Friday 5th November, 1999 G No. 9899جريدة الجزيرة الجمعة 27 ,رجب 1420 العدد 9899


رياض الفكر
الرابطة,, وإشراقات في الغرب
سلمان بن محمد العُمري

لقد ارتضى الله -سبحانه- الاسلام دينا كاملا متكاملا على مر الأزمنة، ومهما اختلفت مواقع المكان، وهو المنهج الرباني الذي وضعه رب العباد ليكون دستورا ومرشدا لعباده في كل مناحي الحياة، وقد كان المسلمون الأوائل ومن تبعهم خير حملة للواء تلك الرسالة العظيمة، فتقدموا رافعين راية التوحيد بكل اقتدار وأمانة حتى أوصلوها لأقاصي المعمورة التي استطاعوا الوصول اليها بعون من الله وتوفيقه.
وعلى مدى اربعة عشر قرنا من الزمان لم تتوقف مسيرة الدعوة المباركة والهدي الطيب عبر العصور المختلفة الى عصرنا الحالي بكل ما فيه من تقنيات ووسائل حضارية حديثة يحاول القائمون على العمل الدعوي استغلالها في دعم مسيرة العطاء الدعوية، إلا ان هناك عقبات تعترض تلك المسيرة المباركة؛ لعل من أبرزها واقع المسلمين المتخلف، ومستواهم التقني الذي تأخر كثيرا عن قطار الحضارة السريع، بالاضافة للفرقة المتمثلة في المذاهب المتعددة، والجماعات المتناحرة في داخل الأمة، أو في خارجها، ففي داخلها هناك مجموعات تدعو لأفكار ضالة ومسيئة ومحرفة، وذلك باسم الاسلام، ومن الخارج كانت هناك منظمات وجماعات وحتى دول تعادي الاسلام، وتبذل كل ما في وسعها لتشويه صورته السمحة، وتنعت المسلمين بالارهاب والتطرف.
ولم تعد خافية على أحد تلك الحروب الشرسة المعلنة من أعداء الاسلام الذين يتربصون به الدوائر، والذين لا يسعدهم أي تقدم يحرزه المسلمون، وقد أدت تلك الحرب لتكوين صورة خائطة ومشوهة في أذهان الانسان الغربي عن الاسلام، فكان الدين الاسلامي الحنيف بذهنهم وتفكيرهم دينا غير حضاري، وأحيانا نعتوه بالتخلف والجمود، كما وصفوه بالوحشية والهمجية والعدوانية، وحتى صورة المسلم يضعونها في أدنى سلالم الرقي، فهو في نظرهم عبارة عن شخص ارهابي، متخلف، شرس، الى ما هنالك من أوصاف.
وشتان ما بين تفكيرهم وما بين الحقيقة، فالاسلام دين الرحمة والمحبة والوئام والسلام، وهو النهج الذي شرعه خالق العباد سبحانه وليس أبدا كما يدعون من صنع بشر، انه الدين الذي يأخذ بيد البشر الى السعادة في الدنيا والآخرة، إنه دين الله الذي يأمر (بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي).
ولكن كيف السبيل لايصال الحقيقة لأذهان أولئك الذين حولوا الخطأ صوابا على مدار عشرات وربما مئات السنين؟!.
ان القضية تقع على عاتق أبناء الاسلام أنفسهم من الغيورين على دينهم وأمتهم في الدرجة الأولى، وهذا ما نشهده في الآونة الأخيرة، حيث استنفرت الهمم الغيورة على الاسلام، وبدأت بتصحيح تلك الصورة على أرض الواقع بأساليب علمية ومدروسة وواعية دون تشنج أو انفعال أو تعصب، فكانت هناك المؤتمرات، والملتقيات، والندوات، والدعاة، والكتب، والمؤلفات، ووسائل الاعلام بأنواعها، والمراكز الثقافية الاسلامية، والمنظمات والمجالس الاسلامية على اختلاف تسمياتها، والهدف الأساسي هو رفع راية الحق، ودفع الظلم الذي حاق بالاسلام، وبدأت النتائج الايجابية التي تبشر بالخير تظهر ويراها الجميع، وبدأت الصورة في أذهان الغرب تتغير ولو ببطء!.
وفي هذا الصدد لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك الجهد الكبير الذي تقوم به رابطة العالم الاسلامي في هذا المجال، وهي منظمة أم في العالم الاسلامي، لها الباع الأكبر في هذا العمل المبارك، فقد شمرت عن ساعديها دون كلل ولا ملل؛ لتنير ظلمة الليل التي حاقت بصورة الاسلام، وفي هذا السياق لايسعنا إلا ان نذكر - بالكثير من الثناء والتقدير- ما تسعى اليه الرابطة من تحضير متميز، واعداد جيد لاقامة ندوة ثقافية اسلامية في العاصمة النمساوية فيينا، تعقد -بمشيئة الله تعالى- في الحادى عشر من شهر شعبان القادم بمناسبة مرور عشرين عاما على انشاء المركز الثقافي الاسلامي في فيينا، تلك الندوة التي سيشارك فيها كوكبة من العلماء والمفكرين والباحثين من شتى أنحاء العالم، ويتابع معالي الأمين الهمام الدكتور عبدالله بن صالح العبيد أعمال تلك المناشط خطوة بخطوة، ويحرص كل الحرص على تنفيذها بنفسه موجها، ومرشدا وداعما لها حتى تحقق الهدف السامي الذي نصبوا اليه جميعا.
ولاشك ان محاور هذه الندوة الهامة التي تدور حول توضيح صورة الاسلام الصحيحة في الغرب من خلال المناهج الدراسية، ليؤكد نجاح الرابطة في وضع يدها على مصدر كبير للبلاء ألا وهو المدارس في الغرب التي زج بها عن قصد أو غير قصد بمعركة ظالمة ضد الاسلام والمسلمين، فأصبحت مناهجها زاخرة بكل أنواع الاهانة للفكر الاسلامي، حتى اصبح هذا الأمر يتزايد بشكل خطير,!
ان الندوة بتركيزها على هذه القضية إنما تكون قد وضعت لبنة قوية في ذلك البنيان الدعوي لتصحيح صورة الاسلام كما أنها تحقق خطوة جبارة في الاتجاه الصحيح للدعوة الى الله على بصيرة، والاتجاه الذي سيخدم بالتأكيد الاسلام والمسلمين، ويكون ثوابه كبيرا عند الله، يقال: إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، فإذا استطعنا أن نعيد صياغة المناهج التعليمية في الغرب لتعطي الصورة الحقيقية والصحيحة عن جوهر الاسلام والمكاسب بمقاييس الآخرة سوف تكون بمشيئة الله أكبر بلاشك، وإننا إذ نبارك هذه الخطوة الطيبة لنطمع بالمزيد منها، فالطمع في الخير والطاعة مرغوب فيه، ومأجور عليه عند الله تعالى الذي نسأله عزوجل ان يجعل الأعمال خالصة لوجهه الكريم، فهو الموفق والهادي الى سواء السبيل.
رجوعأعلى الصفحة
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
الثقافية
أفاق اسلامية
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved