Monday 1st November, 1999 G No. 9895جريدة الجزيرة الأثنين 23 ,رجب 1420 العدد 9895


الشحات كسر ناطح الصخرة
هواية السِّمان مشهورةٌ حتى في النحو

عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة وبعد
فما أكثر ما أقرأ في صحفنا عن أخطاء الأطباء وطلب تحميلهم مسؤولية أخطائهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم، وهذا لا شأن لي به فهناك جهات مسؤولة وقضاء عادل، وإن كنت قرأت أن هناك أخطاء تغتفر إذا وقعت بعد استفراغ الوسع وبذل أقصى الجهد في العلاج مع حسن التقدير والاستشارة، وإلا فلو عوقب كل طبيب يخطىء لأحجم الأطباء عن العمل وانصرف الراغبون في دراسة الطب عنها، وتعطلت مصلحة عظيمة للأمة، ولكن الذي يجب ان يحاسب هو المهمل وعديم الاكتراث.
وكما قلت - فهذا لا شأن لي به - وإنما أقرر منه قاعدة: صاحب الاختصاص مسؤول عن اختصاصه .
فأستاذ اللغة العربية الذي يخطىء يجب أن يحاسب، وإذا تعذر بالنسيان قلنا له: أولا آفة العلم النسيان ثم ما رأيك لو سألنا الطبيب علاج مريض فقال: نسيت علاج هذا المرض أو قال: لم احضر المحاضرة التي كان فيها هذا المرض أو قال الصيدلي: لا أعرف قراءة اسم هذا الدواء, هذا ليس مقبولا (بل إنه عذر أقبح من ذنب) وكذلك أي مختص في أي موضوع عليه أن يحيط به أو على الأقل بما يقدمه أو يسأل عنه.
كتبت هذا بعد أن قرأت تعقيبا - في عدد سابق من الجزيرة وفي صفحة عزيزتي الجزيرة - كتبه الاستاذ حمدين الشحات محمد ينتصر للغتنا العربية الجميلة ويطالب بتسهيل تدريس قواعدها واختصار مطولاتها حتى أخذ يذكر عدد الكلمات التي تدرس للطلاب ويستكثرها.
أقول لك يا سيدي ان الطالب إذا أعطيناه المطولات حفظ منها مختصرات تفيده، فإذا أعطيناه ملخصات ومختصرات فماذا يحفظ وماذا يدع؟!
ويكفي هذا.
ومرة ثانية ليس هذا ما أنا بصدد التعقيب عليه، وإنما على ما أورده الأستاذ الشحات في تعقيبه وهو بيت الأعشى المشهور:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فما ضرها وأوهى قرنه الوعل
هكذا أورده.
وهذا البيت معروف مشهور يُستشهد به منذ قاله الأعشى ميمون بن قيس إلى وقتنا الحالي، وهو من قصيدة الأعشى المشهورة أو معلقة الأعشى على رأي من قال إن المعلقات عشر لا سبع التي مطلعها:
ودع هريرة ان الركب مرتحلُ
وهل تطيق وداعاً ايها الرجلُ
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحلُ
كأن مشيتها من بيت جارتها
مرّ السحابه لا ريثٌ ولا عجلُ
ومن جمال هريرة معنىً وحسّاً قوله:
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسر الجار تختتلُ
إذا تقوم يضوع المسك أروقةً
واهتز منها ذَنوب المتن والكفلُ
والظاهر أن شعراءنا في العصر الجاهلي كانوا يحبون السمان، عكس (بنات اليوم) اللاتي تفضل الواحدة منهن أن تكون عجفاء : جلداً على عظام .
وهواية السمان مشهورة حتى في النحو, فقد سأل نحوي آخر عن أحرف الزيادة فقال له:
هَوِيتُ السمان فشيَّبنني
وما كنت قِدماً هويت السمانا
فقال الأول: ما أجبتني, قال الآخر: بل اجبتك مرتين:
يقصد قوله هويت السمان الذي يجمع حروف الزيادة: وهي الهاء والواو والياء والتاء والهمزة واللام والسين والميم والألف والنون.
ويجمعها ايضا قولك ]سألتمونيها[ وقولك ]هناءٌ وتسليم[ وقولك ]اليوم تنساه[,, وكفى.
وعلى فكرة فزيادة الهاء موجودة في كلمتين: الأمهات (جمع أم) وأهَرَاق (بمعنى أراق).
وفي الحديث الشريف: أهراق رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر (المسند ج 2 ص 340)
قال أبو فراس:
ناحت مطوقة بباب الطاقِ
فجرت سوابق دمعي المهراقِ
أما اللام ففي كلمة (الطَّيسَل) وأصلها الطَّيس ومعناها كما في المعجم الوسيط الكثير من كل شيء، قال الشاهد النحوي:
عددت قومي كعديد الطَّيسِ
إذ ذهب القوم الكرام لَيسيِ
وليس هنا اداة استثناء بمعنى إلا.
والبيتان من مشطور الرجز منسوبان لرؤبة بن العجاج الراجز.
ذكرت زيادة الهاء واللام لندرتها أما بقية الأحرف الزائدة فمشهورة.
وعوداً على ما كنا فيه، فالبيت المذكور عن الوعل الذي أوهى (أضعف) قرنه وكسّره بنطح الصخرة فيه حكمة عظيمة, والأعشى إلى جانب سوء خلقه المشهور عنه بشعره فإن له كلاما غاية في الحكمة، مثه قوله لأبي ثابت الذي يخاطبه في القصيدة المعلقة أبا ثبيت :
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير

موقعنا
خدمة الإنترنت
البحث
الأرشيف
الاشتراكات
لإعلانات
للاتصال بنا
تعريف بنا




[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved