إيمان,, إيمان,, ,,أين انت,,؟!
كعصفورين تُفزعهما بندقية صياد محترف، يهجم على فريسته وهي ساهية، هجم علينا نداؤها، وذلك بعد ان تقابلت شفاهنا في نقطة تقاطع، لم يضىء فيها سوى الضوء الأحمر المشتعل في شفتيها، وسنا عينيها كاد أن يثبت إلى عيني,,!! حيث تشابكت اصابع يديّ خلف خصرها، وتدثرنا بصمت الزمان والمكان,.
هجم علينا نداؤها كشبح قادم من الأزل، سدت بهامتها باب المطبخ، فتحول في عينيّ ككهف مظلم، يشع بالخوف ولا ينطق فيه الضوء، إلا السنا الصادر من عيني إيمان,,!!
تتقدم نحونا بخطوات جلاد لا يعرف إلا وقع سوطه على جلود الأبرياء وبأنفاس تشبه فحيح النار من فم تنين لم ينقرض بعد,,!1
اخذت اتراجع للوراء بعد ان انزلقت شفتاي من شفتيّ إيمان المنفرجتين وسط ذهول يخنقنا وتبقى إيمان الصامتة تواجه القدر المخيف لوحدها، وانطفأ السنا الذي كاد ان يثب إلى عينيّ,,!!
إيمان المسكينة علقت عيناها باليدين المشمرتين حتى المرفقين اللتين تتقدمان نحوها!!
يلتحم ظهري بالبراد، في علاقة ود حميمة فتسري إلى جسمي حرارة وبرودة في نفس الوقت، كأني التصقت بقالب ثلج,,!!
مازالت يداها تتقدمان ببطء شديد نحو إيمان، الفاقدة القدرة على النطق، ففي ثوان تحولت المسكينة الى طفل رضيع لم يحترف الكلام بعد,,!!
يتقافز بصري بينها وبين إيمان الصامتة كسندان الحداد منذ ثلاث سنوات بعد أن مات والدها وهي ابنة خمس عشرة سنة, فلم اجد بداً من ان اتبناها مع أني ابعد اقاربها صلة بها، ولكن حماسة شديدة أخذتني حينها بعد ان تخلى عنها زوج أمها السكير، او هربت منه بعد أن ادركت شذوذه,,!!
في أول ليلة التقيت فيها بإيمان، كانت ذرات الكحل تملأ عينيها المغرورقتين بالدموع، وصوتها المتهدج يرجوني أن أؤويها,,!! منذ ذلك الوقت ادركت ان لعينيها إغراء لا حدود له، قادرا على ان ينتشل أي انسان من عالمه الوحشي المظلم الى عالم آخر كله احلام ورؤى لا توصف!!!
إيمان,, إيمان,,ماهذا؟!
اللهم اجعل في سمعي نوراً وفي بصري نوراً,, علا صراخها هذه المرة فتراجعت إيمان متهادية كقطار عزم على التحرك وعيناها لا تزالان عالقتين باليدين المشمرتين الى المرفقين والمتحركتين في تصارع نحوها,.
التصقت إيمان بالحائط حتى تحولا الى كتلة خرسانية واحدة، وامتقع لونها حتى تحول الى نفس لون الحائط أصفر فاقعاً,,!!
مازالت يداها تتخبطان في الهواء بحثاً عن شيء ما,, اخيراً ادركت عنق صنبور الماء، فادارت مقبض الاحكام فتدفق الماء بين يديها,, وهي تتمتم,,إين إيمان ياترى,,!!وتجيب في نفس الوقت,, لعلها نائمة في غرفتها,,تتأكد زوجتي من تشمير ساعديها، وتبدأ في الوضوء وهي تدعو:يارب لا تحرمني نعمة البصيرة.
منير عوض