Wednesday 27th October, 1999 G No. 9890جريدة الجزيرة الاربعاء 18 ,رجب 1420 العدد 9890


المخزون الاستراتيجي للبترول في الغرب ودوره في الأسعار
د, عبدالعزيز بن نايف العريعر*

قد ذكرت في مقال سابق بهذه الجريدة الغراء الجزيرة 25/6/1419ه اهمية التحرك على 3 جبهات للمحافظة على استقرار اسعار البترول لا اود اعادة طرحها هنا بالتفصيل ولكن ألخص ذلك بالتالي:
1- اهمية الاسواق المالية المستقبلية الخاصة بالتعاقدات على خيارات شراء وبيع البترول Options التي اصبحت تشكل سوقا ضخمة تدخلها المؤسسات المالية الكبرى للمضاربة على اسعار البترول والاستفادة من التذبذب فيها كما تدخلها مؤسسات استثمارية ضخمة لتنويع استثماراتها والتحوط والتأمين على استثمار معين باستخدام المشتقات المالية.
2- اهمية مراقبة المخزون الاستراتيجي للبترول في الدول الغربية وخاصة في الولايات المتحدة وتحديد البيع له حيث يلاحظ ان المخزون في تلك الدول لا يستعمل لتحقيق امن الامدادات كما هو معلن بل للتأثير السلبي على السعر فهو يستهلك عند تدني الاسعار للضغط عليها والتأثير على وحدة دول الاوبك ولا يستعمل عندما ترتفع الاسعار حتى لا يخفف من حدة الارتفاع, ويجعل الهبوط حادا ويحطم الامال لمن راهن على الارتفاع, ولم يحدث بيع من المخزون الا خلال حرب تحرير الكويت وبعد ضغوط من دول الخليج وبكمية ضئيلة.
3- اهمية العامل النفسي والتأكيد على وحدة دول الاوبك ودعم ادارة الدراسات في المنظمة لتقديم المعلومة الصحيحة والاعداد الجيد للاجتماعات والتأثير على وسائل الاعلام عن طريق المعلومة الصحيحة التي تأتي في وقتها وتعطي الصورة الامثل للاسواق وتساعد متخذي القرار في دول الاوبك وطمأنة الاسواق والمراقبين بالمعلومات والمستجدات اولا باول حتى لا تكثر الشائعات على الاسعار.
ولقد سعدت عندما تحدث معالي وزير البترول والثروة المعدنية عن هذه النقاط المحددة وخصوصا السوق المالية والمخزون الاستراتيجي في المؤتمر السنوي الخامس لاسواق رأس المال العربية الذي عقد في بيروت 26/1/1420ه ولا شك ان معاليه خير من يقدر اهمية هذه التطورات واهمية الاستفادة منها وكذلك مجابهة التحديات التي تفرضها الاندماجات الحاصلة بين شركات البترول الكبرى وما تمثله من تحديات لشركة ارامكو السعودية وكذلك التطورات التقنية في صناعة التنقيب عن البترول وتسويقه وهو الرجل المناسب في الزمن المناسب.
الا ان التحدي الاكبر لمسألة الاسعار وحصص الانتاج والمحافظة على دخل مستقر ينمو بثبات لمجابهة اثار التضخم واحتياجات التنقيب والتطوير هو هدف اكبر من قدرة جهة واحدة مثل وزارة البترول ويجب ان يكون ضمن استراتيجية مترابطة تحدد مدة زمنية معينة لخفض الاعتماد على مورد واحد بنسب مئوية محددة والسعي لخفض الدين العام والقضاء على عجز الميزانية المسبب له وبناء احتياطي مالي يجعل المملكة قادرة على تحمل تبعات اية سياسة للمحافظة على سعر محدد والمملكة يختلف وضعها عن وضع كثير من دول الاوبك حيث لديها احتياطي كبير تسعى لتعظيم المردود منه على المدى الطويل وليس احتياطيا محدودا يجب ان نحصل على اعلى سعر له في اقصر مدة ممكنة؛ لذا فان سعيها الى جعل البترول يلعب دورا مستمرا في الحياة الاقتصادية للدول المستهلكة يحتم عليها ان تسعى الى ان يصبح البترول منافسا استراتيجيا للبدائل الاخرى التي قد تصبح اكثر جاذبية للمستهلك العربي لو ارتفع السعر عن حد معين لذا فان من مصلحة المملكة على المدى البعيد وجود سعر تنافسي للبترول يحقق هدفين هما ثبات الدخل والمصلحة التجارية.
اما تهديد بعض الدول الغربية لاستخدام المخزون الاستراتيجي لديها لمحاربة الاسعار فهو ليس بجديد ولكنه ايضا تهديد فارغ لان وجود هذا المخزون وعدم استعماله هو سيف مسلط على رؤوس الدول المنتجة للبترول وعدم وجوده هو عامل ايجابي ودفع للاسعار الى اعلى وازالة لهذا الحاجز النفسي الذي يؤثر على السوق, وكما ذكرت في المقال السابق فان العوامل النفسية لها دور في الكميات المطلوبة من البترول وبالتالي اسعاره لان علم الاقتصاد تأخذ نظرياته البعد النفسي بالاعتبار ولذا يسمى احيانا بالاقتصاد السياسي.
كذلك فان استعمال كامل المخزون الاستراتيجي ليس بالسهولة المتصورة فهناك عوائق قانونية ومحاسبية وسياسية لدى تلك الدول عن كيفية بيع وتسعير الكميات واستعمال اموال دافعي الضرائب بهذا الشكل وهو ما جعل الكثير في الغرب يقلل من شأن التهديد به او تنفيذ التهديد به لانه في احسن الاحوال لن يؤثر كثيرا في السعر وسوف يكون اثره عكسيا على المدى الطويل.
ان الهدف الاساسي من التهديد كما يبدو لي وانا لا املك معلومات رسمية او خلفيات محددة عنه سوى التخمين اعتقد ان الهدف الاساسي هو التأثير على قرارات الاوبك ولدافع له هو الخوف من تكوين احتياطيات مالية لديها تعيدها الى الحالة الاقتصادية التي كانت سائدة في بداية السبعينيات عندما كانت الارصدة المالية لتلك الدول هي اكبر من احتياجاتها لمدة طويلة من الزمن تمكنها من خفض الانتاج او حتى وقفه تماما كما هددت بعض الدول انذاك بدون تأثيرات مصيرية على اقتصادياتها.
لذلك فإن المجلس الاقتصادي الاعلى مدعو لان يضع خطة استراتيجية للدخل والانفاق تهدف الى القضاء على عجز الميزانية وعدم استعمال الزيادة الحالية في الدخل لزيادة الانفاق مثلا والسعي لخفض وتسديد كتلة الدين العام وبناء احتياطي مالي يستثمر لمصلحة الاجيال القادمة ويشكل وجوده دعما للاقتصاد السعودي وقوة تفاوضية كبيرة للمملكة في الاقتصاد العالمي ويعزز قدرة المملكة على اتخاذ القرارات المصيرية التي سوف تواجهها عند دخولها للقرن القادم وعضويتها في منظمة التجارة الدولية وبداية عصر العولمة الذي لا يعرف الا لغة المساومات والاخذ والعطاء، كذلك فإن المجلس الاقتصادي الاعلى مدعو بالتحديد لان يدرس البدائل المطروحة والتي اخذت ببعضها كثير من الدول المنتجة للبترول مثل النرويج وفنزويلا وتدرسها عدد من الدول مثل الكويت وذلك لتكوين صندوق للدخول في السوق الآجلة للتأمين على انتاج المملكة عندما ترتفع الاسعار بهدف تأمين دخل ثابت واستعمال الفائض من ذلك الصندوق لدعم الاحتياطي المالي ولعل الوضع الحالي الذي وصل فيه سعر برنت الى 24 دولارا وضع مناسب لتأمين بيع كميات في السوق الآجلة للحصول على تأمين edge ضد تقلبات اسعار البترول والدخل منه لمدة خمس سنوات قادمة على الاقل حتى تستطيع المملكة التحكم في عجز الميزانية وتسديد الدين العام الذي تشكل دفعات خدمته مبالغ متزايدة من اعتمادات الميزانية وتحد من القدرة على التحكم في العجز المستمر وبالتالي تزيد من حجم الدين العام بنسب متراكمة.
والله الموفق,.
* عضو مجلس الشورى

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
مطار الملك فهد الدولي
منوعــات
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved