Sunday 7th November, 1999 G No. 9901جريدة الجزيرة الأحد 29 ,رجب 1420 العدد 9901


لما هو آت
العالم الإسلامي ومصادر المعلومات عنه
د ,خيرية إبراهيم السقاف

كان الموضوع على درجة بالغة في الأهمية (مصادر المعلومات عن العالم الإسلامي) ندوة كبرى عُقدت في الأسبوع الذي عبر، جنَّدت لها مكتبة الملك عبدالعزيز، ووزارة الشؤون الإسلامية، والبنك الإسلامي للتنمية كافة الجهود، وسخَّرت لها أوسع الاتصالات، ورشَّحت لها المختصين الذين واصلوا الباحثين، وجمعوا الأعمال، وحكَّموا الدقيق والموضوعي، وتخيَّروا الأصدق الأوفى، ورضُوا بما يحقق هدف الندوة، فجاءت هذه الندوة ممثلة لهذا العمل الكبير، مجسِّدة لهدفها، وجاء لها القوم من كل صوب، توحدت اهتماماتهم، واجتمعوا حول غاياتها، مؤكدين هذا النَّهم في المعرفة المحددة الغرض، للوقوف على مصادر هذا العالم الإسلامي الثرّ، تلك التي تعطي إضاءات نحو أين، وكيف يقف المرء على تراث هذا العالم، وكيف يكوِّن الحجة من أجل المنافحة له، وكيف يتعرَّف على الطرق القصيرة، بل الأقصر كي يلج منها إلى خزائن ثرائه، وحكمته، وقدراته، ومواقفه، وضماناته، وقوانينه، وتشريعاته، وجذور قوته التي جعلت منه سيداً على الأرض إبان سطوته، ونجاحاته، وقوته,,,، مكتوباً، أو مرسوماً، أو منقوشاً، أو مرمَّزاً، أو مسكوكاً،,,, وليس بعد أن تشتت، وخارت قواه، ووهن ظهره، يوم كان يبني مجده، ويُسجَّل له في أثره، لا يوم ضاع مجدُه، وفُرِّط في أثره، وأصبح تأريخاً يُقرأ، وحكاية تُروى، وقصصاً تُكرر، يوم كان له رموزه التي تُقتدى، ومشاعله التي يُستضاء بها، لا يوم أصبح رموزه مجترين يأكلون من ريح الماضي، ويقتاتون الذكريات,,,، ويفاخرون بما كان، ولا يصنعون ما يكون,,,،
راقبت العيون والأوجه بأكثر مما تابعت في أول جلسة لي,,، فالرجال هناك,,, والنساء هنا وبينهم أجهزة متلفزة، ومقربة، ولاقطة للصوت، وللترجمة، والكل منهمك يسمع، ويداخل، ويستفسر، والمحاضرون، والمحاضرات في لغاتهم المختلفة، يطرحون ثراء تراث هذا العالم الذي كان مترامي الأطراف، موَحَّد القضايا، مركَّز الجهود نحو غايات واضحة,,,، راقبتُ العيونَ مندهشةً لهذا التلهف العجيب، والنَّهم الشديد الذي جاء بالقوم من كل صوب، ليس فقط من المهتمين، والمهتمات بأمور التاريخ والتوثيق، بل من مختلف التخصصات,,,,، وليس فقط من الداخل، أو الخارج من أصحاب اللغة الواحدة، بل من الداخل، ومن الخارج ممن تختلف ألسنتهم، وتتعدد لغاتهم،,,, ثم عدت بدهشتي دون أن أتساءل لماذا؟ ذلك لأن من حضر أيضاً لا يُمثل في الواقع ما كان يُفترض، إذ بكل المقاييس، ظل الحضور أدنى من التوقع، والأمر لا يحتمل هذا الغياب، فالعدد أقل مما كان لابد، ومما يواكب الجهود التي تناسب الموضوع، موضوع الندوة، فالناس لا تزال بعيدة عن (الانفعال) اليقظ نحو قضايا هذا العالم الإسلامي,,,، والناس في الغالب مبهورة بمعطيات العالم الجديد، والمتربعين على عرشه، هذا الذي نشأ في غفلة هذه الأمة، وتخطى بمنجزاته، ومسخرَّاته، كافة ما كان يتوقع أن يفعله هؤلاء القوم الذين سادوا بكلمة اقرأ ,,,، ثم ناموا فبادوا,,,، فلا تغضبوا غضبة الجاهلية مما أقول,,,، فهؤلاء الذين أصغوا، وتابعوا، قد وقفوا على شيء غير قليل من قضايا المعلومات عن العالم الاسلامي، تلك التي عجزت مصادره الحديثة عن