اسمحوا لي أن أشبه المدن كما يقولون ]المدن كالنساء,, يشبن,, يترهلن[,, نساء يشبن قبل أوان المشيب ومدن تشيخ قبل أن تمر بنضارة الشباب وتفتح الورد وتثني العود وتمايل الغصن,.
والبعض يتجددن ويتشببن فتراها بنضارة ابنة العشرين.
والمدن تصاب بالشيخوخة,, وتصاب بأوجاع المفاصل وانهداد الحيل كلما تقادم بها العمر,, لكن مدناً شابة تصاب بانحناء الظهر وروماتيزم الركب وضيق التنفس,, تراها شاحبة مترهلة الأوداج,, تعاني هزالاً,, وضموراً في أطرافها,, عندها يترجل السؤال من هودجه,, لماذا؟ وما هو السبب؟ ومن هو المتسبب؟
* تقف الإجابة صامتة مكتفية بعرض الصورة والصور تغني عن الكلام,.
* حين تدلف البوابة وتخطو على أول طرقاتها تقرأ حكاية التراب وبوابته التي نظم مفرداتها زميلنا العزيز فهد السلمان ذات يوم,, وبوابة التراب هي كل الحكاية,.
* حكاية التاريخ,, أو تاريخ الحكاية,.
تومض بقايا انقاض التاريخ لتلد لنا ما يجعل الأقدام تقف عن المسير فنتأمل بقايا المدفون وسط ركام الأيام,.
تأخذك الدهشة,, فتحتل ركناً قصياً لتحمل الأيام على الهطل والبقايا أن تبوح عن سر دفينها,.
** الحديث يغريك للإنصات والصورة تدفعك للهرب والواقع يشعل الحرقة,, الاحتراق .
** بعضها تبثثك همها والبعض تلبسك غمها والبعض تحضنك بحنو الأم وتدفق عواطفها وحنانها,, تهفو إليها كلما شطت بك الأيام ترتمي بحضنها فلا تشعر بالوحشة,, تنام هادىء البال قرير العين.
تلبسك طمأنينة وتوسدك العاطفة,.
* التاريخ,, سجل,, والمدن تحفظ والايام ذاكرة.
* متغيرات متسارعة,, والجغرافيا لا تتغير والحقائق ثوابت في سفر الأيام,.
* فيها المتغيرات لم تتغير والجغرافيا تغيرت والثوابت تحولت إلى متحركة.
والحقائق بحثت عنها في قسمات الوجوه التي علا التعب جباهها فتفصد العرق وابيض مكانه ايقنت حينها أن الملح ما زال يحفظ تاريخها,.
والشيخوخة المبكرة رأيتها على عكاز يحمل جسد أضناه التعب وشيب سكن مفرق الشعر.
** قلت,, هنا وقفت بالأمس القريب وها أنا أقف اليوم في نفس المكان,.
زمن مضى,, سنوات طويت,, والنوم ناصب خيمته هنا,, على عتبات البوابة والتراب نفسه ذلك الذي يغرينا للبوح بتفسير الصور لمدينة شاخت فظل حنيننا للمكان أقوى من وقع الصورة وظل ارتباطنا لبوابة التراب أقوى من الصورة نفسها.
شواهد تعرّي من يغرق في حلم وردي مشعلا شموع فرح تتراقص له أزقة تتلوى من الضجر ووجوه شحبت فأتعبها التعب,.
|