهم العملية والخاصة, وقد وافقتهم في ذلك 31% من زوجاتهم.
ويشير ايفينز بأنه عندما يتسبب العمل في شعور المدير بالخوف وتعرضه للضغوط الزائدة، فإن هناك خطرا في تحول المنزل الى مأوى ينطوي فيه لقضاء وقته اما نائما او القيام بنشاطات تافهة او الجلوس بكسل,, وبالرغم من ان ذلك قد يكون علاجا مناسبا للمدير، الا انه لن يكون مناسبا لزوجته واولاده, واذا نظرنا الى المدى البعيد سنجد ان ذلك سيؤثر ايضا على المدير نفسه حيث انه اذا لم يقم بتعديل الامور المتعلقة بحياته العملية فإنه لا ولن يتمكن من قضاء فترة خدمته في الشركة برضاء وراحة وبالتالي قد ينتهي به الامر الى التقاعد المبكر عن الخدمة.
وبناءً على النقاط التي يدور حولها موضوع الكتاب فإن هناك بطبيعة الحال اهتمام المديرين بمختلف الامور ومدى انشغال بالهم يختلف باختلاف اعمارهم وانتمائهم الى مجموعات مختلفة من الاعمار.
وعلى سبيل المثال، فإن المدير الشاب البالغ من العمر 34 عاماً يشغل باله بمهنته بصورة رئيسية, وحتى إذا كان يدرك بأن اهتمامه هذا بمهنته يسبب تأثيراً عكسيا على حياته العائلية فإنه ربما لا يعطي هذا الامر حقه من العناية والتعديل وفي نفس الوقت وعلى الرغم من ان زوجته قد تشعر بأنه يعاملها باهمال، إلا أنها قد تميل الى قبول الامر الواقع بأن زوجها يضطر الى الاهتمام بعمله اولا في هذه المرحلة من حياته العملية.
ولكن عندما يبلغ سنا بين 34 الى 42 فانه يبدأ في الشعور بحساسية بالغة تجاه حياته الزوجية والخاصة عامة, وعلى الرغم من استمراره في استخدام حوالي 80% من طاقته في عمله، فإنه في هذه المرحلة من العمر يبدأ ولأول مرة في الاهتمام بجد واخلاص بالتأثير الذي تسببه طريقة حياته هذه على زوجته واولاده وحياته الخاصة عامة.
اما عندما يبلغ سن ما بعد 42 فإن انشغال باله واهتمامه بالأمور يتغير,, فيبدأ في اظهار عدم المبالاة بالنسبة للعلاقة والارتباط بين حياته المهنية والخاصة او كيفية استغلال طاقته على عكس ما كان عليه سابقا، حسبما يعلق مؤلفا الكتاب.
ويعلق ايفينز على ذلك بقوله ان المديرين وغيرهم من المهنيين يميلون الى عدم تولية العناية الكافية لحياتهم الخاصة في المراحل الاولى من حياتهم المهنية معتقدين بأنه سيكون في امكانهم تعديل الامور فيما بعد,, ولكن هذا الامر يعد من الآمال الفاشلة,, ويعود ايفينز بذاكرته ليعلق على ردود فعل المديرين التي اتصفت بأنها تشبه آثار صدمة عنيفة عندما اشار اثناء الندوات التي عقدت لهم في المعهد الاوروبي لادارة الاعمال بفرنسا الى انه إذا فاتتهم المراحل الهامة في تطور ابنائهم صغار السن فإنه لا ولن يمكنهم ابدا العودة للوراء لاصلاح ما فاتهم مثل تعليم الاطفال القراءة والكتابة او السياحة وغير ذلك,, فلقد ظهر من ردود فعلهم بأن الكثير منهم لم يقوموا حتى بالتفكير في هذه النقطة على الاطلاق.
وعندما يبلغ الفرد منتصف الثلاثينات من العمر فإنه يشعر بأن حياته المهنية قد بدأت فعلا سواء اكانت من اجل الافضل او الأسوأ ولذا يبدأ في الادراك بأنه أهمل نواحي اخرى ومسؤوليات هامة في الماضي تجاه زوجته وابنائه.
