Tuesday 9th November, 1999 G No. 9903جريدة الجزيرة الثلاثاء 1 ,شعبان 1420 العدد 9903


مواصفات التميز بين السنة والواجب
د/ مفرج بن سعد الحقباني*

تحرص حكومة هذا البلد رعاها الله على خلق جو تنافسي شريف لتشجيع أبنائها باختلاف تخصصاتهم واهتماماتهم على التنافس في سبيل خدمة الوطن وتحقيق أهدافه التنموية المتشعبة ولعل الجائزة التي وافق مجلس الوزراء الموقر على تخصيصها للمتميزين من رجال الأعمال في جلسته التي عقدها يوم الاثنين الموافق 23 رجب 1420ه تمثل الجديد في هذا التوجه المبارك, ولقد حدد مجلس الوزراء شروط ومتطلبات الحصول على الجائزة والتي يمكن من خلال النظر إليها التعرف على أهم -وليس كل- المحاور التي تحظى بعناية واهتمام الدولة رعاها الله وذلك على النحو التالي:
1 توظيف وتدريب الأيدي العاملة السعودية باعتبارها أساس التنمية ومصدر الأمان المستقبلي لكافة جوانب الحياة المختلفة حيث أكد مجلس الوزراء الموقر على ضرورة ان يكون المرشح قد أسهم وبشكل فعال في توفير فرص العمل للمواطنين وتحقيق النسبة المطلوبة سنوياً على الأقل في الشركات والمؤسسات التابعة له، وأن يكون للمشروع اهتمام بتأهيل القوى العاملة السعودية وتدريبها, وفي هذا الخصوص نشير إلى أن حق المواطن في الحصول على فرصة عمل مناسبة قد تصدر اهتمام المجلس في أكثر من جلسة، كما أن هذا الحق قد نصت عليه الأنظمة والقرارات المختلفة التي أصدرها المجلس لتنظيم سوق العمل السعودي, ولعل أحكام توظيف السعوديين التي اشتمل عليها نظام العمل والعمال والقرار رقم 50 الخاص بتحديد نسب السعودة المطلوبة خير مثال على حرص المجلس على تأكيد هذا الحق المشروع وعلى أهمية تثبيت هذا الحق على أرض الواقع, إلا أن المتابع يلاحظ تقاعس الجهات المسؤولة عن متابعة تطبيق وتنفيذ هذه الأنظمة والقرارات مما قاد اقتصادنا المحلي الى حالة غريبة تحول بموجبها صاحب الحق إلى متهم بل وفي مناسبات كثيرة إلى مذنب ومقصر وكسول وغير ذلك من الصفات التي أصبحت تلازم الشباب السعودي الطامح إلى أداء رسالته الوطنية من خلال مشاركته الفاعلة في المشاريع الاستثمارية المختلفة, أعتقد أننا لم نكن نحتاج إلى استدرار عطف المستثمرين لتحقيق ما كان يجب عليهم تحقيقه لو قامت الجهات المعنية بمسؤولياتها الوطنية تجاه هذه الأنظمة والقرارات لكن الواقع حتم عليها البحث عن البديل الأكثر ملاءمة في الوقت الحاضر, وهنا أتمنى ألا يكون البديل هو الأساس إذ يجب على كل جهة حكومية معنية بمراقبة وتنظيم سوق العمل السعودي أن تقوم بواجبها حتى لا يصبح من يقوم بواجبه مستحقاً لجائزة وحتى لا يشعر المستثمر السعودي أن توظيف وتدريب الشباب السعودي أمر يأخذ حكم السنة التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
2 أكد مجلس الوزراء على ضرورة أن يكون المرشح للجائزة مختصاً في انتاج منتجات تحظى بطلب محلي قوي أو أن تكون المنتجات موجهة للتصدير الى الخارج, وفي هذا الخصوص نشير إلى أن الهدف من اشتراط مثل هذه الصفة يتمثل في المحافظة على استقرار الميزان التجاري وميزان المدفوعات السعودي حيث أن تغطية المشروع لنسبة جيدة من الطلب المحلي سيساهم في الحد من الاستيراد وبالتالي الحد من تدفق العملات الأجنبية الى الخارج، كما أن توجيه المنتجات إلى التصدير سيساهم في زيادة تدفق النقد الأجنبي وبشكل خاص العملات الصعبة إلى السوق المحلي, ولكن نلاحظ أن مجلس الوزراء الموقر قد نص على عبارة نسبة جيدة ولم يحدد هذه النسبة رقمياً مما قد يتيح الفرصة للاجتهاد الذي قد يفقد هذه الخاصية أهميتها المنشودة, وأخيراً ألا يرى معي القارئ الكريم أن جميع المشروعات المرخصة يجب أن تكون بهذه الصفة؟ وإذا كنا نريد تحقيق هذه الصفة على أرض الواقع فلماذا لا يتم صياغة ضوابط محددة تقوم أساساً على تفعيل دور دراسات الجدوى في تحديد مصير المشروعات الاستثمارية المطلوب ترخيصها وعلى معايير محددة تهتم بوصف دور هذه المشاريع في تحقيق الاكتفاء الذاتي أو قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية؟ ثم هل اشتراط مثل هذه الخاصية إشارة إلى الازدواجية والتعددية غير المنطقية في الكثير من مشاريعنا الاستثمارية؟
3 أكد مجلس الوزراء الموقر على أهمية تحقيق الترابط الرأسي والأفقي بين القطاعات الاقتصادية والمنتجات السعودية المختلفة حيث أكد على أهمية اعتماد منتجات المشروع المرشح للجائزة على مواد أولية منتجة محلياً أو اعتماد مشروعات أخرى على منتجات المشروع المرشح للجائزة, وهذه الصفة أو الخاصية تستهدف خلق سوق محلي للمنتجات المحلية وخلق عرض مناسب للمواد الأولية المطلوب من قبل المشاريع الوطنية من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي المطلوب لحماية السوق المحلي من التقلبات السياسية والاقتصادية التي قد تعيق تدفق السلع الأولية والنهائية عبر الحدود الدولية, وهنا أيضاً نشير إلى أنه لو تم الاهتمام بتخطيط المشروعات الاستثمارية ولو تحقق التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بمنح التراخيص لهذه المشاريع لأمكن تحقيق هذه الخاصية دون الحاجة إلى منح المشروع جائزة رمزية قد لا تؤثر في القرار الاستثماري للمستثمر الذي لا يهتم في نهاية الأمر سوى بتعظيم ربحه.
4 أهمية العمل على نقل وتوطين التكنولوجيا حيث أكد المجلس على ضرورة استخدام المشروع المرشح للجائزة لتقنيات الانتاج الحديثة التي تساعد على نقل وتوطين التقنية, وهنا أعتقد ان هذه الخاصية تمثل أحد أهم المواصفات التي يجب توفرها ليس في المشروع المرشح للجائزة فحسب ولكن في كل مشاريعنا الاستثمارية لأهمية نقل وتوطين التقنية في تحقيق النقلة النوعية المنشودة لاقتصادنا المحلي، ولكن يجب أن نشير أيضاً إلى أنه ليس كل أسلوب تقني مطلوب وليس كل تقنية مناسبة مما يعني ضرورة العمل على تحديد المناسب والمطلوب من التقنية قبل ان نحكم على مساهمة هذا المشروع أو ذاك في نقل التقنية حيث أن من الممكن أن يكون ضرر المشروع الناقل للتقنية غير المناسبة أكثر من نفعه.
إشارة: نلاحظ أن القرار الخاص بسن الجائزة لم يتضمن آلية التنفيذ ولم يحدد الجهة المعنية بتحديد المشروعات الاستثمارية المرشحة وعليه أتمنى أن تقوم الأمانة العامة لمجلس الاقتصاد الأعلى بهذه المهمة لكون المجلس يضم في عضويته جميع الوزارات ذات العلاقة ويمتلك من الامكانات الإدارية والعلمية ما يكفل حسن الاختيار بعيداً عن التحيز للمشاريع ذات الأغراض المختلفة.
لإشارة 1: إذا كنا نهدف من وراء هذه الجائزة الى تشجيع المستثمرين المحليين على اختيار المشاريع التي تحقق الأهداف العامة لاقتصادنا المحلي فإن من واجبنا أيضاً ان نحاسب المشاريع الأخرى التي تتجه في اتجاهات لا تخدم المصلحة ولا تحقق الأهداف المرسومة, ولعلي بذلك أشير إلى رجال الأعمال الذين أكدوا بكل تبجح أثناء الحوار الذي تم بين رجال الأعمال ووزير العمل استعدادهم لنقل مشاريعهم الى الخارج بغية تلافي التنظيمات الإدارية والعمالية التي تهدف الى تحقيق مصلحة الوطن, لقد تناسى هؤلاء أنهم هم أصحاب الحاجة الى هذا البلد وان السوق السعودي هي السوق الأهم لمنتجاتهم على المستوى الإقليمي وبالتالي فإن هروبهم إلى الخارج لا يعني أنهم قد أضروا بالبلد ولكنهم بالفعل أضروا بأنفسهم وبوطنيتهم التي هي مصدر عزهم.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولـــــــــــــــى
محليــــــــــــــات
مقـــــــــــــــالات
المجتمـــــــــــــع
الفنيـــــــــــــــــة
الثقافية
الاقتصـــادية
مشكلة تحيرني
منوعــات
تغطية خاصة
تقارير
عزيزتـي الجزيرة
الريـــــــاضيــــة
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved