Sunday 7th November, 1999 G No. 9901جريدة الجزيرة الأحد 29 ,رجب 1420 العدد 9901


على ضفاف الواقع
ما زال كفي خاوياً
غادة عبدالله الخضير

هذه الكلمات كتبت قديماً,, وهي جزء من رسائل لم تكتمل,, أو رسائل لم ترسل,, أو رسائل أرسلت لكنها لم تفهم!!
ها آنذا اكتبها من جديد,, ربما كي تكتمل,, وربما كي ترسل,, وربما كي تفهم!!
(1)
,,, لكنني بعد كل الذي قرأته أعدت الوقوف عند سؤالك الذي يتحدث عن كل الأسئلة,.
ما مقدار السعادة التي حققتها حتى الآن,, بعد أن حققت أكثر ما أردت؟!
ما مقدار السعادة؟!,, سؤال خارج,, الأسئلة!!
كأنك تسألينني,, ما عدد قطرات الماء في البحر؟!
أو حبات الرمال في صحراء الربع الخالي؟!
أو ذرات الاكسجين,, في هواء مدينتا الغارقة بضباب كل شيء؟!
إذن أخبرك ايتها الأعز ,, أنا سعيدة؟!
سعيدة, وجداً!!!
لكن مفهوم السعادة لدي بدأ يحمل بعداً مختلفا عن ذاك الذي شاع تداوله,.
سعيدة,, لأنني لم أفكر في شيء,, فلا شيء مهم,, ولا أهمية لشيء,, لم أعد أفكر فيما يضايقني,, لأن لا شيء بات يضايقني,, ماذا لو صعدت صحراء النفوذ بموازة قمم الألب,, أو هبطت قمم الألب بمحاذاة النفوذ,, لقد باتت الحياة تعودا في تعود,, لكنني لا أريد ل(لو) هذه أن تقتحم حروفي مرة أخرى,!!!
قرأت أيتها الأعز ,, حروفا جميلة للشاعر عبدالعزيز المقالح يقول فيها:-
منتصف النهار,.
ما زال كفي خاوياً,.
لم أتسلم بعد,, كسرة الإفطار,.
لكنني لست ككل يوم,.
أحلم بالرغيف عند الصحو، عند النوم.
في لحظة قتلت معنى الجوع,, في دمي,.
أصبحت أغنى,, أغنياء العصر!!
وأنا كذلك لم أعد ككل يوم,, أحلم بالغد,, أو أفكر بالأمس السعادة أنها (الآن),, حاضرك الذي تستطيع أن تجعله أمسا جميلا.
اقتنعت مؤخرا أيتها الأعز,, أنه كي نتخلص من اكثر أرق الكون فإننا يجب أن نعمد إلى أحد أمرين,, أولهما,, قطع ما نرغب من العروق,, وثانيهما الشبع مما نرغب,, حتى الزهد به,, الامتلاء بما نرغب,, هنا تستطعين القول أن ذلك هو السعادة أما غير ذلك فإن السعادة كالماء الذي يفسر بعد الجهد بالماء!! .
(2)
,,, أوراق عدة كتبتها,, امتلأت بشيء يشبه الشجن لكنني الآن وأنا أقرؤها لست متأكدة أنني كنت صادقة,, وأن الشجن الذي فاض من حروفي كان حقيقيا.
اضيف اعترافا إلى كل الاعترافات التي بحت بها في,, ذلك اليوم الذي تحول إلى أمس انني كنت عابثة وان الحزن الذي ارتسم على وجهي في ذات ذلك اليوم الذي تحول الى امس كان حزنا كاذباً,.
إذ,, يتفق للحزن أحياناً أن يخفي وراء ملامحه أكذوبة,, صغيرة,, تماما في ذات تلك اللحظات التي لا يستطيع الطرف الآخر فيها أن يتخذ شعورا واضحا,, ومحدداً,, عندها يتمسكن' الحزن,, فلربما,, تمكن !!
للصدق أقول,, وللذاكرة القادمة اكتب,.
إنني تمسكنت بالحزن كي ألفت انتباهاً وأن تلك الدموع التي ذرفت في ذات ذلك اليوم الذي تحول إلى أمس,, كانت هي الأخرى كاذبة,, لقد استعرتها من غيمة عابرة,, وحين انتهاء أعدتها,, دون شكر للغيمة!!
بعد ذلك العبث,, لم اكن لادرك,, ان كذبة صغرى للحزن,, قد تدخلني الى حقيقة عظمى من الألم,, وان تلك الغيمة العابرة قد باحت بسري انتقاماً,, لانني لم اشكرها!!.
لكنني الآن,, اقسم انني,, سأقول الحقيقة,, لنتذكر سويا,, ذلك الذي,,,)!!.
(3)
(,, لنقل انني اتحدث عن اصغر الأشياء عندما أود الحديث عن عظيمها أو كبيرها,, الأشياء الصغيرة هي ذاتها,, التي تقودني,, الى ذاكرة أكبر,, وأرحب,,
صباحاً,, في تمام الساعة الخامسة والنصف,, ادركت فعلاً انني فقدت قدرتي على الانتباه للأشياء وبدأ من حولي يدركون ذلك,, فيعمدون الى اختيار (مواقع) مناسبة وذات علاقة روتينية معي كي يلفتوا انتباهي لما يودون قوله، فلقد وجدت هذا الصباح ورقة صغيرة علقت بطريقة مبتكرة على فرشاة اسناني كتب عليها,, بعض الكلمات ذات الأهمية المهم,.
فرشاة الأسنان - وعذراً لغرابة الامر - أصبحت رمزا من الرموز التي تعمل على فتح الذاكرة ومن ثم استدعاء ما ارغب وما لا ارغب,.
اتذكر,.
عندما وصفت لي ذلك الدواء، الاعتلال وقع في صحتي,, اخبرتك حينها: من يهب الذاكرة القدرة على تذكر ان هناك دواء يجب ان اتجرعه كي اشفى؟!
اخبرتني بذات البرود الذي يسكن القمم,, ضعيه بجانب فرشاة اسنانك!!!,.
يا الهي,, من يحمل رأسي الى قمة البلادة,, فلقد تحولت فرشاة الاسنان مهملة الذاكرة,, الى رمز,, يتكرر في اليوم مرات عدة,, المهم,, من كل ما سبق,.
لماذا يعبث الآخرون برموزك,, بعد ان تهبها للذاكرة,, هبة الكريم,, بلا حساب؟!.
لماذا يكثرون استخدامها؟! لماذا يكتظ النشاط الجماهيري حولها؟!!
ألم اقل لك ان اصغر الاشياء تقودني الى (براح وجودك في ذاكرة العمر)!!
(4)
(,,اعترف,, انني لا استطيع ان اقول كل ما يدور بعقلي او ان اعبر عن كل ما يخزنه صدري,, ذلك لانك بحرص,, ودون ان تعلم,, جعلتني امتلئ,, بأن الحب العظيم,, لا يأتي الا من كتمان عظيم,, ولكن أيأتي العذاب منمقاً الى هذه الدرجة؟!! الحياة يا سيدي تؤخذ غلابا).
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved