Saturday 6th November, 1999 G No. 9900جريدة الجزيرة السبت 28 ,رجب 1420 العدد 9900


لما هو أتٍ
د, أمل رئيسة تحرير
د,خيرية إبراهيم السقاف

نشأنا نعلم أن لكل أمرىء من اسمه نصيبا، وقد أثبتت التجارب التعاملية مع الإنسان حقيقة هذا القول، بعكس ما كان العرب يخفونه في التضاد عندما ينادون الأبيض أسمر، والطويل قصيراً، والبدين نحيلاً، والكفيف مبصراً، والليل نهاراً، مما يحضرني من أمر التضاد,,، من حذر يشوب النفس، وحرص يحفظ الموسوم,.
لكنها تحمل من اسمها النصيب الأوفر، وهي طامحة حد السقف الأعلى من الطموح، دؤوبة حد الوصول الى مضمون اسمها فهي أمل وهي بالفعل أمل.
يفصل بيني وبينها في السكن سور باطنه فيه هي ، وظاهره أتقرطس فيه داخل صومعتي الصغيرة، وأذكر أنها كانت معيدة متحفزة في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود، في أجمل وجوه الإشراق لبنات هذا الوطن، فلقد عهدتها راكضة دوماً، متحركة باستمرار، منقبة عن المعرفة حيث تكون، مضحية في سبيلها بأشياء كثيرة عدا أن تكون الأم الرؤوم، والزوج المتفانية، حتى غدت عضو هيئة تدريس في كلية الصيدلة في أكبر جامعات المملكة، وأعرقها حيث لهذه الكلية وزنها العلمي الذي لا يختلف عليه اثنان.
ولي مع مرحلة دراستها لدرجة الدكتوراه قصة، هي تعلم ظاهراً منها، وباطنها أدريه وحدي، فهي ذكريات جميلة وماتعة، وكلما عبرت بي تخيلت أن تلك الماعز التي أقلقت نومي، وسكينتي، وهدوء لحظات تفكيري هي مادة التجارب التي كانت الدكتورة أمل تخضع بحثها لنتائجها أو العكس,,، فلقد كنت دوماً منذ بدء الإحساس أرثي لصوت الماعز الصغيرة وهي تلهث في الشارع وراء أمها، تستجدي الحليب، لكن ماعز الدكتورة أمل لم تكن تفعل ذلك، فقط كانت توحي لي بأنها مضطربة خوفاً، وأمل لم تكن من القساة ولن تكون، غير أن الإنسان الذي يتربع على عرش الانتظار لمثل أبحاثها تأتيه بنتائج، يتوقع من العلماء أن يأتوه كل يوم بدواء جديد لآلامه،يكمن الوصول إليه وراء بكاء الماعز,, وسواها، وإذا ما تخيلنا هذا الإنسان كم تقدم له الطبيعة بمقدراتها، ومخلوقاتها لما حسبت شيئا يفعله غير الخجل مما يقدمه هو لنفسه، إذ يسعى العلماء، وتخضع الحيوانات للتجارب من أجله، أما هو فبماذا يسعى، وما الذي يُخضعه من قرابين ليعالج أمراضه الباطنة؟، أعود لحديثي مع ذكريات ماعز الدكتورة أمل، حيث تطل حجرتي الخاصة على سورها، وهناك كانت تركن في أحد زواياه ماعزها، فكانت كلما صرخت أيقظتني من سباتي، أو قطعت عليَّ حبل تفكيري، أو أعادتني من تأملي بسياط بكائها، فأتململ في جلستي، واستعيد حضوري، ولا أجد غير الشكر لأمل هذه الإعادة، لأنني بالتأكيد كنت احتاج الى اليقظة كثيراً,,,!، ولم أكن أضيق بها قدر ما كنت ابتسم لها، إذ أيضاً كانت تذكرني بالدعاء لهذه الطامحة المكافحة، وجارك إن لم تستطع أن تواصله، أو تلتقيه فلا أقل من أن تدعو له، أما الدكتورة أمل فقد كانت كلما قابلتني أبدت تعذرها، وقلقها، وأرسلت إليَّ بنظراتها العميقة تستشف في وجهي علامات التسامح أو التذمر ,, وهي لو تعلم كم أهدتني من أفكار,, لربما جاءت مع الماعز بحمار، وجاءت معها بديك، وضفدع وما شاءت,,,، وكل الحيوانات التي تمنحني فسحة الإحساس والتأمل, لذلك عندما صمتت الماعز، ولم ترسل إليَّ بأنينها أيقنت بأن أملاً قد توصلت إلى شيء.
ومرت الأيام سراعاً حتى جاءتني دعوتها لحضور أنشطة المركز مرة تلو أخرى، فأدركت أن هذه الطامحة الراكضة التي حصلت على درجة الدكتوراه في الصيدلة بتميز وتفوق قد احتلت سريعاً واجهة النشاط في المركز مما يعني أن لكل مجتهد نصيباً، وأن هناك في هذا الصرح العلمي المتميز من يقدر المجتهدين، ولاسيما أنني بدأت أرى اسم أمل الدكتورة الصيدلانية بنت جميل ياسين فطاني يتسلق اللجان، والمسؤوليات، وسلم التدريس، ومعامل التحليل، فهي قد أضافت لي سعادة لا يعلمها إلا الله ولاسيما أنها تمثل هذا الزخم الحي من التوقد والطموح والوعي.
كان آخر دعواها لي حضور حفل افتتاح أسبوع الجامعة والمجتمع والأنشطة المصاحبة له في المركز الخاص بالأقسام العلمية في الجامعة، ولأنني كنت خارج المملكة خلال الأسبوعين الماضيين لم أتمكن من تلبية الدعوة، لكنها ظلت تفاجئني بكل جميل من نجاحاتها، وظلت تطرق على أوتار هذا القلب الواهن بأعبائه، القوي بحب الآخرين، كي تضيف إليه وردة من ورود الحب، كي تثمر فيه وتنمو,,, إذ حملت لي صبيحة أحد أيام الأسبوع الماضي مندوبتها نشرة علمية صادرة عن الجمعية الصيدلية السعودية تحت مسمى التعليم المستمر وفي عدد خاص منها بمناسبة المؤتمر الصيدلي السعودي العالمي الخامس الذي حمل شعار: مهنة الصيدلة في القرن الحادي والعشرين الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بالرياض, كانت المفاجأة ان رئيسة التحرير لهذا العدد هي الدكتورة أمل فطاني، ومعها ثلة من النابهات في التخصص,,,، المحاضرة غادة باوزير، والصيدلانية رندة الجارودي مع بعض زملاء المهنة، الصيدلاني أشرف شاهين، والصيدلاني فخر الأيوبي، شملت النشرة موضوعات على درجة من الأهمية فيما يدور في فكر المؤتمر الصيدلي على مستوى التخصص من جهة وعلى مستوى الأداء من جهة أخرى، كان من أهمها اللقاء مع معالي وزير الصحة حيث تم الحديث عن المهنة من حيث الممارسة وما يعتور ذلك من أمور كنت تمنيت نشره على مستوى الصحيفة السيارة، ليقرأه كافة المهتمين والعاملين في هذا المجال, أما أستاذنا القدير الدكتور إبراهيم المشعل وكيل الجامعة والمتخصص في المجال فقد جاء مقاله عن مهنة الصيدلة في القرن العشرين يؤكد على ان: أهم الرهائن الأساسية لكل مجتمع يتطلع لمواصلة النهوض والتطور هو التكيف مع كل ما يستجد من معارف، ومهارات مختلفة في شتى حقول المعرفة والانتاج، والصيدلة كعلم متخصص وكمهنة تشهد,,, تسارعاً معرفياً هائلاً يحتم على المنتسب إليه من الناحية الأكاديمية والمهنية الانفتاح الكامل على ما تشهده من تطور في مجال البحوث والتقنيات المستخدمة حتى يكون مؤهلا للتعامل مع القفزات المتتالية في هذا الحقل وهو كلام هام على درجة بعيدة من بعد النظر يؤكد على ضرورة إعادة النظر في أهمية مواكبة البحث العلمي للمتغيرات الحديثة المنتجة والمطوِّرة ليس فقط على صعيد هذا التخصص في مجالاته وإنما أيضا كافة التخصصات العلمية,والنشرة تضمنت موضوعات أخرى جيدة في المجال.
أهنىء الدكتورة أمل بما قدمت وبكل ما حققت في وقت قياسي وأهنىء الجمعية بها، ومركز الدراسات,, وبأمثالها، حفظها الله.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
لقاء
تقارير واحداث
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved