ابتداء من شهر ذي القعدة 1417ه بدأت الاستعدادات لمعرض الصناعات الوطنية والذي اسعفه الحظ هذه المرة ان يكون متواكبا مع الذكرى المئوية لتأسيس المملكة العربية السعودية، وكان مقررا لهذا المعرض ان يقام في 5 شوال 1419ه ثم تأجل الى بداية العام 1420ه وتم التنويه عن اقامته ليزامن مناسبة اخرى وهي المؤتمر الخامس لرجال الاعمال السعوديين الذي عقد في الرياض في الفترة من 28 الى 30 رجب 1420ه.
وامام هذه الفرص وانضمام المعرض الى مناسبات تجارية وصناعية متعددة كان هناك توقعات عززتها الحملة الاعلامية والتصريحات لكبار المسئولين بالغرفة بدءاً من وزراء ورجال اعمال وانتهاء بمسئولين بالامانة العامة لغرفة الرياض، وكانت تلك التصريحات تتفق على ان معرض الصناعات الوطنية يعد من المناسبات ذات الحيوية الاقتصادية في الذكرى المئوية للتأسيس.
ويشاهد المتجه بسيارته مع افراد عائلته او اصدقائه السور الخارجي لمركز معارض الرياض على طريق الملك فهد وقد تلون باللون الطيني المشرّف تأسيا بالمباني والساحات العامة في المدن النجدية.
وانضمت وزارة الصناعة والكهرباء الى الحملة وشاركت بالمعرض ليصبح مسمى المعرض الجديد معرض الصناعات الوطنية والكهرباء.
وكانت اولى طلائع المفاجآت ورود انباء عن انسحاب عدد من الشركات لاسباب تتعلق بعدم مقدرة الادارة العارضة على تحقيق مبدأ اجتماع العارضين والمشاركين بجدية هذه المناسبة وجدواها, وكان من الاجدر بالشركة التهيئة الاعلامية الاشمل واستغلال الظروف والمناسبات لتسويق الساحات التي تحولت للاسف الى ساحات خالية من العارضين.
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض هذه المناسبة وتجول في معرض الصناعات الوطنية الذي بلغ عدد المشاركين من العارضين 62 عارضا فقط وتحول المعرض الى صدمة لكل من تجول في المعرض حيث خلا من اكثر العارضين ظهورا في العشرين عاما التي تعد العمر الزمني للمعرض.
ان اسناد المعرض بالادارة والتخطيط الى شركات لا تملك الخبرة الكافية ولا المعرفة على تحقيق رغبات العارضين وتطويع المناسبات الوطنية واستغلالها هو السبب الوحيد وراء احجام الشركات من الدخول في هذا المعرض.
ان مناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة من المناسبات النادرة فهي ليست مناسبة دورية او فصلية او سنوية او حتى عشرية انها تمر بعد كل مائة عام فالاجيال التي تعيش هذه المناسبة لايمكن ان تعيش المئوية القادمة فهي مناسبة واحدة في العمر لمن منحه الله بسطة من الزمن، فما الذي يمكن لمناسبة عظيمة نادرة ان تستقبلها المؤسسات والهيئات العامة والخاصة على اختلاف نشاطاتها وتنوعها.
لقد اتسمت معارض الصناعات الوطنية التي شاهدناها في مركز المعارض بكثافة العارضين والمشاركين والمرتادين لتلك المعارض فكانت عبارة عن اسواق سنوية تعزز مفهوم الصناعة الوطنية في ذهن الجمهور , وكانت تلك المعارض يتم اسنادها الى شركات متخصصة ذات خبرة عريقة تزيد عن عشرين عاما وكان يسبق كل معرض دعم اعلامي وصحافي متميز كما يحبه العارض نفسه بكل الحفاوة والتقدير بالرغم من انه اول المستفيدين من المعرض، ولكن المؤسف هو ما وقع في معرض الصناعات الوطنية والكهرباء الذي تم التنويه عنه على انه احدى المناسبات المئوية.
المتجول في هذا المعرض لايرى سوى مساحات شاسعة وكأن المعرض مخصص لاحدى ساحات الاطفال.
ولكن ما السبب في هذه الصدمة؟ ولماذا لم تشترك المؤسسات والشركات والمصانع الكافية لاقامة المعرض وهل الجهة المشرفة على المعرض لم تقم بمراقبة خطوات العمل طيلة العامين الماضيين؟ وهل الشركة المنظمة للمعرض تمتلك المقدرة والخبرة الكافية لادارة هذا النوع من المعارض؟.
السبب في هذه الصدمة هو شكل العرض وعدد العارضين الضئيل الذي لايرقى الى مفهوم كلمة معرض الصناعات الوطنية، فالمصانع في مدينة الرياض تزيد على الف مصنع منتج في حين يزيد عددها في انحاء المملكة على ثلاثة الاف مصنع منتج، اما المشاركون فلا يزيد عددهم عن 62 مشاركا فقط، ومن هنا جاءت الصدمة التي ظهرت آلامها على وجوه الحاضرين اثر افتتاح المعرض وهي لحظات اشترك فيها سمو امير منطقة الرياض ومعالي وزير الصناعة والكهرباء ورئيس مجلس ادارة غرفة الرياض.
اما عدم اشتراك المؤسسات والشركات والمصانع الكافية لاقامة المعرض فتعود الى اخفاق الجهات المشرفة والمنظمة بعدم الوصول الى قناعة العارضين والمشاركين بجدوى التأخير وانه يعود لمصلحتهم حيث ان التأجيل اتاح العديد من المناسبات دفعة واحدة بما يعزز وضع المعرض ومدى تحقيق الاستفادة منه اعلاميا لصالح العارضين.
وعلى مدى عامين اي منذ شهر ذي القعدة 1417ه كان بامكان الجهة المشرفة على اقامة المعرض وضع مراقبة دقيقة لحفظ التوازن في الوضع الزمني والوهج الاعلامي وتحقيق مفهوم معنى الاشتراك للعارضين ومتابعة الشركة المنظمة للمعرض ودراسة اسباب الاخفاق منذ اللحظات الاولى لظهورها ومعالجتها في الوقت المناسب، والجهة المشرفة لم تقم بأي من هذا الجهد بل تركته في ذمة الله ثم ذمة الشركة المنظمة للمعرض.
وحتى يكون هنك ضمان للنجاح وتحاشي أي اخفاق مرتقب يجب اسناد المعرض الى شركة ذات عمق وخبرة في ادارة المعارض التجارية والصناعية واذا كانت الجهة المشرفة تنوي معاقبة الشركة المنظمة فيجب ان تأخذ في اعتبارها ان من اهم الامور التي يجب اخذها بالحسبان تكمن في حسن اختيار الشركة المنظمة لا في البحث عن سعر مناسب يكون في النهاية سعرا معنويا اذ لا يوجد بائع او مشتر في نهاية المطاف.
الشركة المنظمة لايمكن ان يوجه اليها اللوم، فهي شركة ناشئة وصغيرة وذات أفق لا يحتمل إلقاء اللوم عليها في عدم النجاح فأمامها الوقت لكسب الخبرة في هذا النوع من المعارض قبل ان تزج بنفسها في مناسبة نادرة كهذه المناسبة وانما اللوم يقع على من اختار الشركة ورشحها لادارة المعرض وتنظيمه.
ان مناسبة نادرة مثل مئوية التأسيس يجب ان تخضع لاختيار الافضل والاكفأ والاقدر فهي المعايير الوحيدة لمثل هذه المناسبات اما تشجيع الشركات الناشئة على اقامة المعارض فيجب ان يكون في اطار تلك المعارض الدورية التي تعقد كل ستة اشهر او تلك المعارض الدورية المتخصصة او المعارض المخصصة لجمعيات او هيئات حكومية واهلية يمكن ان تتكرر خلال العام مرة او عدة مرات.
مسؤول في شركة معارض الرياض المحدودة لم يعلق على هذا المعرض عندما سأله الصحفيون اثناء هذه المناسبة عن قلة عدد العارضين بل اكتفى بالقول ان الشركة لا علاقة لها بادارة وتنظيم هذا المعرض.
|