وفي النهاية فإن هناك المدير الذي لا يرى في نفسه مناسبا للوظيفة التي يشغلها ولذا فإنه لا يجد ان هناك احتمالات للخروج من مأزقه وتخطي العوائق التي تقف حائلة دون تقدمه ورفعته مما يجعله يعوض عن النقص في حياته المهنية عن طريق الاهتمام البالغ بالقيم التي تتعلق بحياته الخاصة والنظر الى مهنته وكأنها مجرد عمل يؤديه.
وبانتقال المدير الى المرحلة الاخيرة من الاربعينات واوائل الخمسينات من العمر فإنه يقبل على مرحلتين من المراحل البديلة, احداها هي طريق التجديد، أي جمع الحياة المهنية والخاصة سوية واعتبارهما امرا واحدا,, والمرحلة الثانية هي اهتمامه برعاية او تكريس جهوده لكافة امور احدى المرحلتين.
ولقد وجد المؤلفان بأن المدير الذي يتوقع له ان يغير من موقفه تجاه مهنته هو ذلك الشخص الذي يولي العناية الكافية لناحية واحدة من حياته التي يحقق النجاح فيها مع اهماله لناحية اخرى, وحتى يتمكن من ادخال التغيير فإنه يحتاج الى التشجيع والمساعدة من قبل اسرته.
اما من قبل الازمات والانحلال الكامل فلم يتمكن ايفينز وبارتولوم من اكتشاف اية دلائل تدل عل حدوث ذلك في منتصف حياة المديرين, ولكن اكثر الاشخاص تعرضا للكآبة والشعور بالملل هم اولئك الذين لا يجدون متعة ولا سعادة في الاتجاه الذي يركزون عليه ويعتبر شغلهم الشاغل, ولذلك نجد ان الشباب الذين يشعرون بالكآبة هم الذين يشعرون بأن حياتهم المهنية والاعمال التي يقومون بها بالذات بعيدة كل البعد عن المتعة, أما إذا نظرنا الى الشباب من فئة أواخر الثلاثينات واوائل الاربعينات من العمر سنجد انهم إذا شعروا بالكآبة فإن ذلك يعود الى عدم السعادة والراحة في حياتهم العائلية.
ولم يقم المؤلفان باجراء التوضيح الكامل لما يتعين على الشركات عمله لتغيير نظمها المتبعة وطرق اداء اعمالها بهدف الاستفادة من الاشياء التي تشغل بال المديرين وتطغى على اذهانهم وايضا طرق حياتهم الخاصة خلال المراحل المختلفة لحياتهم المهنية.
إلا انهم يعتبرون ان عمليات توزيع الجوائز التشجيعية على مديريها تعد السبب الأساسي الذي يدفعهم الى تقبل وظائف لا تتناسب وقدراتهم واستعدادهم مما يؤدي في النهاية الى شعورهم بالكآبة وعدم الرضاء.
وكل ما تحتاج اليه هذه الحالة من الشركات حسبما يقترح المؤلفان هو قيامها بتطبيق نظم أكثر مرونة بخصوص الترقيات التي من شأنها الأخذ بعين الاعتبار المهارات الفنية والقدرة على الخلق والابداع بالاضافة الى القدرة الادارية مما سيساعد المديرين على تسلق سلم الترقيات في شركاتهم بطرق طبيعية تتناسب ومستوياتهم.
ان هناك حاجة شديدة لقيام الشركات بتوفير فرص تغيير الوظائف وخلق مجالات جديدة للتحدي للأشخاص الذين لم يتمكنوا من اثبات النجاح والمقدرة في وظائفهم الحالية, ومن الحالات الواضحة للفشل اولئك الموظفون الذين لم يتمكنوا من تحديد وتعريف الهوية تحديد وتعريف الهوية الخاصة بوظائفهم المهنية,
ولكن اذا توفرت لهم علامات التشجيع من قبل شركاتهم لتجربة وظائف مختلف حتى يتمكنوا من ايجاد تلك التي تناسبهم، فإنهم قد يتحولون الى نجاح في ليلة وضحاها.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
محاضرة
منوعــات
لقاء
القوى العاملة
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved