Sunday 31th October, 1999 G No. 9894جريدة الجزيرة الأحد 22 ,رجب 1420 العدد 9894


دوافع وخفايا التطبيع الموريتاني المتسارع مع إسرائيل

* نواكشوط - احمد سالم - د,ب,أ
يرى المراقبون في العاصمة الموريتانية ان تسارع وتيرة التطبيع بين موريتانيا واسرائيل الذي توج أول امس الخميس في واشنطن بابرام اتفاق يقضي برفع التمثيل الدبلوماسي الى مستوى السفراء قد يكون له علاقة بتطورات سياسية واقتصادية عدة على رأسها المنافسة المتصاعدة بين امريكا وفرنسا في منطقة الشمال الافريقي.
ويعتقد الكثيرون ان حكومة الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي احمد الطايع قد حصلت على وعود بتسهيلات وامتيازات اقتصادية ومالية كبيرة من واشنطن وتل ابيب كما قد تكون هناك تنازلات بالنسبة لاغلاق ملفات حساسة مثل ملف انتهاكات حقوق الانسان في البلاد وتبعات الموقف الذي تبنته حكومة ولد الطايع عام واحد وتسعين من حرب الخليج الثانية الذي اعتبرته واشنطن وحلفاؤها متحيزا للعراق والذي ما زال يحول دون استئناف القروض والمساعدات الامريكية.
ولكن النقطة التي تثير الانتباه اكثر من غيرها قد تكون العملية الجارية لاستبدال المظلة والنفوذ الفرنسي بامريكا ومواجهة باريس بقوة اعظم منها خصوصا اثر اندلاع ازمة كادت تؤدي الى قطيعة بين باريس ونواكشوط بسبب اعتقال ضابط موريتاني في فرنسا بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان ضد الزنوج منذ سنوات في موريتانيا.
ويعتقد المحللون ان الحكومة الموريتانية لم تقدم على خطوة بهذه الخطورة الا لقاء وعود وضمانات من الجانب الامريكي واسرائيل في المساعدة على خفض مديونية البلاد التي تناهز نحو ثلاثة مليارات دولار حسب زعيم المعارضة احمد ولد داداه ومليارين ونصف مليار دولار حسب وزير الاقتصاد الموريتاني محمد ولد الناني والحصول على المزيد من التمويلات لانجاز مشاريع ضخمة في ميادين مكافحة الفقر والبطالة وتوفير الماء الصالح للشرب والطرق والنهوض بالريف وممارسة ضغوط على البنك الدولي وصندوق النقد في مفاوضات المرحلة المقبلة.
ورغم رفض احزاب المعارضة لهذه الخطوة التي ادانها كل من اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد بزعامة احمد ولد داداه وحزب العمل من اجل التغيير على لسان رئيسه مسعود ولد بو الخير وحزب التحالف الشعبي التقدمي تيار ناصري وحزب الطليعة الوطنية تيار بعثي موالي للعراق وحزب الجبهة الشعبية معارض واللجنة الموريتانية لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني منبثقة عن منتدى الحوار الثوري فلم يصدر عن الحكومة الموريتانية اي رد فعل حول هذه الانتقادات واكتفت وسائل الاعلام الرسمية باذاعة خبر مقتضب حول حفل توقيع الاتفاق في واشنطن برعاية مادلين اولبرايت.
وجددت احزاب المعارضة في معرض ادانتها للخطوة الجديدة المطالبة بفتح تحقيق مستقل في قضية دفن النفايات النووية الاسرائيلية المزعومة في موريتانيا.
وفي الاتجاه المعاكس بارك الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي الحاكم على لسان امينه العام السيد محمد يحظيه ولد المختار الحسن هذا الاجراء الذي اعتبر انه يتماشى مع توجه الحكومة الداعم لمسيرة السلام في الشرق الاوسط.
وقال ثاني شخصية في الحزب بعد رئيس الجمهورية ان موريتانيا بلد مستقل لا يخضع للضغوط ويتخذ قراراته بمحض ارادته دون املاء من اي جهة كانت.
وأكد ان الخطوة تلقى تأييدا شعبيا كبيرا وهو ما وصفه السيد احمد ولد الافظل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حزب اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد في تصريح له لوكالة الانباء الالمانية د,ب,أ بأنه استخفاف بمشاعر الموريتانيين الذين يعارضون التطبيع مع اسرائيل عن بكرة ابيهم.
وترى بعض المصادر في الحزب الحاكم ان موريتانيا لا يمكن ان تكون اكثر حرصا على مصالح الآخرين اكثر من مصالحها الوطنية فالفلسطينيون والاردنيون والمصريون تفاوضوا مع اسرائيل ووقعوا معاهدات دون ان يأخذوا برأي احد او يستشيروا الجامعة العربية ولم تقم القائمة فلماذا تلام موريتانيا التي تبحث عن مصالحها في عالم يتسم بالقطبية الواحدة.
واضافت المصادر انه يحق لموريتانيا ان تتبنى الموقف الذي تراه مناسبا لها فالعرب يلهثون كلهم وراء واشنطن وبدرجة اقل وراء اسرائيل سرا وعلانية.
وذكرت المصادر بما وصفته بالمواقف المشرفة التي ظلت موريتانيا دوما تتبناها لصالح القضية الفلسطينية ووفائها بواجباتها القومية تجاه هذه القضية ومطالبتها التي لا تتزعزع بان لا سلام في الشرق الاوسط دون قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف والانسحاب الكامل وغير المشروط من جنوب لبنان والجولان.
ورغم كل ذلك يظهر الشارع الموريتاني عموما مستاء من هذا التطور الجديد واكتفى احد اساتذة القانون الدولي بجامعة نواكشوط بالقول ان هذا التوجه الذي تبنته الحكومة بفرض نفسه في عالم يخضع لارادة دولة واحدة شغلها الشاغل هو ضمان امن ووجود اسرائيل والبحث لها عن اصدقاء حقيقيين لا اعداء سيما من العالم العربي والاسلامي.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
لقاء
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved