Saturday 6th November, 1999 G No. 9900جريدة الجزيرة السبت 28 ,رجب 1420 العدد 9900


بيننا كلمة
في مجلس أبي حنيفة؟
د , ثريا العريّض

لكل مقام مقال: ما الذي تعنيه هذه العبارة البليغة رغم ايجازها؟
قد تعني أن من يطلق الكلام على عواهنه قد يجد نفسه نادما على اطلاق عنان لسانه,, وقديما قالوا لسانك حصانك ان صنته صانك وإن خنته خانك,, ذلك يعني التفكير في نتائج ما تقول.
اللغة قدرة في الانسان تميز بها عن الحيوان الأعجم الذي لا يمتلك قدرة الكلام الفصيح وإن امتلك قدرة التعبير عن الإحساس ألما وجوعا وغضبا وخوفا, الحيوانات العجماء تتخاطب مع غيرها بلغة خارج الكلام المباشر,, أما الكلام فهو اختراع بشري، ولذلك فهو ليس فقط معرض لعدم الكمال، بل ايضا معرض لإساءة الاستعمال والتطبيق الخطأ.
من هنا جاء التحذير أو التنبيه,, لكل مقام كلام.
لا يمكن أن ينفلت اللسان بلا حدود انضباط تحدد مدى تأثيره.
لا يجب ان يصبح هذرا بلا معنى,, أو هذيانا مطلقا,, أو تعبيرا غير مرتبط بقصدية القول الموجه.
لا تتضمن حرية الكلام انفلات الحوار عن آداب المتعارف أو أن تعبر عن كل ما يخطر في بالك بغض النظر عن مناسبته لموقع المتكلم والمخاطب وأي سامع آخر الحوار الدائر بينهم.
وليس المقصود ان يكون المتكلم ذا وجهين يقول هنا عكس ما يقوله هناك ويعبر عن مواقف متناقضة يتوخى في وجهتها مسايرة الريح السائدة حتى لو ناقضت موقعه بالأمس.
وإنما تعني ان بعض الكلام لايصلح في حالات بعينها,, وأن كل موقف له ما يناسبه,, والعاقل مسؤول عن التمييز بين المقبول واللا مقبول, والأمر ليس ببساطة ان تظهر الفرح في مناسبات الافراح وتعبر عن البهجة,, أو في الأتراح تعبر عن التعاطف والحزن.
ولا يتوقف عند المتوقعات المنطقية للحساسية الاجتماعية حيث تتجنب حين تلبي دعوة عرس ان تتكلم عن خطيب العروس السابق وكيف هو افضل من هذا الذي اختارته,, أو أن لا يتورع مشارك في مأتم ان يتحدث عن سيئات المتوفى وكيف كان غادرا وخبيثا.
المطلوب يعلو الى الشفافية الاجتماعية,, بمعنى انه اذا حضرت احتفالا فليس المقام مناسبا لخطاب عن التوفير وعدم الاسراف والاقتصاد في النفقات ، لأنه لوكان حفلا متواضعا لبدا كلامك عن الترشيد وكأنه يشير الى تواضع حال المحتفلين، ولوكان حفلا باذخا فسيأتي كلامك وكأنه غمز ولمز وتقريع للمحتفلين.
واختلاف التأويلات والتفسيرات ليس في حد ذاته مرتكز منطقية هذه العبارة بل المقصود ان يكون المقال مناسبا للمقام فاذا حضرت جنازة فليس المكان مناسبا لتبادل آخر النكات، ولا يهم ان كنت تلقيها وغرضك تخفيف حدة حزن الثاكلين، أو كنت تلقيها لأنك شغوف بالقاء النكات الى حد الادمان، بغض النظر عن المكان والمناسبة، او كنت تلقيها وفي بالك عبرة سيتوصل اليها بعض الحاضرين.
هكذا اذا جئت تفتح فمك فكر أولا في وقع ما تقول على السامعين,, وكيف سيرونك من خلال كلامك,, فقد تكبر به في عيونهم وقد تصغر حتى يمدوا أرجلهم غير آبهين بوجودك,, مثلما فعل أبو حنيفة.
وفي الحالات الأسوأ قد تنتهي مطرودا من مجلس ابي حنيفة او مضروبا علقة استحققتها بنفسك ولا يلام عليها سواك.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
لقاء
تقارير واحداث
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved