** كتب الجزيرة
اذا كانت رقائق الكمبيوتر المصنوعة في تايوان سريعة، فان تنظيف واصلاح مصانع هذه الرقائق بعد الزلزال الهائل الذي ضرب تايوان مؤخراً كان اسرع! واذاكان الزلزال قد اثار توقعات بشأن قدرة المصانع على استعادة طاقتها الانتاجية والوفاء بالتزاماتها، فان العاملين في مصانع شركة تايوان لصناعة اشباه الموصلات قد اعادوا الثقة الى العملاء واكدوا ان قطاع صناعة الرقائق التايوانية لم يتضرر كما تضرر غيره من القطاعات الاخرى.
وكانت أنباء الزلزال الذي ضرب تايوان قد جعلت المستثمرين ومديري شركات تجارة الالكترونيات في جميع انحاء العالم يلجأون الى آلاتهم الحاسبة لتقدير احجام الاضرار المتوقعة.
فقد كان توقف توريد الرقائق من تايوان لمدة اسبوعين قادراً على تشويه صورة المبيعات والارباح في كل شيء ابتداء من اجهزة الكمبيوتر الى الهواتف الجوالة الى آلات غسل الملابس, اذ تنتج مصانع تايوان 4,4 في المائة من الرقائق التي يجري انتاجها في العالم سنوياً، ولكنها تمثل 56 في المائة من صناعة الرقائق المرتبطة بصناعة اخرى خارج تايوان اذ تصنع رقائق خاصة تستخدم بشكل حيوي في عشرات المنتجات غير اجهزة الكمبيوتر.
ولكن على الرغم من الخسائر البشرية والمادية في تايوان، فانه من المتوقع ان تكون خسائر صناعة الرقائق التايوانية على المدى البعيد صغيرة, وكانت شركة تايوان لصناعة اشباه الموصلات والتي اضطرت الى التخلص من 28 الف رقاقة سيليكون، تتوقع ان تخسر انتاج 13 يوماً، بما قيمته حوالي 88 مليون دولار من العائدات، وقد بدأت اثار التعافي تظهر بعد 15 دقيقة من انتهاء الهزة الارضية التي ضربت تايوان حوالي الساعة الواحدة وسبع واربعين دقيقة من صباح 21 سبتمبر الماضي، فقد تجمع حشد من مديري شركة تايوان لصناعة اشباه الموصلات تحت المطر خارج المصنع وخلال ساعات كانوا يخبرون الزبائن عما يتوقعونه.
وقد مر يوم كامل قبل ان يتمكن المهندسون من دخول المصانع، وفي البداية حذر مسؤولو المرافق المهندسين من ان اعادة الطاقة الكهربائية للمصانع قد يستغرق عدة اسابيع، وهو امر غير مقبول، وقال رئيس الشركة: لو كنا قد اضطررنا لاغلاق المصانع فلا اعرف كيف كنا سنستعيد مصداقيتنا مع العملاء.
وقد قضى المسؤولون عدة ساعات وهم يتحدثون مع كبار مسؤولي الحكومة، ومن بينهم رئيس الوزراء فينسنت سيو ويشرحون له انهم يحتاجون الى 25 في المائة من الطاقة الكهربائية فقط حتى تعود المصانع الى حالة الاستقرار, وبعد ذلك بيومين حصلوا على 25 في المائة من الطاقة وكذلك بدأت الشركة بمعاونة شركات اخرى لصناعة الرقائق في توفير الطاقة للمنتزه الصناعي.
وفي الوقت الذي تعامل فيه المديرون مع المرافق وبيروقراطي الحكومة، نظم رئيس الشركة عمليات اصلاح الآلات الحساسة مثل الآلات التي تطبع الدوائر الكهربائية بالكبس على السيليكون مؤتمراً وكانت كبرى المشاكل التي واجهت فريق الاصلاح هي كيفية ازالة الكوارتز المتكسر داخل افران السيليكون.
وبالعمل مع شركات صناعة رقائق اخرى، اعدت الشركة نظاماً لتوزيع النيتروجين على خمسة مصانع، وهكذا نجحت في توسيع ما يكفي لثماني ساعات بحيث يكفي ل 24 ساعة عمل وبمجرد استعادة الطاقة الكهربائية تسارع العمل، وجرى العمل على تنظيف كل فرن من افران اعداد السيليكون تنظيفاً تاماً، ولان اقل حركة خطأ كان من الممكن ان تسبب عطلاً في الآلات، كان لابد ان يعاد ضبط هذه الآلات من جديد, وقد بدأ المهندسون العمل على مدار الساعة، واقاموا معسكراً خارج المكاتب طوال الليل.
ولم تنتظر الشركة حتى تعود الطاقة الكهربائية الكاملة، بل عملت ب 10 في المائة من الطاقة من المولدات الاحتياطية، وبدأت عمليات تنظيف الافران، وتقليص عدد الساعات الحرجة، ولو كان مثل هذا الامر في الولايات المتحدة لربما انتظر المهندسون حتى عودة الطاقة كاملة للبدء في عمليات التنظيف.
ولكن بعد اسبوع استعاد اربعة مصانع 90 في المائة من طاقتها الانتاجية الكاملة, وقد ادى هذا العمل البطولي الى تخفيض الشركة للزمن الذي توقعت في البداية ان تستغرقه عمليات التنظيف والاصلاح.
وصرح رئيس الشركة بأنه يأمل في ان يكون اداء المهندسين والعاملين قد اعاد الطمأنينة الى العملاء بعد ان افقدهم الزلزال الثقة في صناعة الرقائق.