** فرانكفورت - د, ب, أ:
بعد أن كان باعة الكتب والناشرون ينظرون لعالم الثورة الرقمية بارتياب على مدى سنوات عديدة ظهر واضحا جليا خلال معرض الكتاب الذي بدأ في فرانكفورت الأسبوع الماضي أنهم أصبحوا من دعاة تلك الثورة.
ويعتقد الكثيرون أن أجهزة الكمبيوتر توفر أفضل فرصة للكلمة المطبوعة مند بدأ جوهان جوتنبرج استخدام حروف الطباعة المتحركة عام 1450 ولن يترك ناشر الغد الكتاب لينفد من السوق إطلاقا حيث سيتمكن من الوصول إلى العالم من خلال الشبكات الإلكترونية.
وفي معرض فرانكفورت للكتاب وهو أكبر لقاء سنوي لصناعة الكتاب كانت وسائل الإعلام الرقمية تعرض في السابق كما لو كانت أجسام غريبة كأشباه كتب وفي قاعة خاصة بها مثلما كانت تعرض الملصقات والتقويمات.
غير أن هذا لم يحدث في معرض العام الحالي الذي انتهى يوم الاثنين الماضي وعرض المنتجات الالكترونية جنبا إلى جنب مع الورقية كما شمل المعرض سلسلة من الأحاديث والمناقشات عن بيع الكتب من خلال الانترنت.
وقال جوشيم كيل مدير المعرض: إن بائعي الكتب يشعرون أنه فجر عهد جديد وهم يدركون بصورة تدريجية كل الامكانات التي تقدمها وسائل الإعلام الالكترونية , وقد بدأت هذه الثورة في الولايات المتحدة غير أن أوروبا تحاول اللحاق بها.
وتشير التنبؤات إلى أن مبيعات الكتب من خلال الانترنت سوف تبلغ ضعف مبيعات العام الماضي التي وصلت إلى 60 مليون مارك أي 33 مليون دولار وقد كشفت دراسة قامت بها هيئة ألمانيا أن مبيعات الكتب من خلال الشبكات الالكترونية تفوق مبيعات برامج الكمبيوتر والتسجيلات الموسيقية.
وقد أصاب الفزع بائعي الكتب التقليديين في الدول المتحدثة بالانجليزية من جراء التخفيضات الكبيرة التي يقدمها بائعو الكتب من خلال الشبكات الالكترونية فالقراء عادة ما يقومون بالبحث والتنقيب في مكتبة في الشارع ثم يذهبون إلى المنزل ليطلبوا الكتاب بأسعار باستخدام كمبيوترهم الشخصي.
وفي العديد من الدول الأوروبية فإن ثبات الأسعار يحول دون حدوث ذلك, ويقول سفن رابنوس مسؤول بالاتحاد الإقليمي للكتب أن النمط السائد في ألمانيا هو أن يسعى القراء إلى أعداد قائمة بالكتب التي يريدون قراءتها بالبحث والتنقيب في أجهزة الكمبيوتر ثم يذهبون إلى أقرب مكتبة لبيع الكتب ويشترون هذه الكتب.
وهذا يعني أن العديد من زوار الشبكة لا ينفقون أي شيء غير أن المكتبات من هذا النوع لم تحقق بعد أرباحا في ألمانيا ولكنها مستعدة لتحمل الخسائر من أجل المناورة للاحتفاظ بالريادة في السوق.
وبعد ثمانية أشهر من بدء عمله يفاخر موقع بيرتلسمان لبيع الكتب من خلال أجهزة الكمبيوتر بأنه الموقع رقم 2 في أوروبا بعد موقع أمازون للعمليات الأوروبية, ويفاخر موقع يرتلسمان بأنه يبيع يوميا حوالي 5 آلاف كتاب.
ويقول مدير يرتلسمان لقد بدأنا متأخرين ولكننا نصعد بسرعة كبيرة .
وتنوي يرتلسمان في الربيع القادم أن تبدأ بنظام تحميل الكتب على جهاز الكمبيوتر بحيث يمكن قراءتها من خلال استخدام جهاز يبلغ وزنه 600 جرام.
ويقول بائعو الكتب عن طريق أجهزة الكمبيوتر أنهم في موضع يمكنهم من الاستفادة إلى حد كبير من آخر ما تخرجه الثورة الرقمية وهي أن الكتب لا تنفد أبدا من الطبع.
ويقول بيير دانون المدير العام في أوروبا لشركة زيروكس في معرض فرانكفورت بأن ثلاثة من كل خمسة طلبات للكتب من نشرات الكتب تعد لا جدوى منها لأن الكتب نفدت من الطبع.
وقد دشنت مكتبة ليبري لبيع الكتب بالجملة خدمة لطبع نسخ مفردة من الكتب النادرة الوجود.
ويقوم أحد بائعي التجزئة عن طريق أجهزة الكمبيوتر بتقديم نفس الخدمة للناشرين, وقد عقد يرتلسمان وزيروكس اتفاقا في المعرض بأن يقدما نفس الخدمة, ويزعم دانون أن 30 في المائة من الكتب سوف يتم طباعتها بالطلب وليس لكي توضع في المخازن.
وبمجرد أن يتم تخزين كل الكتب بوسائط إلكترونية فلن يصبح تعبير نفذ من الطبع سوى ذكرى وفقا لما يقوله دانون, غير أنه في الوقت الحالي فإن هذه التكنولوجيا تتسم بالكفاءة فقط في حالة الكتب التي ليس بها إلا القليل من الصور أو ليس بها صور على الاطلاق.
غير أنه بين مظاهر البهجة كانت هناك كلمات تحذيرية في معرض فرانكفورت.
وقد أشارت دراسة إلى أن مبيعات الكتب من خلال الكمبيوتر سوف تصل إلى تسعة في المائة من إجمالي مبيعات الكتب الألمانية بحلول عام 2003, وحاليا يعد الرقم أقل من 4,0 في المائة من مبيعات الكتب السنوية التي تبلغ قيمتها 17,8 مليار مارك أي 9,8 مليارات دولار.
وحذر أوليفر وافندر من قسم النشر الالكتروني باتحاد الكتب الألماني من تلك القاعدة المنخفضة يسهل علينا توقع معدلات نمو كبيرة .
ويتساءل النقاد عن المدى الذي ستستطيع محلات الكتب الألكترونية حبس أنفاسها عن الأرباح خلاله في الوقت الذي تقوم فيه بالترويج لعلاماتها التجارية.
ويقول مسؤولو برشر دي وهي إحدى شركات توزيع الكتب عن طريق أجهزة الكمبيوتر أنها خسرت العام الحالي حوالي خمسة ملايين مارك, ويقول المدير التنفيذي رتشارد فون رينبابين أن ميزانية الإعلانات خلال العام الحالي سوف تصل إلى ما يوازي بصورة أو بأخرى مبيعات 12 مليون مارك.
وكذلك فإن الشركات الألمانية الأخرى لديها خطط عن حملات دعاية ضخمة, أما الأرباح الأولى التي ستجنيها فلن تظهر إلا بعد عامين أو ثلاثة.
|