يقول المثل: دار في غير بلدك لا لك ولا لولدك .
وهذا المثل ينطبق على كل مملوك، منقول او غير منقول، ويصدق هذا المثل كثير من الاحداث التي جرت في هذا العصر على الاموال والممتلكات في كثير من البلدان الغربية والعربية، ومع ذلك فكثيرون ما يزالون في غفلة عما يراد بهم ، هذه ناحية,.
والناحية الاخرى ان علينا حقا للوطن لابد من ان يتقاضاه من كل واحد منا، وهو تقاض لا ينقص من مالنا شيئا، بل يزيده بما يحفظ لنا حقوقنا ويجعل ممتلكاتنا في امان ثم ان هذه الممتلكات تظل تحت ايدينا نصرفها كيف نشاء متى شئنا من غير ان نرهق انفسنا بالاسفار او حتى الاتصالات التي لايمكن ان تكون مجدية كجدوى كون اموالنا وممتلكاتنا تحت ايدينا مباشرة.
ولن نذهب بعيدا فرجال الاعمال السعوديون الذين اقبلوا على استثمار اموالهم في الداخل، ونجاح مشاريعهم اكبر شاهد على صدق ما اقول.
وهناك مثل آخر يقول:
مال تودعه بيعه
والامثال لا تأتي من فراغ، وانما هي ثمرة تجارب بشرية ربما تكون غاية في الصعوبة وهذا معلوم عند كل الناس، ولكن من يتعظ؟.
ان جميع المجتمعات توجه كل طاقاتها المادية والفكرية والفنية الى داخل بلدانها ايمانا منها بان ذلك هو الاجدى لها ولمجتمعها بعامة، ولا يلتفت اولئك الى الخارج الا بالقدر الذي يخدم هذه الاهداف الوطنية لديهم، ولذا نجد ان النجاح عندهم اظهر منه عند غيرهم الذين يعمدون الى استثمار طاقاتهم خارج بلدانهم.
وبلادنا ما تزال بكرا، ومجالات الاستثمار فيها رحبة، بل هي ارحب مما قد يتصوره البعض ، وبخاصة في ميدان الصناعة والاشغال العامة.
لكن لا يجوز ان يكون ذلك على نحو ما يفعله البعض من ان يكون الاسم للسعودي، والاستثمار الصحيح للوافد الذي يستنزف ثروتنا المالية بتحويلها الى الخارج.
ان مثل هذا العمل خيانة وطنية، الى كونه يعرض السعودي الى مخاطرات مالية وقانونية قد يتأذى منها، وربما قضت عليه وعلى آماله وطموحاته.
ليس من العيب ان يبدأ الانسان في مشروعه بداية ضعيفة ، فالسيل اوله قطرات، وانما العيب ان يضع لحيته في كف من لايرحمه.
ومن المسلم به ان على الغرف التجارية في المملكة العربية السعودية نصيبها من المسئولية عن توجيه الاقتصاد السعودي في البلاد من طريق مراقبته ، المراقبة الجادة والعمل على توجيهه الوجهة الصحيحة التي تخدم هذه البلاد وتحفظ لها ثروتها التي تستنزف من طرق ملتوية قد يسهم فيها بعض المواطنين غير المدركين لخطورة مثل تلك الاعمال.
ومما يساعد على وفرة العائد الاستثماري داخل البلاد الاستقرار الذي ينعم به الاقتصاد السعودي، وليس صحيحا ما اثارته بعض وسائل الاعلام منذ سنين تقريبا من تشكيك في قدرة الاقتصاد السعودي على الثبات بل والاستمرار في التطور، وهذا ما رد عليه الدكتور ابراهيم عبدالله المطرف في كتابه في الاقتصاد والسياسة حيث نفى تلك الشكوك ودلل على قدرة الاقتصاد السعودي على التكيف بثلاثة ادلة وذلك في قوله: لو نظرنا الى الاسباب الرئيسية التي دفعت بالمراقبين الاقتصاديين لتلك النظرة المتفائلة للمستقبل الاقتصادي السعودي لوجدنا انها تنبثق من اسباب ثلاثة رئيسية ووجيهة:
اولها: النمو المتوقع في صادرات وايرادات النفط السعودي في حقبة التسعينات وما بعدها.
ثانيها: السياسات الاقتصادية المحكمة وفوائض الميزان التجاري.
ثالثها: الخطط التنموية والتطور التنموي في المملكة,, ثم بسط الحديث في شرح هذه بما لا يتسع له مثل هذا المقال.
وايضا فمما يجعل الفرصة في الاستثمار اوسع امام المواطن التشجيع الذي يلقاه القطاع الخاص من الدولة السعودية، والعمل على تذليل الصعوبات التي تعترض المستثمر على نحو لا يوجد له مثيل في كثير من البلدان.
ولا تنسى ماللبنوك والمصارف من اثر في النمو الاقتصادي وفي اكساب المستثمر نوعا من التماسك في سيره، ولكن هل ما قدمته الغرف التجارية والبنوك كاف؟
وهل اقبل المواطن على استثمار تلك التسهيلات والاسهامات؟
ثم هل عمل الاعلام بشتى وسائله على توعية المستثمر السعودي بالاخطار التي يمكن ان يقع فيها؟
وبالمنافع التي يجنيها من الاستثمار في الداخل؟
وبالضمانات التي تكفلها له الدولة؟
اسئلة تطلب اجابات مفصلة وتدعو الى عمل جاد اكثر في هذا الميدان الذي يسهم في النمو الاقتصادي من ناحية، ومن ناحية اخرى يحفظ للوطن رؤوس اموال اهله ويعمل على تنميتها على الوجه الصحيح.
ومسألة اخرى تتصل ببعض الوكالات وبالاقتصاد ايضا، تلك التي تستورد نوعا معينا من الاجهزة، فاذا نفذت الكمية تخلت عن التوكيل او اختفت ، او سلكت اي طريق اخر للتخلص من مسئولية هذه الاجهزة، فاذا بحث المواطن عن قطع غيار او اراد اصلاح جهاز لم يجد قطعا ولا فنيا ، فكيف يقع مثل هذا العمل غير المشروع؟.
أليس من واجب الغرفة التجارية ووزارة التجارة مراقبة هؤلاء ومحاسبتهم؟.
وقبل ذلك أخذ التعهد عليهم حين يتقدمون طالبين الترخيص لهم بالقيام بمثل هذا العمل، لان حفظ حق المواطن في مثل هذا من واجبات هاتين المصلحتين.
ان الضمانات التي تعطى للمواطن من مثل هؤلاء المحتالين تصب عديمة الفائدة ما دام الامر كذلك بالنسبة لهؤلاء المحتالين ، فكيف يترك لهم الحبل على الغارب كما يقول المثل.
انا لا اعني الاجهزة التي مضى عليها عشرون سنة مثلا ، وانما اعني هذه التي تشتريها وبعد سنتين او ثلاث تصبح خردة، فهل يجوز مثل هذا,؟
لقد كانت هذه الموضوعات وما اشبهها مجال احاديث مجموعة من الشباب جمعتهم جلسة في منزلي في ليلة كانت تحية للصديق محمد بن عبدالله بن بليهد ، بمناسبة عودته من الولايات المتحدة الامريكية، حاصلا على شهادة الماجستير في الاقتصاد.
وكنت اردت الكتابة فيها، بل اني شرعت في ذلك ثم شغلتني امور أخرى انستني هذا الموضوع، فلما جد نقاش بيني وبعض الزملاء كان مشبها لتلك الاحاديث تذكرت ماشرعت في كتابته فعدت اليه.
ولان الاحاديث في تلك الليلة كانت ذات شجون فقد اردت مشاركتك ايها القارىء فيه، لانه يمس قضايا ذات اهمية في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية ايضا.
واظن ان مثل هذا ليس في حاجة الى تدليل عليه.
ولكن هل ستنام هذه الكلمات دون ان تبعث شيئا من تنبيه ربما،وربما كان لها من الحظ ما يجعلها ذات اثر طيب، هذا ما اتمناه كثيرا، وهذا ما من اجله كتبت هذه الكلمة.
|