مضى زمن طويل لم تكتحل فيه عيناي برؤية اي موقع من القصيم، فانطوت الذاكرة على صورة ضبابية تحمل رتوش حياة وأسلوب تفكير ونمط عيش احتضنتها القصيم في تلك الايام الخوالي.
في الذاكرة صورة المدينة القديمة والقرية العتيقة والهجرة المتواضعة، وفي كل هذا السكان الهانئون بهدوء العيش وبساطة المعاش، تتناغم حياة بعضهم مع تناغم وادي الرمة وتعرجه، والبعض عقيلي بمفهوم عصري، وآخرون كادحون في وظائف مختلفة، وعلماء وطلاب علم برزوا وبرعوا.
كم من زمن مضى، وكم من زمن آني حمل بينهما تطوراً في زخم الحياة يلمسه القادم الذي غاب فكان له المقارنة.
ففي كل منحى عام تلمس جهد فيصل بن بندر، وفي كل منحى نسائي على الأخص تلمس جهد نورة بنت محمد، إحداهن تقول: كان التواصل بيننا كنساء في مدن متفرقة في القصيم ضعيفاً حتى قدمت نورة بنت محمد فقصرت تلك المسافات الفعلية والعاطفية .
قدمت نورة بنت محمد من ابها وهي تحمل طموح مستقبل ابهى لنساء القصيم، فوحدت الجهد، وزرعت الثقة، وغرست الحب، وفعلت التواصل، ورغبت في العمل، واشعلت جذوة الحماس، وارتقت بالفكر، ودفعت بهما الى الأمام، فاحتضنت نساء القصيم فالتففن حولها فحصدت عاطفة دافقة ومودة صادقة وحصد المجتمع النسائي عملاً جاداً وانتاجاً مثمراً.
كانت ايام القصيم رغم قصرها حافلة بالنشاط والحركة، حيث اتيح لنا ان نتجول وان نقف على معالم توضح نشاط المرأة في القصيم واسهامها في الرقي بمجتمعها، وان نتعرف عن قرب على مسؤولات واعيات يبذلن جهداً ويسعين الى القيام بدور فاعل.
كان التنقل بين مدن القصيم فرصة لنا للوقوف على ما تشهده المنطقة من تطور عمراني ونمو حضاري وتوسع في الحركة التعليمية، والأهم من كل ذلك تلك الحميمية في الاحتفاء التي حظينا بها من زميلات واخوات فاضلات بذلن كل ما في وسعهن لتعريفنا بنشاط المرأة في القصيم.
ان الرحلة على قصرها كانت فرصة ثمينة لي على وجه الخصوص للتواصل مع جزء عزيز على نفسي، أشعر اليوم بحنين دافق اليه، واتمنى ان يتاح الوقت لي لتكرار مثل هذه الزيارة، فهناك الكثير مما يستحق المشاهدة، ثم هناك الكثير من المعالم والآثار التي ترتبط في ذاكرتي في احداث ووقائع كتبت عنها نظرياً سيكون الوقوف المباشر عليها مفيداً في انتقال الى لحظاتها في ذلك الماضي.
أخيراً:
ان الواجب يفرض علي ان اتوجه بالشكر الى سمو الاميرة نورة بنت محمد التي اتاحت لي وللزميلات فرصة التواصل مع منطقة عزيزة، كما ان هذا الشكر موجه الى الأخوات عضوات اللجنة النسائية في القصيم اللاتي بذلن ما في وسعهن بالاهتمام والاحتفاء، ولجميع الأخوات في كليات التربية في بريدة وعنيزة والرس، ومكتب الاشراف التربوي في بريدة والرس والمكتبة النسائية الصالحية في عنيزة، وحضانة الرس والقرية الشعبية في الرس.