بلوغ الحجة، إلا ما كان فيها من اجتهادات الأفراد، وبعض المؤسسات التي لا تغطي مساحة العالم الاسلامي، ولا تمثل عدد أفراده، هذه المؤسسات تحركت، واتجهت إلى فعل شيء ما، وذلك بتحريض الوسائل الحديثة كي تفعل شيئاً من أجل حصر مصادر هذه المعلومات، بدءاً بما تحتويه المكتبات متناثراً في اصقاع بعيدة، ومشتتة في العالم الكبير، وما تشمله من الآثار، والنقوش، وانتهاءً إلى ما يمكن أن تقدمه الوسائل الحديثة من خدمات لتسهيل أمر حصر مصادر المعلومات، بل المعلومات ذاتها التي تكوِّن الحجج للباحثين، والمنافحين عن قضايا هذا العالم، الذي وهن بين قوى الضلال، والمادة، واختلاط المفاهيم، وتلوين الثوابت، وزخرفة الحقائق,,,، جاءت هذه الندوة الكبرى في وقت جيد من أزمنة العالم، الذي يمر بمراحل تغييرية على درجة من الأهمية، تعزز ثقة القوم في أنفسهم من خلال آثارهم,,,، والأمل أن تكون قادرة على أن تبعث فيهم روح العمل من أجل محاكاة هذا الماضي التليد، الذي يتبين فيه الإبداع، وتظهر فيه القدرات، ويتضح من آثاره كم من الأسس التي بنى عليها مجده,,,، الذي ضيَّعه أبناؤه,,.
فمراحل التغيير التي يمر بها القوم ليست تقف عند المنعطف التراثي، ولا التأريخي منه، بحاضره الذي يشمل ماضيه، وإنما تتعرض إلى كافة المنعطفات البيئية، والطبيعية، والثقافية، والاقتصادية,,,، وما حركة الكرة الأرضية الطبيعية تحت أقدامنا بزلازلها، وبراكينها، وصقيعها، وزمهريرها، وأتونها، وأعاصيرها، إلاَّ علامات واضحة لهذه المتغيرات، وما إنجاز الإنسان فوقها، ونفوذ سلطان علمه إلى ما هو عليه من الاكتشافات المذهلة، والتطويرات الصارخة، والتغييرات الشاملة في دوائه وأدوائه، ومُعيناته ومشكلاته، ومفرحاته ومحزناته، إلاَّ دليل مرور هذا الزمن بمنعطفات تأريخية هامة وأكيدة,,,، تحتاج إلى يقظة أكبر من مجرد إدراك عابر في ندوة يتيمة، تذكر القوم بأن لهم آثاراً يمكن أن تُوَثِّق مصادر الوصول إليها، للاطلاع والعلم,,,، بل للعمل والعمل، وللأمل والحلم، وللحفر والبناء، وللتخلي عن الكسل، ونبذ روح الاتكال، والتقاعس، وللفظ الرغبة في التظاهر، وتدجين الطموحات، ولبلورة قضية خاصة بالمسلم، في صدرٍ مليءٍ بالإيمان بها,,,، وبالثقة في القدرة على استعادة زمام السطوة على ثغور الحياة بالإيمان، والعلم، والعمل,,,،
وسلامٌ على كل من جاء كي يتلمس وسيلة من وسائل التعرف على مصدر الثراء في تاريخ عزيز, كي يتأمل، ويحلم، وينهض، ثم يفعل,,, ما شاءت له مشاعره في لحظة التوقد.
جسر:
** لكل الذين هاتفوني وزاروني، وكاتبوني من المسؤولين في وزارة الإعلام، المعارف، الجامعة، الزملاء الكتاب ومسؤولي الصحف، والمحررين، والزميلات الكاتبات، وطالباتي العزيزات، والقراء والقارئات الأعزاء، وزميلاتي أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، شكراً، شكراً، شكراً,,.
وسوف أحتفظ بجميل المشاعر، وسوف يتحمل هذا القلم مسؤولية هذه الثقة، وسوف أدعو الله أن يجعلني دوماً في مكانتي هذه عندكم، فأنتم المقصد، ولكم التوجه، ومنكم الحافز، وبيني وبينكم زمن وحب وتواصل لن ينتهي بإذن الله.
** لكل من هاتفني يسأل عن العنوان: الرياض 11683 / ص ب 93855.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
ساحة الرأي
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved