Tuesday 2nd November, 1999 G No. 9896جريدة الجزيرة الثلاثاء 24 ,رجب 1420 العدد 9896


بدون ضجيج
سرّ الإنسان
جار الله الحميد

يحاول اليابانيون فيما يبدو ان يخترقوا سر هذا الكائن العجيب الذي هو: الانسان! ويمعنون في ذلك متصورين انهم سيصلون الى نتيجة تمكنهم من خلق (بديل) للانسان يمكن برمجته وتكييفه بحيث يتأقلم مع المعطيات المتوافرة من قبل المبرمج ويتصرف وفقاً لها, ومع ذلك سيظل الانسان ارقى مخلوقات الله تعالى ولا يمكن صنعه او محاولة ايجاد بديل (آلي) له, لقد وضع الله تعالى في دماغ الانسان مليارات اللفائف التي تتحمل مسؤوليات هائلة كالذاكرة، والألم، والجوع، والغيرة، والحب، والمشي، والنطق، والرغبة وما الى ذلك من ادق المشاعر التي لا يمكن للانسان مهما ارتفعت تقنياته ان يوجد مثيلاً لها, او حتى شبيهاً بها, وبالأمس بثت احدى المحطات الفضائية خبرين لا بد لنا من التوقف عندهما, الأول: يقول ان عليك ألا تستغرب اذا وجدت قريباً رئيسك في العمل (رابوتاً) او رجلاً آلياً, كل ذلك بسبب انسان آلي قدمه المخترعون اليابانيون يمكن لك ان تصافحه ويظهر رد فعله على الشاشة التي هي بديل للوجه, فاذا اعطاك اللون الأصفر فهو (ممنون) لك, واذا اعطاك لوناً آخر فهو اما غاضب او مستاء بحسب اللون, ولكنه عندما سار في الشارع بدا كاللعبة تماماً, المشية الالكترونية المعهودة, وكانت نظرات الناس اليه هي تماماً نظرتهم للعبة! أين تناسق حركات الانسان الذي صنعه الله فأحسن صنعه؟ أين سلاسة المشي التي ينسى الانسان انها لا توجد في كائن آخر مثله؟ أين المظهر الجميل للانسان الذي نسي علماء اليابان انه لا يمكن تقليده من الزجاج والصفيح؟! وأين؟! وأين؟!.
لو سأل الناس في اليابان او غيرها انفسهم هذه الاسئلة لاكتفوا بما يصنعونه من اجهزة تدار بالريموت مثل جهاز التسجيل او الفيديو او السيارة التي تقول لك نفس الكلام الذي تقوله لغيرك! اذا كانت في نفس الوضعية.
والخبر الآخر: ان العملاء اليابانيين ايضاً توصلوا الى طريقة لاسكات الطفل الكثير البكاء والصراخ, وهي انهم سجلوا بواسطة عشرات الآلات اصواتاً تشبه تلك الأصوات التي يسمعها الجنين في بطن امه على )CD-ROM( تضعه الأم في الجهاز عندما يزعجها طفلها مما يجعله ينسى اولاً الصراخ ثم يخلد الى نوم عميق, وشوهدت في الخبر سيدة حامل والعلماء يسجلون حركة احشائها ويظهر في الصورة الجنين بشكل يجعل المشاهد يشمئز, ذلك ان هذه الصورة هي من شأن الأم وحدها واطلاع الناس عليها بهذه الصورة انتهاك لهذه الحرمة والحميمية التي بين الأم وجنينها, كل ذلك ليأتوا باللقطة التي تليها ويسمع فيها صوت الآلات الصماء الذي لا علاقة له بصوت النبضات المحض في اللقطة السابقة.
هكذا يتخيل اليابانيون العالم!
ألم أقل لكم في مقال سابق عن تصورهم لبيت العام (2000) وهو بيت موحش يدار فيه حتى الحمام بالعقل الآلي, لا تحس فيه بأية لمسة دفء بل انه يدفعك للقلق على مصير الانسان اذا كان سيعيش في هذه (الحديقة) الالكترونية وبهذا الشكل المخيف.
وحده الله الذي يهندس بناء هذا الكون كما يشاء, ولن يصلوا الى مستوى اعجازه سبحانه مهما صورت لهم الرابوتات الجامدة والباردة كالصقيع!.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
محاضرة
منوعــات
القوى العاملة
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved