كلما دلفت بقالة أو متجراً او ورشة إصلاح او محل خياطة او تصوير تراودني شكوك ان يكون المحل يمتلكه مواطن فكل شيء يوحي بتملك المستقدم لما تحت يديه، يؤكد هذا ما أراه عند محاسبته للزبون ووضعه النقود,, فهو تارة يخرج من محفظته المائة والمئتين ليرد للمشتري ماتبقى من مبلغ دفعه كورقة نقد تزيد على مشترياته, ومثال آخر محل كبير لبيع الأغذية البائع نفسه يأخذ منك المبلغ مرة يحرر كشفا بالبضاعة ومرات لايكتب شيئا وقس على هذا الكثير من المحلات التجارية وورش السيارات التي تفتح بأسماء سعوديين وهم لايزاولون النشاط فعليا، بل قابعون في منازلهم يستلمون في نهاية كل شهر مبلغا من المال لقاء ضمائرهم المباعة بثمن بخس, وهكذا اغلب النشاطات في أسواق الكماليات والخضار واللحوم.
ربما تسألني عن كل هذا التهجم؟ اقول طالما علامات التستر واضحة كما اشرنا، فالقليل لا حكم له، إذ الغالبية لايوجد عندهم دفاتر تثبت الداخل والمنصرف وليس هناك آلات حاسبة - كما هو موجود في محلات البيع المنضبطة - تثبت السلعة المباعة والثمن المدفوع, ولأن الموضوع ذو شجون لا مانع من ان نبسط القول اكثر: فمحلات بيع الأغذية بالجملة يتولوها غير سعوديين يقبضون قيمة المبيعات بطريقة عادية مرات بفاتورة ومرات بدون فكيف يستطيع المالك إذا افترضنا انه سعودي ان يعرف المباع والقيمة المحصلة وهو لايتواجد في المكان وليس في المحل من الطرق الحسابية مايثبت المنصرف والقيمة المدفوعة, ودليل آخر ان البائع الاجنبي يفرض الثمن الذي يريده للسلعة وتدخل معه في عملية مساومة الى ان يخفض الثمن لأكثر من الربع والنصف فهل يعقل ان تكون لديه هذه الجرأة والصلاحية لو لم يكن هو صاحب المحل,, الدلائل التي تشير الى التستر كثيرة ولاتكلف المستقصي جهداً ولاتفكيراً مجرد نظرة على الطريقة التي تتم بها العملية يتضح كل شيء,, فأين الرقابة على هذه المحلات وكيف يمكننا ايقاف مثل هذه الممارسات الخاطئة التي تتم بين مواطن باع ضميره واجنبي قدم كعامل ووجد مدخلا غير نظامي لممارسة البيع والشراء لحسابه,, الموضوع جد خطير وكبير ولايمكن ان توضع له الحلول عبر مقالة في جريدة فلابد من دراسة مستفيضة تفنّد الطرق التي يسلكها المتسترون ومن ثم وضع الحلول لمعالجتها,, لكن طالما دخلنا في عرض بعض الاساليب التي توحي بثبوت التستر والاحتيال على الأنظمة فلا مانع ان نورد جملة من الحلول التي تثار بين وقت وآخر كعلاج لهذه الظاهرة، من ذلك:
1 - تسهيل إقراض المواطنين الراغبين في فتح ورش من خريجي المعاهد الصناعية والكليات التقنية ومراكز التدريب حسب تخصصاتهم، على ان يسبق ذلك إلحاقهم في دورات بالتعاون مع الشركات والمؤسسات الاهلية, فعندنا عدد من وكلاء بيع السيارات فما المانع من الحاق الشباب لديهم لمدة سنة يزاولون خلالها العمل مع مهندسي الوكالة ويطلعون على الجديد بحيث اذا اعطي الاذن بفتح ورشة للسيارات يكون ملماً بمهنته اكثر وكذا المعدات المستخدمة وقس على ذلك التخصصات الفنية الأخرى.
2 - بالنسبة لبيع المواد الغذائية والبقالات وبيع قطع غيار السيارات والأجهزة الكهربائية والمطاعم والصيدليات ومافي حكمها لابد من وجود صاحب المحل والذي يفترض انه مواطن او مستثمر.
3 - ألا يسمح للأجنبي بايداع النقد في البنوك باسمه غير ماهو متفق عليه في عقده كراتب ما لم يكن مستثمرا او حسب ضوابط توضع لهذا الغرض.
وهذه الاقتراحات لا ادعي معرفتها فقد سبقني كثير من الاخوان الذين كتبوا عن الموضوع الى اقتراحها او ماهو قريب منها.
والجميع يتفق على اهمية التحرك آنيا ومستقبلا لإنهاء جملة الممارسات الخاطئة والبحث عنها وليس الانتظار لحين التبليغ وتوقيع الجزاء الرادع بأصحابها, ومن اراد الاستثمار من احبائنا الوافدين عليه الدخول مع الابواب المعلنة، فالنظام تسمح له وهذا خير من ان يعرض نفسه للمساءلة والعقاب,.
واختم هذه المقالة بنصيجة لكل مواطن بأن يراقب ربه في جميع تصرفاته فلايصح ان نسلك طرقا معوجة وغير نظامية تضر باقتصاد البلاد ومواطنيه ممن لديهم الجدية في مزاولة الأعمال بأنفسهم ويجدون مزاحمة من الوافدين ممن أتاح لهم بعضنا - في غفلة من ضمير - طرق التحايل والالتفاف على الأنظمة, مع الأخذ في الاعتبار ان الكثير من البقالات ومحلات بيع الكماليات المنتشرة في الشوارع ليست ضرورية خاصة ان كثرتها لم تكن ناتجة عن حاجة المواطنين للعمل والبحث عن مصادر رزق لهم ولأسرهم فاذا كانت كلها تسترا فليس لنا حاجة فيها.
عبد الله بن عبد الرحمن الغيهب